أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
حزب الله يستهدف ثكنة زبدين الإسرائيلية إصابة 61 جنديا إسرائيليا بمعارك غزة منذ الأحد الماضي وزير الخارجية يجدد دعوته إلى وقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل الاحتلال يمنع مئات المسنين من الدخول للأقصى أسعار النفط تحقق مكاسب شهرية بأكثر من 7 بالمئة فيتو روسي ينهي مراقبة نووي كوريا الشمالية بلدية غزة تحذر من انتشار أمراض خطيرة بفعل القوارض والحشرات الضارة أسعار الذهب تسجل أفضل أداء شهري في 3 سنوات مؤشر نيكي يسجل أكبر مكاسب من حيث النقاط في السنة المالية أوكرانيا تعلن إسقاط 84 من أصل 99 صاروخا ومسيّرة أطلقتها روسيا تلاسن حاد بين نتنياهو وغانتس باجتماع حكومة الحرب وزارة الصحة في غزة: 7 مجازر إسرائيلية تسفر عن 71 شهيدا فلسطينيا خلال 24 ساعة زلزال الإسكندرية .. هزة ارتدادية من اليونان تفزع سكان عروس البحر المتوسط. الأسهم العالمية تسجل أفضل أداء لربع سنوي أول في 5 أعوام. منح ولاية ماريلاند 60 مليون دولار لإعادة بناء جسر بالتيمور المنهار الجيش الأمريكي يدمر 4 طائرات مسيّرة يمنية. الاقتصاد الرقمي تحجب 24 تطبيق نقل ذكي غير مرخص في الأردن انفجارات عنيفة في مواقع البنية التحتية بأنحاء أوكرانيا المقاومة شنت 70 هجوما على الاحتلال في مجمع الشفاء مسؤولة أممية تبحث مع مسؤولين اسرائيليين توسيع المساعدات الإنسانية إلى غزة
الصفحة الرئيسية آراء و أقلام هل صدقت مزاعم هوليوود حول العربي الفاسد؟!

هل صدقت مزاعم هوليوود حول العربي الفاسد؟!

15-02-2010 09:50 AM

كنا نعيب على أفلام هوليود منذ عقود طويلة تفننها في إلصاق أفظع الأوصاف بالعربي، فهو في مشاهدها عموماً متخلف وشره وفاسد وشبقي ولص ومتسلط ومخادع وخوّان وكذاب... إلى آخر سلسلة لا تكاد تنتهي من النعوت المغرقة في التجريح والسلبية والإيذاء. وبطبيعة الحال، ولاعتبارات تتعلق بالانتماء إلى العروبة ورفض إقدام جهات أجنبية مشكوك في أغراضها على وصف قومه بكل تلك الصفات المسيئة، كان المرء يهاجم تلك الأفلام ويجتهد في تكذيبها ودحض ما تحاول إقناع العالم به من مزاعم وادعاءات بخصوص الطبيعة المنحطة لشخصية الإنسان العربي.
لكن المرء كان يفعل ذلك ويحامي عن نفسه وعن أبناء جلدته وهو يشعر بشيء من تأنيب الضمير والمكابرة والابتعاد عن الموضوعية والتجرد، فلم يكن الأمر يتطلب الكثير من النباهة أو الذكاء أو التدقيق كي يدرك أن تلك السمات الشائهة التي تطلقها أفلام هوليود على العرب تنطبق بالفعل على كثير منهم، وبخاصة ممن يربضون على أكتاف مواقع المسؤولية وصنع القرار في وطننا العربي المبتلى بنخبه الفاسدة.
أخبار فضائح أهل السياسة العرب تجعل المطلع عليها يستعيد إلى ذهنه مرغماً الصور النمطية الشاذة التي دأبت هوليود على تقديمها، ومع أن سيدة مدائن السينما العالمية كانت تحرص دائماً على المبالغة في تجسيد تلك الصور وتبهيرها وتضخيمها، إلا أنني أخشى القول إنها كانت تستند في كثير من الحالات إلى نماذج عربية واقعية يمكن رصدها ومشاهدتها هنا وهناك. وببحث سريع على شبكة المعلومات حول فضائح الأعراب في مختلف أرجاء المعمورة، وبخاصة في مدن السراب وناطحات السحاب، يستطيع الواحد أن يتيقن من كثافة وجود تلك النماذج المشينة، التي تمنح الغرب الحق والمبرر لوسم العرب جميعهم بأخبث الصفات وأوضعها.
المقلق والمزعج في الأمر أننا بتنا في الوطن العربي نتبنى قيماً ثقافية مفرطة في الكذب والنفاق والحرص على التستر ومداراة المفاسد والتغطية على مرتكبيها، فلم يعد الفساد يشكل مشكلة بذاته، لكن المشكلة صارت تكمن في اطلاع الآخرين على ذلك الفساد، الذي يبدو وكأننا على أهبة الاستعداد لارتكاب سلسلة لا تكاد تنتهي من الأخطاء، وربما الخطايا، لإخفائه وعدم الاعتراف بوجوده، وكأن العقل العربي الجمعي يؤمن بالمقولة الشعبية: \"قحبة مستورة ولا حرة مفضوحة\"؛ إذ يستطيع المرء أن يفعل كل الشرور والموبقات والمنكرات دون أي وازع من ضمير أو دين أو أخلاق أو قانون، شريطة أن تبقى مخازيه في العتمة والخفاء بعيداً عن أن تطالها أعين الناس وألسنتهم.
الفضيحة الأخيرة التي فجرها محقق فلسطيني على شاشة القناة العاشرة في تلفزيون الكيان الصهيوني حول تورط معظم كبار رجالات السلطة الفلسطينية في أنشطة فساد مالي وأخلاقي، تؤكد مع الأسف الشديد صحة ما تقدم قوله. ومع أن تلفزيون العدو ليس هو المكان الأمثل لاتخاذه منبراً لنشر فضائحنا وقذاراتنا التي يندى لها الجبين، إلا أنني أظن أن المحقق الجريء لم يكن ليجد شاشة عربية واحدة تقبل المغامرة بنشر ما زود به شاشة \"إسرائيل\" من وثائق ومستندات وأفلام. ومع أن الله وحده يعلم الدوافع الحقيقية لما أقدم عليه ذلك المحقق، غير أن المسألة لا تتعلق حتماً بتلك الدوافع أو بمكان النشر، قدر تعلقها بطبيعة المنشور وصدقه، فالفاسد يستحق الفضح والتشهير والتجريس في كل مكان، وجبن حقيقي وتواطؤ رخيص أن يحاول البعض تمييع الموضوع وتحويل قضية مكان نشر الفضائح المكشوف عنها إلى القضية الأساسية، في مسعى مشبوه لصرف الأنظار عن وجوه الفاسدين وهوياتهم وخطورة ممارساتهم.
كلنا يعرف أن الكيان الصهيوني لم يتورع يوماً عن استغلال كل الوسائل وأرخصها وأحطها من أجل ابتزاز الناس وتوريطهم في خدمة أهدافه الخبيثة، لكن ذلك الكيان لم يتستر يوماً ـ فيما نعلم ـ على فاسد فيه، فكان الباب مفتوحاً فيه على مصراعيه دائماً لجرجرة أهم الشخصيات إلى محاكم التشهير والقصاص؛ إذا ما توجهت إليها أصابع الاتهام بدعوى خرق قانونهم والانحدار إلى ممارسة الفساد، ولو في أبسط أشكاله ومعانيه. وأظن أن قضية تحرش الرئيس السابق لذلك الكيان بإحدى موظفاته ما تزال مثارة هناك تنتظر البت فيها؛ ما يعني أن المنصب الخطير للرجل لم ينجح في العمل على لفلفة القضية أو إسدال ستار التعتيم عليها.
في المقابل، نجد رئيس السلطة الفلسطينية ـ المنتهية ولايته ـ يهدد بتقديم استقالته إذا لم يتوقف تلفزيون الكيان الصهيوني عن نشر وقائع الفضيحة، التي لم ينشر منها حتى الآن بالمناسبة إلا أولى حلقاتها. والواقع إن موقف عباس يثير أشد صور التعجب والشك والاستهجان، فبدلاً من أن يعمد \"الرئيس\" إلى أخذ مزاعم المحقق المسنودة بالأدلة والوثائق الدامغة على محمل الجد، بعد أن وصلت إليه نسخة منها، والضرب بيد من حديد على عصابة الأشرار الذين يتحلقون حوله ويعيثون في فلسطين فساداً، نراه يهدد بالاستقالة، في حركة قد لا توحي إلا بالرغبة في طي صفحة الفضيحة والتكتم عليها، تمهيداً لإجراء تحقيقات داخلية بائسة، يعلم الجميع أنها لن تسفر في أفضل الأحوال إلا عن الإطاحة ببعض أكباش الفداء الهزيلة، تماماً كما يحدث في كل حالة عربية تشهد تململ الناس من فوحان رائحة الفساد النتنة بين أوساط الساسة والنخب.
يظهر أنني سأعيد مشاهدة أفلام هوليود حول العرب بعين جديدة؛ إذ يبدو أن تلك الأفلام تقدم عن العربي، وبخاصة في عوالم السياسة، صورة أصدق وأعمق بكثير من تلك الصور المفبركة التي تحاول وسائل الإعلام العربية الكاذبة فبركتها وتلفيقها، ففي وطننا العربي الكئيب، \"ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس\"، وليس لبيئتنا العربية التي تختنق بكل أشكال الفساد وأفظعها إلا أن تنتج نماذج مبدعة في تمثل الفساد وتمثيله، ربما كانت الشخصيات الممسوخة التي تبتكرها هوليود مجرد تقليد باهت ومصغر لها.

د. خالد سليمان
sulimankhy@gmail.com





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع