بر الوالدين رسالة للولد والوالدين
يكثر اللغط والاستغلال من قبل البعض لمفهوم بر الوالدين ويخوضوا في تعريفات شتى وتصرفات وألفاظ عدة يستخدمونها وحجج لا تعين بل تزيد الهوة وتزرع الفرقة بتشدقهم بها.
البر تلك الكلمة التي يجهل بعض الناس معناها فأجد أنه لا بد من توضيحها ليسهل فهمها من ذكر الايات التي تتناولها :
• قال تعالى: " وبراً بوالديه ولم يكن جباراً عصياً "(مريم:14)
• قال تعالى : " وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقياً" (مريم:32)
• قال تعالى : " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغان عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً "(الإسراء:23)
• قال تعالى : " واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيراً" (الإسراء: 24)
• قال تعالى : " ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما إلي مرجعكم فأنبأكم بما كنتم تعملون" ( العنكبوت:8)
• قال تعالى : "ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير* وإن جهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علماً فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبأكم بما كنتم تعملون " ( لقمان:14،15)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أعينوا أبنائكم على بركم "
وقصة الوالد الذي حضر إلى رسول الله بعد أن استدعاه بسبب شكوى ابنه عليه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن نزل جبريل يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يسأل الرجل عن الكلمات التي قالها بنفسه ولم يتلفظ بها فأجاب ذلك الوالد لرسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله والذي زادنا بك إيماناً قلت:..........
وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم حق الولد على والده أن يختار له أماً مسلمة وأن يختار له اسماً طيباً وأن يعلمه القرآن وأمور دينه وبهذا يكون أعان نفسه بأن لا يعقه ابنه .
فنجد أن معاني كثيرة غابت وتغيب في أسرنا للأسف لا بد من التركيز عليها؛ لنصلح ما ألم بنا من آلام وأحزان ناتجة عن التقصير بها وإغفالها، فلا بد من:
1. مراعاة هذه الأخلاق الفاضلة من خلال :
أولا التربية والتنشئة الإسلامية: تبدأ بأن يكون الإنسان ربّي على الحلال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث استجابة الدعوه :"... مأكله حرام ومشربه حرام وغذي من حرام فأنى يستجاب له؟! "
وثانيها أن يختار الزوج الزوجة الصالحة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إياكم وخضراء الدمن " وقال عليه السلام :"تنكح المرأة لأربع مالها وجمالها وحسبها ونسبها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك" لأن ذات الدين هي التي تعينه على عبادة الله وتقول له لا تدخل علينا رزقا إلا حلال وتصبر معه ولا تكلفه ما لا يستطيع . وثالثا يرعيا أولادهما حق الرعاية وكما قال الحبيب المصطفى "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ، فالزوج راع ومسؤول عن رعيته والمرأة في بيتها راعية ومسؤولة عن رعيتها .
ومن رعايته ايضا لابنه ان يختار له الاسم الطيب الجميل في المعنى والمضمون واللفظ ويعلمه على الصلاة من خلال القدوة الحسنة والاصطبار ويعلمه القرآن قراءة وأحكام تجويده .
2. المعاملة بدون تمييز بين الأبناء وإعطائهم الحرية المسؤولة ومشاركتهم الآراء وتوجيههم وعدم حرمانهم من الميراث أو يتغول جنس على آخر وتوجيههم بالأخلاق النبيلة والحكمة وبهذا يصلان إلى بر أولادهما لهما ويعينوهما على برهما .
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصعد درجات المنبر ويقول: أمين أمين أمين ،فلما سئل عن ذلك قال :"جائني جبريل وقال لي على الدرجة الأولى خاب وخسر من أدرك والديه أو أحدهما ولم يدخل بهما الجنة فقل يا محمد أمين فقلت أمين وفي الدرجة الثانية خاب وخسر من أدرك شهر رمضان ولم يغفر له فقل يا محمد أمين فقلت أمين وفي الدرجة الثالثة خاب وخسر من إذا ذكرته عنده ولم يصلي عليك فقل يا محمد أمين فقلت أمين ".
أما رسالتي إلى كل أخ وأخت يقيم والديه عنده :
ان يشكر نعمة الله عليه ان منحه فرصة اقاماتهما او احداهما عنده
بأن يستعطف قلب والديه على إخوانهم وأخواتهم الغائبين من خلال ذكره هؤلاء بما لا يقسي قلبا والديه عليهم ويتعذر عن اخوته الغائبين بما لديهم من ظروف اصابتهم لكي لا يسارع والديه إلى الغضب والدعوة عليهم ، وهنا يجب الا يظن أنه بذلك لا يكسب رضاهم وينال الأجر العظيم، وعكس ذلك تكون مفسده كبيرة بدل من اجتهادهم بالدعوة لاخواتهم للرجوع إلى الله وأن يطلبوا لهم الهدايا وأن يخلصوا لله بحسن الدعاء بان يرضوا والديهم عليهم، ألا اننا نجد بعض منهم يقوم وهم يعرفون ظروف إخوتهم وأخواتهم بتغويل قلبي والديه على إخوته وبدلا من ان يعينوهم على بر الوالدين من خلال زيارتهم وحثهم على التقرب إلى والديهم فإن كانوا صادقين في مسعاهم حقق الله على أيديهم رجاهم وعلى الإنسان أن لا يظن أنه بار بوالديه فعليه أن لا يزكي نفسه على الله فربما هو مقصر بحقهم ويجير ذلك على إخوته فعليه أن يسعى جاهداً لبر والديه هو بما يستطيع ويعين غيره من اخوته على ذلك فالبر بالوالدين لا يسقط ببر أحدهم لوالديه بل البر مطلوب من كل ابن وابنه اتجاه والديه بما يستطيع ويقدر والله الموفق.
قاسم محمد أمين القضاة
qasemqoudah@gmail.com