قد يعتبرني البعض بعد هذا المقال اني محارب للإصلاح ولمكافحة الفساد المنادى به ومؤيد للفساد وللمفسدين.. ولكني بهذا المقال اردت ان اعلق بعض الشيء على ما يسمى اغتيال الشخصيات.!
قد برزت ظاهرة اغتيال الشخصيات مؤخرا .. حيث يتم اطلاق التهم على فلان وفلان بأنه فاسد وبأنه عمل وقام بالعديد من الأمور الفاسدة دون أن يملك ضدهم أي دليل يثبت أن هذا الشخص فعلا فاسد وقام بممارسة الفساد.
انني لا ادعي عدم وجود فساد ومفسدين في الأردن .. وتفشيه في العديد من القطاعات العامة والخاصة .. وبشتى اشكال الفساد سواء اداريا او ماليا .
ولكن باعتقادي ان قضية اتهام اشخاص بأنهم مفسدين بدون ادنى دليل على فسادهم هي قضية تؤدي الى تفشي الفساد بشكل اكبر.
يقال دائما ان المتهم بريء حتى تثبت إدانته.! ... ولكن للأسف في الأردن المتهم متهم حتى لو لم تثبت إدانته.!!!
والمصيبة الأعظم هي ان اشخاصا يتكلمون وبكل جرأة ان فلان فاسد .. وعندما تسأله ما الفساد الذي ارتكبه .. يقول بكل بساطة .. ( كل الناس بتقول عنه فاسد ) !!! ..
ان تخرجي من تخصص العلوم السياسية ومتابعتي للعديد من الأفلام الوثائقية والسياسية خاصة .. والتي تكشف قضايا مضى عليها العديد من السنوات .. توصلت لفكرة قد لا تكون صحيحة 100% .. وهي أن جميع من الأمور التي تجري والتي تكون ظاهرة للجمهور .. ليست سوى تمثيلية ترسم بشكل دقيق .. يكون هدفها جعل الأفراد تصديق أمور غير صحيحة تماما وليست دقيقة. وتكون للوصول لغاية معينة .. مهما كانت هذه التمثيلية مضرة بالأخرين.! ..وللأسف ان العديدين يندفعون عاطفيا اكثر ما يندفع عقليا .. مما يساعد صاحب التمثيلية المرسومة ان يحقق مبتغاه.!.. وأن لعبة السياسة ... هي لعبة تكون قمة في الخبث لمن يتقنها ويمتلك وسائلها ودوافعها
...ابرزها هي المصالح وخصوصا المادية ..
إن ما يجهله البعض .. مدى تأثير أشخاص الظل في قضايا عامة وفي قضايا الرأي العام .. ورغم تعدد وسائلها الا انها تؤدي الى توجيه الرأي العام لقضية معينة او محاربة اشخاص معينين..!
وأحيانا كثيرة تصدف ... ان من يدير الرأي العام نحو قضية معينة هو الرأس المدبر للمصائب التي يلقيها على ظهر الأخرين ..
ورغم ان البعض قد يقول ان الدلائل كلها تؤكد ان الشخص المتهم بالفساد هو فاسد .. ولكن افتقار هذه الأدلة ... للأدلة الملموسة التي تؤدي الى تثبيت التهمة ضده .. هي تهمة باطلة .. وهو اغتيال للشخصية ..
وبما أن الحكومة عدلت قانون هيئة مكافحة الفساد الذي يعاقب كل من يقوم بالإساءة لسمعة أي شخص او يمس كرامته بإشاعة أو إيعاز .. قد اثار حفيظة الكثير واعتبروه انه ستار على الفساد والمفسدين .. إلا أنني أنا أؤيد هذا القانون تماما .. لأن قضية اغتيال الشخصيات واطلاق الاشاعات على شخصيات عامة من دون وجود الأدلة والبراهين الواقعية .. هو قمة الفساد.!
انني فعلا مع محاربة الفساد .. ولكن بطريقة تكون ابعد عن التشهير والقذف بأشخاص قد لا نعلم من هم... إلا عن طريق الإعلام وما يرسمه البعض عنه! .. فـلنكـن منطقيين وواقعين.. ونرى الصورة كما هي فعلا .. ليست كما ترسم عن طريق مخرج التمثيلية الذي يعلم كيفية التأثير بالأخرين ..
في النهاية ان مقالي هذا ليس دفاعا عن أحد او تهجم على من يطالبون محاربة الفساد والمفسدين.. ولكنه فقط دعوة لمحاربة الفساد بأسلوب أقرب للتمدن والتحضر .. بعيد عن اغتيال الشخصيات التي قد تتهم بغير وجه حق .. !