أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
الجمعة .. انخفاض آخر على الحرارة ضربة إسرائيل لـ إيران ترفع أسعار الذهب الفورية إلى مستوى قياسي جديد وتراجع الأسهم وارتفاع أصول الملاذ الآمن دوي انفجارات عنيفة بمدينة أصفهان الإيرانية وتقارير عن هجوم إسرائيلي الأردن يأسف لفشل مجلس الأمن بقبول عضوية فلسطين بالأمم المتحدة وظائف شاغرة في وزارة الاتصال الحكومي (تفاصيل) الاردن .. كاميرات لرصد مخالفات الهاتف وحزام الأمان بهذه المواقع هل قرر بوتين؟ .. أوروبا تهرع لإحباط مؤامرة لاغتيال زيلينكسي هفوة جديدة تثير القلق .. بايدن يحذّر إسرائيل من مهاجمة حيفا هل سيستمر الطقس المغبر خلال الأيام القادمة .. تفاصيل حماس تعلق على فيتو واشنطن المشاقبة: إسرائيل دولة بُنيت على الدم والنار هل أعطت إدارة بايدن الضوء الأخضر لنتنياهو بشأن اجتياح رفح؟ الحوارات: مواجهة العدو لا تكون بالرصاص وإنما بالعقل القسام تعلن تفجير عيني نفقين بقوات للاحتلال طائرات الاحتلال تهدي ملاك هنية صاروخًا قاتلًا بدلًا من كيس الطحين إسرائيل تهنئ أميركا على إسقاطها منح فلسطين عضوية الأمم المتحدة. المنتخب الأولمبي لكرة القدم يخسر أمام نظيره القطري. وزير خارجية أيرلندا: أشعر بخيبة الأمل من نتيجة التصويت بمجلس الأمن على عضوية فلسطين. وزارة الدفاع الإسرائيلية تؤيد إغلاق قناة الجزيرة واشنطن: متفقون مع تل أبيب على ضرورة هزيمة حماس
الصفحة الرئيسية أردنيات "مصدر رفض ذكر اسمه" .. وسيلة...

"مصدر رفض ذكر اسمه" .. وسيلة للتحايل على غياب الشفافية إلى الفبركة الصحافية

18-06-2011 10:54 AM

زاد الاردن الاخباري -

في تموز (يوليو) من العام 2003، وبعد أيام من انكشاف أنه كان المصدر الذي سرّب إلى هيئة الإذاعة البريطانية المعلومات المتعلقة بـ"تلاعب" الحكومة البريطانية بملف أسلحة الدمار الشامل في العراق، عُثر على جثة خبير الأسلحة البريطاني ديفيد كيلي (59 عاماً) في غابة قريبة من منزله، وقد قُطعت عروق يده اليسرى.

انتحر كيلي نتيجة للضغوط النفسية التي أوقعت عليه بعد انكشاف أنه كان مصدر معلومات مفادها أن الحكومة البريطانية قد "بالغت" كثيراً في مسألة خطر أسلحة الدمار الشامل في العراق، وذلك لتبرير مشاركتها في الحرب عليه، ما سبب الكثير من الحرج للحكومة البريطانية، بحسب نتائج تقرير التحقيق في الحادثة.

ورغم أن تحقيقات وزارة الدفاع البريطانية هي التي قادت إلى معرفة هوية مسرب المعلومات، فيما التزمت الـ(BBC) بتعهدها عدم إفشاء سرية المصدر، ولم تؤكد ذلك إلا بعد يومين من وفاته، إلا أن هذه الحادثة هي مثال على الأذى الذي يمكن أن يلحق بمصدر معلومات سري، فيما لو كُشفت هويته. 

لهذا تنص الكثير من مواثيق الشرف الصحافية في العالم على واجب الصحافي، وحقه أيضاً، في الحفاظ على سرية مصادره، حماية لها من الأذى النفسي أو الجسدي أو المهني الذي يمكن أن تتعرض له.

كما أن المحافظة على سرية المصادر، تضمن استمرار تدفق المعلومات إلى الصحافة. وعلى امتداد عقود ظلت المصادر غير معلنة الهوية مصدراً ثريا لمعلومات ما كان بإمكان الصحافيين الحصول عليها من دون أن يكون لدى أصحاب هذه المعلومات ضمانات حقيقية بعدم الكشف عن هوياتهم.

مصدر سريّ أيضاً، هو الذي سرّب للصحافيَين بوب ودورد وكارل برنيستين المعلومات المتعلقة بقضية التنصّت، التي أطاحت العام 1974 بالرئيس الأميركي نيكسون، في فضيحة ووترغيت الشهيرة، ولم تعلن هويته إلا في العام 2005، عندما قام هو نفسه بكشف الحقيقة في مقابلة مع مجلة أميركية، وكان وقتها في الحادية والتسعين من العمر.

إخفاء هوية المصدر يجب أن تحكمه معايير مشدّدة أردنياً، خدمت المصادر المخفية الصحافة الأردنية كثيراً، وفق الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية محمد أبو رمان، الذي قال إن "جميع الأخبار المهمة تقريباً جاءت من مصادر مخفية".

بحسب أبو رمان، فإن هذا النوع من المصادر يكون أحياناً "المنفذ" الوحيد إلى المعلومات أمام الصحافيين، وهو أمر يعمّقه كما يرى "غياب الشفافية الحكومية، والعقلية الرسمية التي ما تزال تتعامل مع الإعلام بمنطق المرعوب من حريته".

لكن المراقب للأداء الإعلامي يجد أن هناك الكثير من التوسّع في اعتماد المصادر مجهولة الهوية، لدرجة أنها باتت تمثل ظاهرة في الصحافة بشقيها: الورقي والإلكتروني، وإن بتفاوت واضح بين الاثنين. ووفق مسح عشوائي وسريع للمحتوى الإعلامي في عينة من الصحف اليومية والمواقع الإلكترونية الأردنية خلال الثلاثين يوما الماضية أجرته "الغد" فإنه، تمّ إسناد 134 خبراً إلى مصادر مجهولة، 36 منها في صحف يومية، والباقي في مواقع إلكترونية.

بالتأكيد فإن الأمر يحتاج إلى أدوات بحثية أكثر توسّعاً ودقة، ولكن هذه النتيجة تصلح على الأقل كمؤشر أولي على حجم "الظاهرة" بشكل عام، وهي من ناحية أخرى تدلّ على أن التوسّع فيها هو في الإعلام الإلكتروني بشكل أساسي، حسب نتائج الدراسة.

هذه الأخبار تمحورت بشكل أساسي حول قضايا الفساد، ولكنها طالت أيضا موضوعات مثل قانون العفو العام، وهيكلة الرواتب، وتأسيس حزب جديد، وإجراءات لدعم الخبز، وانتخابات نقابية، وكشف شبكة دعارة، وتعاقد ناد رياضي مع مدرب جديد.

ومن الطرائف أن في أحد الأخبار، كان المصدر المخفي هو "الناطق الإعلامي" باسم طلاب مدرسة تظاهروا لإسقاط مديرهم، وفي تحقيق عن ظاهرة العنف في المجتمع كان الباحث الاجتماعي الذي أدلى برأيه في القضية مصدرا مخفيا.

هل هذا التوسّع مبرر؟

لا يرى أستاذ الإعلام في جامعة البترا، ورئيس قسم الصحافة فيها الدكتور تيسير أبو عرجة ذلك، فوفق المعايير الصحافية المعترف بها، والتي تؤكد عليها كافة معاهد الإعلام في العالم كما يقول، فإن الأصل أن يسند الخبر إلى مصدر معروف "هذا يعطي الخبر مصداقية  أكبر في نظر القارئ، والمصداقية هي الركن الأهم في أي خبر صحافي".

كما أن المصدر معلوم الهوية، كما يقول أبو عرجة، سيتحمّل مسؤولية ما يقول، وهذا "سيدفعه إلى تحرّي أقصى درجات الدقة في ما يقدمه من معلومات، ويمنعه بالتالي من تضليل الصحافي لتحقيق مصلحة ما".

ومن هنا فإن إسناد الخبر إلى مصدر مجهول يجب أن يكون، كما يضيف أبو عرجة، في "حالات محددة جداً"، هي الحالات التي يمكن لكشف هوية المصدر أن يتسبب في أذى من أي نوع، وهو ما لا يرى أنه ينطبق على كثير من الأخبار المنسوبة إلى مصادر مخفية، وهذا "يثير الشكوك، إذ يدفع القارئ إلى الاعتقاد بأن المصدر المجهول هو غطاء على الفبركة".

من هنا فإن هناك معايير مهنية متشددة تلتزم بها الصحافة الجادة عند إخفاء هوية المصادر. مثلا يشدد إعلان مبادئ وأخلاقيات الصحافة الاستقصائية، للجمعية الكندية للصحافيين، على أن ذلك يجب أن يكون "فقط" في الحالات التي يتعرض فيها المصدر لـ"أذى أو مشقة شخصية من قبيل فقدان الوظيفة أو خطر العصابات المنظمة".

ويلزم الإعلان الصحافي بأن يفسر للقراء سبب حجب هوية المصدر، وأن يقدمه بأقصى ما يمكن من الدقة لهم، فيشير إلى موقعه الوظيفي وانتمائه، كما يلزمه بالتحقق من مصدر آخر، وإذا تعذر ذلك فإن عليه أن يذكر للقراء أن هذا كان المصدر الوحيد المتاح، والأهم فإن على الصحافي وفق الإعلان أن يكشف إن كان هذا المصدر متحيزا بطريقة ما، أو له مصلحة شخصية من تسريب هذه المعلومات.

التساهل في المعايير المهنية خلط للأوراق

ووفق أبو رمان، فإن هناك الكثير من التساهل في المعايير المهنية، في الإعلام الأردني، والتوسّع غير المبرر في الاعتماد على المصادر المجهولة بحسبه هو أحد مظاهر هذا التساهل، الذي يمارسه بشكل أكبر الإعلام الإلكتروني.

يرى أبو رمان أن ذلك يعتبر أمراً يجعل من بعض وسائل الإعلام أدوات للتضليل فـ"هناك الكثير من الفوضى، لأن هناك الكثير من المصالح المتضاربة، وهناك تحالفات من بعض وسائل الإعلام مع مصادر المعلومات تلك من أصحاب هذه المصالح، من الذين يمكنهم بفضل إخفاء هوياتهم من قول ما يريدون دون أن يدفعوا كلفة ذلك".

بل إن الأمر يصل لدى بعض وسائل الإعلام، كما يقول أبو رمان، إلى "اختلاق مصادر وهمية، فمع غياب أي مساءلة إعلامية حقيقية، يمكن لأي كان أن يدّعي أن لديه مصادر معلومات".

إنه وضع خلط الأوراق، وجعل الجميع يخسرون وعلى رأسهم الصحافة المهنية الجادة؛ ففي ظلّ هذه الفوضى بات الناس يتشككون حتى في المعلومات المهمة المنسوبة إلى مصادر حقيقية، خاصة بعد أن ثبت زيف الكثير من الأخبار.

يحمل أبو رمان الحكومة مسؤولية ذلك بشكل أساسي؛ فهي تتصرف مع الإعلام كما سلف بـ"عقلية عرفية وتدفع بذلك الصحافيين إلى التوجه نحو مصادر بديلة للمعلومات، لا تكون دائما أكيدة، وهذا ما يفسح المجال واسعاً أمام الشائعات والفبركات الصحافية".

من هنا فإن على وسائل الإعلام، كما يقول أبو رمان، أن تشدد على مدوناتها الأخلاقية ومعايير المهنية فيها، وأن تشدد على مصادر معلوماتها،  إذ لا يمكن الاستغناء عن المصادر المخفية، وبالتحديد في هذه الظروف التي تغيب عنها الشفافية، ولكن الاستمرار في التراخي مع المعايير المهنية، يؤدي إلى "فوضى يدفع الجميع ثمنها".

 

الغد





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع