أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
اربد .. الحبس 6 أشهر لسيدة دفعت ابنتيها للتسول إزالة 5 أطنان من النفايات في غابة برقش يومي الجمعة والسبت %60 نسبة إشغال المزارع الخاصة بالأردن استمرار المظاهرات في جامعات أمريكا رغم الاعتقالات الحكومة: الصحافة ركيزة أساسية في دعم الديمقراطية وتعزيز حقوق الإنسان الانتهاء من أعمال فتح شارع في ماحص 170 مركبة تطبيقات ذكية جديدة في الربع الأول من العام رئيس الوزراء الفلسطيني: سنقوم بكل واجب نحو إعادة التعليم في غزة بأسرع وقت دائرة الإفتاء تصدر أكثر من 39 ألف فتوى خلال شهر رمضان الحاخام المتطرف يهودا غليك يقود اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى هيئة تنظيم قطاع الاتصالات شريكٌ داعمٌ في القمة الثانية للجيل الخامس 2024 5G SUMMIT حزيران الجاري تحديد موعد وأماكن انتخابات رؤساء مجالس المحافظات ونوابهم إحباط محاولة تهريب 73500 حبة كبتاجون مخدر بمركز حدود جابر العمل: زيارات تفتيشية لـ 7539 منشأة حررت خلالها 1004 مخالفات الأردن يتقدم في عدد من المؤشرات الدولية 3 مجازر ضد العائلات في غزة لليوم 200 للحرب %85 من معاملات بيع الأراضي في عمّان أُنجزت إلكترونيا خلال يومين %39 نسبة الإنجاز بتركيب عدادات الكهرباء الذكية قطر تستورد 34 طنا من التمور الأردنية الصين تطلق أعلى مستوى إنذار في البلاد
في مئوية الدولة الأردنية.. بكاء على الأطلال
الصفحة الرئيسية مقالات مختارة في مئوية الدولة الأردنية .. بكاء على الأطلال

في مئوية الدولة الأردنية .. بكاء على الأطلال

25-12-2020 01:13 AM

يستعد الأردن للاحتفاء بالمئوية الأولى للدولة، قرن من الزمان عاشت البلاد فيه مخاضات صعبة وعسيرة حتى نجت واستمرت.

يحق للأردن أن يُسطر سرديته للصمود كمعجزة في ظل ضعف الموارد، ومؤامرات الإقليم التي أحرقت الأخضر واليابس، وأطماع الجوار في بلد صغير يتمتع بموقع جيوسياسي، وقيادة استطاعت أن تتغلب على دور وظيفي خُطط لها؛ لتبني شبكة من العلاقات الدولية قادرة على أن يُجنبها السقوط والغرق.

بعد مئة عام على تأسيس الدولة الأردنية، فإن جردة الحساب تُظهر أن أنظمة إقليمية كانت في عنفوان قوتها اندثرت واضمحلت، وأن زعماء كانوا يتربصون بهذه الدولة الصغيرة ليلتهموها أصبحوا في عِداد الماضي، وبقي الأردن على مر العقود على الحافة دون أن يسقط.

في تاريخه محطات حافلة بالإثارة لا يمكن الإحاطة بها جميعا، ولا تحفظها الذاكرة، ويستوقفك في رحلتها نحو البقاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين عامي 1948، و1967، وخسارة الأردن للضفة الغربية التي كانت جزءا لا يتجزأ من أراضيه.

لم تتوقف المحن، فما هي إلا سنوات قليلة على نكسة حزيران وخسارة القدس، حتى كان النظام الهاشمي يواجه امتحانا في الصراع الذي تحول لحرب مع الفصائل الفلسطينية حُسم بخروجها، وبشرخ غُرز في النسيج الوطني احتاج وما زال لعقود حتى يلتئم.

يحق للأردن أن يُسطر سرديته للصمود كمعجزة في ظل ضعف الموارد، ومؤامرات الإقليم التي أحرقت الأخضر واليابس، وأطماع الجوار في بلد صغير يتمتع بموقع جيوسياسي، وقيادة استطاعت أن تتغلب على دور وظيفي خُطط لها؛ لتبني شبكة من العلاقات الدولية قادرة على أن يُجنبها السقوط والغرق.

بعد مئة عام على تأسيس الدولة الأردنية، فإن جردة الحساب تُظهر أن أنظمة إقليمية كانت في عنفوان قوتها اندثرت واضمحلت، وأن زعماء كانوا يتربصون بهذه الدولة الصغيرة ليلتهموها أصبحوا في عِداد الماضي، وبقي الأردن على مر العقود على الحافة دون أن يسقط.

في تاريخه محطات حافلة بالإثارة لا يمكن الإحاطة بها جميعا، ولا تحفظها الذاكرة، ويستوقفك في رحلتها نحو البقاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين عامي 1948، و1967، وخسارة الأردن للضفة الغربية التي كانت جزءا لا يتجزأ من أراضيه.

لم تتوقف المحن، فما هي إلا سنوات قليلة على نكسة حزيران وخسارة القدس، حتى كان النظام الهاشمي يواجه امتحانا في الصراع الذي تحول لحرب مع الفصائل الفلسطينية حُسم بخروجها، وبشرخ غُرز في النسيج الوطني احتاج وما زال لعقود حتى يلتئم.

منذ ما يُقارب ثلاثة عقود ونحن ندعي السعي لبناء تحول ديمقراطي في الأردن قادنا من إخفاق إلى آخر، حتى سيطر الإحباط وعدنا لطرح أسئلة بديهية عن معاني الديمقراطية، وعن دولة القانون والمواطنة

رحيل العاهل الأردني الملك الحسين بن طلال كان محطة فارقة أيضا، فقد كان مفتاح الأردنيين للعالم، و"جنازة العصر" التي لم يشهد العالم مثلها، كانت شهادة لزعيم صان بلاده وسط الأعاصير والأنواء.

بعد الحسين تماسك الأردن في عهد الملك الشاب عبد الله الثاني في أحداث سبتمبر التي قلبت العالم رأسا على عقب، واستطاع أن يمسك بأطراف اللعبة ببرجماتية مكنته من أن يلعب أدوارا إقليمية، ويُصبح وسيطا موثوقا يُسمع صوته.

كان "الربيع العربي" خريفا عاتيا على الكثير من أنظمة المنطقة، وكانت رهانات السقوط أكثر من رهانات الصمود، ونجا الأردن أيضا دون أن تُراق نقطة دم واحدة، فوضع بصمته على الخارطة في القدرة على بناء التفاهمات والتسويات المجتمعية التي تمنع الانزلاق نحو الفوضى والانهيار.

هذه السرديات التي توثق لمراحل صمود الدولة ليست وهما أو بطولات زائفة تؤرخ على الورق، بل حياة مُعاشة دفعت البلاد والناس ثمنها دما ومعاناة، وهي الدافع المُلّح للسؤال عن مآلات الدولة بعد كل هذه الندوب الموجعة في الذاكرة؟

بعد مئة عام على الصمود لسنا بخير، فالدولة لا تُبنى بالبقاء على الحافة، بل بالتقدم نحو فضاءات المستقبل لتُرسخ موطئ قدم لدولة ديمقراطية مدنية، تُسابق الزمن لانتزاع استقلاليتها من سطوة التبعية والاعتماد على المساعدات لتعيش، ويعيش ناسها بكرامة وحرية لا تُمس.

ليس سهلا أن تسعفني التجارب التي عشتها ومؤشرات ومعطيات الواقع، أن أكتب عن قصص النجاح في موازاة سردية الصمود، فمنذ ما يُقارب ثلاثة عقود ونحن ندعي السعي لبناء تحول ديمقراطي في البلاد قادنا من إخفاق إلى آخر، حتى سيطر الإحباط وعدنا لطرح أسئلة بديهية عن معاني الديمقراطية، وعن دولة القانون والمواطنة، خاصة حين ترى بعينيك شواهد على انتهاكات متكررة للحريات الأساسية دون مساءلة أو عقاب.

لنسأل ونُقيّم، ماذا فعلنا في العقود الأخيرة في بناء الدولة حتى نتفاءل بانتظار تاريخ قادم، ولنبدأ في بنية المجتمع، فنرى العشيرة مكونا مُقدما على المواطنة، وفي الانتخابات مثلا تتقدم هوية العشيرة على ما سواها.

منذ عودة الحياة الديمقراطية عام 1989 وإلى الانتخابات الأخيرة قبل شهر وما يزال جدل التزوير والتلاعب هو الصوت الذي لا يُسمع همسا، وإنما ضجيجا يؤرقنا ولا تُصغي له الحكومات.

كل مشاريعنا للتحول الديمقراطي منذ الميثاق الوطني، والأجندة الوطنية، ولجنة الحوار الوطني باءت بالفشل، وأصبحت وثائق لتصدير ديمقراطية الدولة للخارج، وجواز سفر يُقدم للمانحين، وحتى الأوراق النقاشية للملك لم تجد طريقها للتنفيذ.

بعد مئة عام ما زالت الدولة تستنفر كل أجهزتها لمواجهة البلطجية وفارضي الإتاوات الذين قطعوا يدي طفل على مرأى ومسمع من الناس، وما كان ذلك أن يحدث لو كان القانون حاضرا وسيادته ناجزة.

يحتاج الأردن أكثر من تاريخه في الصمود ليمضي وينعتق من أزماته المتلاحقة، ففي سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي كان يُسابق الجميع في مكانته بالتعليم، والكفاءات البشرية ثروته التي يُصدرها للجيران ويعتبرها مصدر قوته.

تغير الحال حين ندقق بالمشهد، والدولة في تراجع. فالأردن في المرتبة 79 في مؤشر المعرفة من بين 138 دولة، وهو يحتل المرتبة 110 بمؤشر التعليم، و85 بالتعليم التقني والتدريب المهني، و75 بالبحث والتطوير والابتكار.

قد لا يكفي هذا لنُدلل على الصعوبات التي تمر بها الدولة، فحتى على المستوى الاقتصادي، المديونية بلغت نحو 44 مليار دولار، والبطالة تجاوزت 23 بالمئة، وفي مؤشر مدركات الفساد نقف في المنتصف تقريبا بعلامة 48 من مئة، في وقت لا يتوقف كلام الناس عن فساد يبدأ بتعيينات تخل بمبدأ تكافؤ الفرص، وصولا لعطاءات تهدر ثروات البلاد.

المشكلات تنخر عظم الدولة ولا تتوقف عند حدود أزمات اقتصادية مُتفاقمة، وإخفاقات في تحديث وعصرنة البلاد. فحتى المسار الديمقراطي متعطل بشهادة تقرير "بيت الحرية" الذي يُصنفها دولة حرة جزئيا، وبمؤشر حرية الإعلام تحتل المرتبة 128 مُقتربين من دول استبدادية.

في الاحتفال بمئوية الدولة نحتاج أكثر من شعارات تتحدث عن "حكمة العقود وقصة الصمود"، نحتاج أن نُقنع قتيبة الشاب الذي نصحه رئيس الحكومة السابق عمر الرزاز بعدم الهجرة، أنّ في وطنه مُتسعا لأحلامه، ونحتاج أن نُقنع امرأة أردنية بالتمسك ببلادها بعد أن رُفض أن تمنح جنسيتها لأولادها، فالوطن ليس للذكور وحدهم، والعدالة مسطرة لا تُفرق بين أبنائها.

الأردن في مئويته ليس بكاء على الأطلال، وإنما مدماك يعلو فوق أسئلة الهوية المُلتبسة، والمواطنة المنقوصة، ونهضة تُعلي من كرامة الناس ليزرعوا بهمتهم وبعرق جبينهم بيادر القمح، ويُهللوا "وحبوب سُنبلة تموت تملأ الوادي سنابل".








تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع