أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
وقفة احتجاجية للمطالبة بضرورة شمول كافة الطلبة بالمنح والقروض مجموعة السبع تعارض عملية رفح الصفدي: يجب أن تنتهي أعمال إسرائيل وإيران الانتقامية إصابة جنديين إسرائيليين خلال تبادل لإطلاق النار بمخيم نور شمس استطلاع: الإسرائيليون ما زالوا يفضلون غانتس لرئاسة الحكومة القاهرة تحذر من عواقب اتساع رقعة الصراع مصادر حكومية: إسرائيل لن تعلن رسميا مسؤوليتها عن الهجوم على إيران شركات الطيران تغير مسار رحلاتها بعد هجوم إسرائيل على إيران قائد بالجيش الإيراني: مسيرات صغيرة هاجمت أجواءنا صحيفة: إسرائيل أطلقت صواريخ بعيدة المدى على إيران إسرائيل نفذت ضربة ضد إيران في ساعة مبكرة الجمعة كاميرون: نعتقد أن خفض التصعيد أمر أساسي بايدن يحذر الإسرائيليين من مهاجمة حيفا بدل رفح أمبري: على السفن التجارية في الخليج وغرب المحيط الهندي البقاء في حالة حذر مسؤول إيراني: لا توجد خطة للرد الفوري على إسرائيل سانا: عدوان إسرائيلي استهدف مواقع الدفاعات الجوية في المنطقة الجنوبية السفارة الأميركية بالكيان تضع قيودا لموظفيها حماس تدعو لشد الرحال إلى الأقصى الذهب يواصل الصعود عالميًا بن غفير: الهجوم ضد إيران مسخرة
الصفحة الرئيسية آراء و أقلام صدام حسين ومقاربة ناجعة لمكافحة الفساد!

صدام حسين ومقاربة ناجعة لمكافحة الفساد!

28-01-2010 08:20 PM

على ذمة بعض الرواة، يقال أن صدام حسين ـ رحمه الله ـ كان يضع المهندسين الذين يشرفون على بناء الجسور بعد الانتهاء من تشييدها تحتها، ثم يقوم بقصفها بالصواريخ، فإذا ما قاومت القصف وأثبتت قدرتها على الصمود وتحمل هول الصدمات حظي مشيدوها بالمكافآت المالية والمعنوية السخية التي يستحقون، أما إذا تداعت وانهارت على رؤوسهم، فسيكونون قد نالوا جزاءهم العادل جزاء غشهم وإهمالهم بأن يتحولوا جثثاً هامدة تحت أنقاض تلك الجسور التي خانوا أمانة إخراجها كما ينبغي.
وسيلة مرعبة للغاية هي تلك الوسيلة التي يمكن اعتمادها لضمان صرف الناس عن التورط في ممارسات الغش والفساد، ولكن الغضب مما نراه ونعاني منه في أقطار وطننا العربي المنكوب كثيراً ما يجعل المرء ينحاز إلى التعاطف معها وربما استساغة وشرعنة تبنيها، وبخاصة عند قراءة خبر يتعلق بوقوع كوارث أو ضحايا بسبب موت ضمائر البعض ولجوئهم إلى الخداع والتلاعب في المقادير والمواصفات والمقاييس، وتحديداً في مجال الإنشاءات وتجهيز البنى التحتية.
قبل أيام، وفي مهب رياح المنخفض الجوي الأخير الذي تعرض له الأردن، الذي لا يمثل بالمناسبة شيئاً يذكر أمام ضراوة المنخفضات الجوية المفزعة التي تشهدها بلدان كثيرة في العالم كل سنة، شهد أحد أحياء عمان الغربية سقوط العديد من أعمدة الكهرباء، ولولا أن عناية الله شاءت أن تتهاوى الأعمدة في ساعات الفجر والناس نيام، لشهدنا كارثة حقيقية مروعة نتيجة لحتمية تعرض الكثير من المارة في ذلك الحي إلى صواعق كهربائية قاتلة، وبخاصة أن الشوارع المنتقعة بمياه الأمطار كانت توفر الظروف المثلى لتولد مثل تلك الصواعق.
وتحت مظلة المنخفض الجوي نفسه، نقرأ في وسائل الإعلام عن تحذير من انقطاع التيار الكهربائي في عدد من مناطق المملكة في الشمال والجنوب والوسط بسبب \"انهيار بعض أبراج شبكة النقل الكهربائي الرئيسية\". هذا طبعاً بالإضافة إلى الأخبار المتناثرة هنا وهناك عن فيضان تمديدات الصرف الصحي فيما لا حصر له من شوارع المدن الأردنية، أو اختفاء ملامح الشوارع المغطاة بمياه الأمطار المتجمعة لتصبح كالبرك التي يتطلب تجاوزها خبرة متبحرة في فنون السباحة والغوص والقفز، أو تحول الشوارع إلى دروب بدائية تذكّر بالممرات الترابية المخصصة للحمير والبغال في القرى والجبال، التي تمتلئ بالحفر والتجاويف والانحناءات، بعد أن تلاشت القشرة الإسفلتية الهشة عنها بفعل تساقط المطر وانكشف وجهها الحقيقي القبيح.
مثل تلك المظاهر المخزية التي لا يمكن السكوت عنها أو تبريرها توجه أصابع الاتهام الذي لا سبيل لدحضه أو إنكاره إلى الجهات الحكومية والخاصة التي أشرفت على تنفيذ أشغال البنى التحتية، التي ينبغي أن تتحمل كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن أفعالها التي تدخل حتماً بسبب ما يترتب عنها، أو ما قد يترتب عنها، من خسائر بشرية ومادية في باب الإفساد في الأرض، والتي تستحق أن تجد من صور العقاب المغلظ والرادع ما ينبغي أن تجده الأعمال الداخلة في ذلك الباب، وذلك حسب ما يقتضيه الشرع من عقوبات رادعة تتعلق بالفساد، لأن من الواضح لكل ذي قلب سليم أن العقوبات الوضعية المائعة لا تسهم إلا في زيادة أعداد المجرمين وتشجيع المزيد من الناس على الاجتراء على القانون والتفنن في التحايل عليه لنهب المال العام.
إذا كانت بلدان الوطن العربي جميعها تحتاج إلى أنظمة ديمقراطية قوية وحقيقية كشرط لا غنى عنه للخروج من حالة التخلف المزمن الذي تعاني منه، فإنها تحتاج أيضاً بما يتوازى مع تلك الأنظمة إلى أطر تشريعية حازمة وصارمة لا تهاون فيها ولا ثغرات ولا تسيب ولا تفريط، تضرب بمطارق من حديد على أيدي الفساد والفاسدين، لأنهما لا يمثلان العدو الأشرس للديمقراطية والخطر الأكبر عليها وحسب، بل يمثلان أيضاً أحد أبرز العوائق التي تقف في وجه ولادتها.
أظن أن المواطن العربي سيفرح أشد الفرح وسيرضى كل الرضى ـ وهو محق في ذلك ـ إذا ما رأى ذلك المقاول الغشاش الذي باع روحه للشيطان فبنى عمارة سرعان ما تهاوت فوق هامات ساكنيها يدفن معهم تحت أنقاضها، أو إذا ما رأى ذلك المتعهد اللص الذي \"سفلت\" أحد الشوارع بطبقة رقيقة من \"الزفتة\" سرعان ما تبعثرت عند أول زخة مطر يلقى في برميل من القطران المغلي الذي غش في استخدامه، أو إذا ما رأى مهندساً محتالاً يصعق بصاعقة من برج كهربائي سقط على رؤوس الناس وجعلهم يتفحمون لأنه لم يكلف نفسه عناء تركيبه بعناية وأمانة، إما غشاً أو استهتاراً أو إهمالاً، أو إذا ما رأى إنشائياً مخادعاً يغرق في المياه الآسنة التي تدفقت من الحفر الامتصاصية التي لم يحسن تجهيزها.
ربما كان الأسلوب التهويلي المنسوب إلى صدام الذي بدأنا به هذا المقال ـ مع استبعادنا لحقيقة وجوده ـ لوقاية الدولة من الفساد أسلوباً متطرفاً وقاسياً، ولكني أخشى أن أقول بأنه يبدو، ومع الأسف الشديد، الأسلوب الأنجع الذي قد ينجح في إجبار ضعاف النفوس ممن يستهويهم الفساد على إصلاح أنفسهم والتفكير ألف مرة قبل الإقدام على الاستهتار بأرواح الناس والغش من أجل حفنة ملوثة من المال، ما دمنا في عالم صفيق ما أشد ما تنطبق على كثير من ناسه المقولة الشعبية الشهيرة: \"ناس تخاف ما تختشيش\".

د. خالد سليمان
sulimankhy@gmail.com





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع