مسمى المدن والقرى والبلد في القران الكريم فيه اعجاز دلالة على سكان هذه المسميات ,يختلف عن العرف المتداول بين الناس في المسميات التي تعتمد على عدد السكان ومساحة الارض المتواجدين عليها ....
القران الكريم غني بالدلالة على المقصود من هذه المسميات,فمكة المكرمة سميت بالقرية دلالة على شرك سكانها بخالقهم , وسميت بالبلد كون سكانها ينتمون لاصول واحدة ,في حين ان يثرب سميت بالمدينة بعد ان هاجر اليها الرسول صلى الله عليه وسلم , رغم تواجد الفئة الغير مؤمنة بها امثال اليهود والمنافقين ,الا انها ضبطت عن عمل المنكر العلني ,فالمدينة تعني التحضر المبني على الحياة المشتركة بين الناس, بمختلف فيأتهم ,ولا يكون ذلك الا ضمن قواعد ايمانية انضباطية تحقق الامن والامان والكرامة والعزة وهذه هي الحكمة والمقصود من الدين , الذي تفتقر اليه المدنية المعاصرة في مختلف اقطار العالم ........
قال تعالى (وَإِن مِّن قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا ۚ كَانَ ذَٰلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (58)).استحقاق مسمى القرية في القران الكريم للقرى فيه دلالة على الاطباع الغير منضبطة لسكانها بابتعادها عن نهج خالقها ,والإصرار على رفض هداية دلالة المرسلين اليهم , التي لا تستقيم الحياة الا فيها ,ومهما بلغ الانسان من تطوير ماديات الحياة ,لان في الدين وحدة وتعاليمه واخلاص القول والعمل به , والاستعانه بخالق هذا الكون تستقيم الحياة .............
عندما يختل مفهوم المدينة الحقيقي في كتاب الله تعالى ,تصبح اسوء من مفهوم القرية ,كون المدينة في حاضرنا مجمع لمختلف فآت المجتمع والأعراق,يفرقها التعنصر للفئة والعرق , التي يفشل امامها كل القوانين والأنظمة العرفية في توحيدها , فالإنسان بعنصره الخام اي بدون عقيدة ايمان سماوية وتعاليمها التي تجعل الجميع على نهج واحد في اصلاح المجتمعات ,ومحاربة فساد المفسدين للقيم الانسانية في ماديات الحياة ,يبقى انسان خاسر خسارة تناسب طردي مع كل علو مادي يحققه , (وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3).( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ ) .......
مدنية اليوم تفتقر التحضر لانها مبنية وبالتدرج من الفرد الى المجتمعات ,على عنصر المصالح باستغلال الاعراق والمذاهب والقبلية, وكل مكونات المجتمع ,وليست على عنصر الصالح العام الذي يشمل خيره جميع البشرية ,لهذا تجد ان انحطاط البشرية يسير في خط بياني سريع الانحناء للأسفل ,ضمنه عذاب داخل المجتمعات , وتناحرها مع بعضها البعض بالحروب ,فعنصر المصالح المادية والتفوق العرقي والقبلي ولد الارهاب ,الذي طغى على عنصر الحب والسلام والعمل الصالح ,فالبشرية ومدنها حسب المسميات الوضعية اصبح هلاكها واضح البيان ,لعدم ايمانها بخالق هذا الكون وتعاليمه,وتحذيره لها بقوله تعالى(ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) ................
د. زيد سعد ابو جسار