لا يحتاج قادة المستعمرة الإسرائيلية لمزيد من المكاسب حتى يتم تحقيقها عبر مؤتمر المنامة، فقد أخذوا من الإدارة الأميركية ما لم يأخذوه ، وما كانوا يحلموا فيه من الإدارات السابقة، وهم لإسباب داخلية ينتظروا تشكيل الحكومة المتعثرة بعد نتائج انتخابات 10 نيسان 2019 للإقدام على ضم مستوطنات الضفة الفلسطينية لخارطة المستعمرة بعد أن حققوا الإقرار الأميركي بخطوتي الضم : 1 – القدس الفلسطينية، 2 – الجولان السورية، وسيتقدموا نحو الخطوة الثالثة المنتظرة وهي ضم مستعمرات الضفة والغور، سواء عُقد مؤتمر المنامة أو لم يعقد فهو مجرد بهرجة إعلامية لنتنياهو كما حصل في مؤتمر وارسو - بولندا خلال شهر شباط 2019، وإذا تعثر إنعقاده فلن يخسر شيئاً لأن برنامجه العملي على الارض ماشي بدون معيقات فلسطينية أو عربية أو دولية، فعلى المستوى الدولي يحميه النفوذ الأميركي من أي تبعات أممية عبر الفيتو، أو أوروبية التي تحتاج لقرارات الإجماع، والموقف الأوروبي ليس موحداً، بل ثمة اختراقات بين صفوفه لصالح واشنطن وتل أبيب تحول دون الإقدام على موقف جذري حاسم لدعم فلسطين على حساب تراجع مكانة المستعمرة، فالتقدم الأوروبي يسير بطيئاً، وتصويت البرلمان الألماني ضد حركة المقاطعة B.D.S يدلل على نفوذ واشنطن وتل أبيب على مؤسسات صنع القرار لدى دولة قوية ثرية مثل المانيا، مازالت أسيرة إحساسها بالذنب بسبب مذابح النازيين لليهود ولازالوا يدفعون التعويضات عن تلك المذابح، ووفق ما دفعه الألمان تعويضاً لليهود وصل إلى مبلغ 144 مليار من وحدة النقد الأوروبية " يورو " .
مازالت كرة الثلج الفلسطينية هي الأساس وهي قاعدة التحرك وبداية الدحرجة التراكمية، والموقف الفلسطيني هو حائط الصد لمنع الانهيارات العربية والدولية وتقليل خسائرها، وهي التي تقدم الخطوة الأولى لتوفير إصطفافات عربية وإسلامية ومسيحية ودولية مساندة لعدالة القضية الفلسطينية وشرعية مطالبها ، كما حصل بعد إعلان ترامب اعترافه بالقدس عاصمة للمستعمرة الإسرائيلية .
لقد نجح نتنياهو في دفع إدارة ترامب لإلغاء الشراكة الأميركية في الاتفاق النووي مع إيران، وتغيير مسار واشنطن من مسار التفاهم والتعاون بين إدارة أوباما السابقة إلى مسار التصادم والتحريض مع إدارته بناء على رغبة نتنياهو وسياسته ومصلحة مستعمرته، مستغلاً الطموح الإيراني وتطلعات طهران لتعزيز نفوذها لدى العالم العربي، هذه التطلعات وهذا النفوذ الذي يتعارض مع مصالح النظام العربي، وخاصة لدى بلدان الخليج العربي التي تشعر بالقلق، وقلقها مشروع نحو السياسات الإيرانية وإجراءاتها الميدانية على الأرض في العراق واليمن وسوريا ولبنان والبحرين وغيرها من البلدان العربية، والإسلامية، والسياسات الإيرانية هي التي دفعت بلدان الخليج العربي لتغيير أولوياتها في مواجهة المخاطر التي تواجهها، لتكون إيران أولاً والإرهاب ثانياً ومن ثم العدو الإسرائيلي ومخاطر تمدده ثالثاً، وقد استغلت واشنطن وتل أبيب هذا الاحساس الخليجي بالقلق، لتصعيد هذا القلق عبر الضخ الإعلامي وتوفير الأجواء لزيادة منسوب الاهتمام والتركيز الخليجي على مخاطر السياسة الإيرانية .
h.faraneh@yahoo.com