أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
الحكومة تتعهد بتسهيل تدفق السواح الروس للأردن الملك والرئيس الفرنسي يبحثان هاتفيا التطورات الراهنة خبير: معرفة المقاومة بتحركات القوات الإسرائيلية مثيرة للتساؤلات. بن غفير: نتنياهو ينتهج سياسة خاطئة. اعتقالات بالجامعات الأميركية بسبب غزة وفاة خمسيني بحادث تدهور في الاغوار الشمالية لبيد: يجب على نتنياهو أن يستقيل حزب الله: نفذنا هجوما على مقر عين مرغليوت "الجمارك" : لا صحة لمنع دخول السيارات الكهربائية ذات البطارية الصلبة للأردن الأردن .. 3 شبان ذهبوا لتجهيز قاعة أعراس فعادوا بأكفان بيضاء البرنامج الأممي الإنمائي: بناء غزة من جديد سيتطلب 200 سنة كميات الوقود الواصلة إلى مستشفى في شمال قطاع غزة "قليلة جدا وتكفي لأيام" الولايات المتحدة و17 دولة تدعو حماس للإفراج عن المحتجزين مقابل وقف طويل لإطلاق النار بغزة ليبرمان: الحكومة تطلب تأجيل بحث قانون التجنيد الحوثي: عملياتنا العسكرية مستمرة ونسعى لتوسيعها تدريبات في مستشفى إسرائيلي تحت الأرض على مواجهة حزب الله الوطني لمكافحة الأوبئة: الأردن خال من أية إصابات بالملاريا بدء أعمال مشروع تأهيل طريق جرش-المفرق السبت وفاة 5 بحارة في غرق مركب شرق تونس الهلال الأحمر: لا توجد بيئة صالحة للحياة في قطاع غزة

حُب الخير للناس

30-03-2019 06:38 PM

قصة قصيرة وجميلة. قرأتها قبل سنوات، نسيت اسمها. هي من الأدب النيجيري. تتناول قرية، صغيرة وبدائية. بيوتها مشيدة من القصب والخشب والقش. يعمل معظم أهلها، بتربية المواشي. والقليل منهم بالزراعة.

ذات يوم اشتعلت النار في إحدى بيوتها، وسرعان ما إمتدت إلى باقي البيوت لتشتعل جميعها. قام سكان القرية بالهروب، خوفاً من الموت بالحريق، إلا رجلان لم يتمكنا من ذلك لأن أحدهما كان مشلولاً، والآخر ضريراً. قال الضرير للمشلول: لماذا لا نتبادل المنفعة؟ أنا أحملك وأنت ترشدني إلى الطريق! بالفعل قاما بذلك. ونجا الإثنان بعد أن كان هلاكهم واقعاً ومحتوماً.

في قصة اخرى، للأديب الروسي العظيم ليو تولستوي، بعنوان (على ما يعيش الإنسان) وملخصها هي قصة ملك من الملائكة، وربما يكون من مساعدي ملك الموت. أمره الله أن يقبض روح أمٍ لطفلين صغيرين. كان هذا الملك قد قبض روح زوجها قبل فترة ليست بالبعيدة. فكر الملك بأمر الله بقبض روح الأم، وبأنها المعيلة الوحيدة لأبنائها، بعد موت زوجها، وشفقة عليها، وعلى أطفالها رفض تنفيذ أمر الله ! هي قصة من نسج الخيال، وقد يقول قائل: لا يجوز ذلك ولا يمكن أن يستوي الرفض مع الواقع، فالملائكة لا يعصون أمر الله؛ وهم مسيرون لتنفيذ أوامره فقط لأقول هنا: هي قصة في النهاية، وما يهم العبرة والدرس المستفاد منها.

بعد رفض الملك، تنفيذ أمر الله. عاقبه الله بأن نزع عنه أجنحته وأنزله إلى الأرض عاري الجسد. بروح ملك ولكن بهيئة إنسان، وطلب منه عدم العودة إلى ملكوته، إلا بعد أن يكتشف أجوبة؛ لثلاثة أسئلة هي: أعظم ما مُنِحه الإنسان؟ وما هو الذي مُنِعَهُ الإنسان؟ وعلى ما يحيا الإنسان؟

هبط الملك من السماء، على أرضٍ روسية، شديدة البرودة وعاري الجسد, صادفه رجلُ روسي، يعمل اسكافياً واقتسم معه ملابسه، ثم اصطحبه إلى بيته؛ وأطعمه وأسقاه وقام بتدفئته. فوجد الملك. الإجابة على السؤال الأول وهو: أعظم ما مُنحه الإنسان. لتكون الإجابة هي: حُب الآخرين. بعد ذلك تعرف هذا الملك، على رجلٍ غني، أناني، جشع، طماع، بخيل. يأتي إليه الفقراء يطلبون منه مساعدته، فيرد الكثيرين بلا عطاء، ويعطي القليل منهم بما لا يغني ولا يسمن من جوع. وفي يوم من الأيام. طلب هذا الغني، من الذين يعملون بصناعة الأحذية، بتقديم عروض اسعار لكي يصنعوا له حذاءاً، ومن الجلد الفاخر والمتين. وبالفعل وقع اختياره ووافق على عرض قدمه أحد الاسكافيين. وفي اليوم المحدد، لاستلام الرجل الغني المتغطرس الحذاء. عاجله الله وأرسل ملك الموت وقبض روحه! وانتهت حياته ولم يرتدي الحذاء. هنا وكأن ليو تولستوي، يريد أن يخبرنا، أن الحياة لا تساوي حذاءاً. عندها علم الملك الإجابة على السؤال الثاني وهو: الذي مٌنعه الإنسان، لتكون الإجابة هي: عدم قدرته، على تحديد أهدافه، وغاياته الحقيقية في الحياة. وهنا أيضاً يرشدنا، ليو تولستوي ليقول لنا: أن الحياة ليست شهوات، ولا أموال وعقارات؛ وأرصدة في البنوك، ولا مناصب وسلطة فارغة، وليست هذه الحاجات الأساسية للناس، ليعيشوا بسعادة وراحة بال، ويخطئ الكثير منهم بإعتبارها كذلك. الخطورة إذاً. هي بعدم قدرتهم، على تحديد غاياتهم وأهداف وجودهم، العليا فقط وليست الدنيئة منها؛ في هذه الحياة، وبأن لا يكونوا داعمين وممن يزرعونه ويرعونه، في قلوب الاخرين، وممن يصنعون الإبتسامة على وجوههم، ومن هنا كانت المشكلة، في حياتنا وفي كل ما نعانيه، لينشأ غالبية أفراد المجتمع أنانياً، نرجسياً، محب الخير لنفسه وذاته فقط، فكانت مشكلتنا الأصعب هي عدم الشعور بالسعادة، والتي لا تأتي ومن خلال تجارب إنسانية، وشخصية إلا من خلال تقاسمها مع الاخرين.

عرف الملك. إجابة السؤال الأول والثاني، وبقي أن يعلم إجابة السؤال الثالث وهو: على ما يحيا الإنسان؟ وهو أهم سؤال على الإطلاق من بين الأسئلة. ومعناه مالذي يجعل لحياته معنى؟ ليكتشف الملك أن الذي جعل لحياته معنى هو ما حدث له. فقال: عندما هبطت إلى الأرض على شكل إنسان، وليست لدي الخبرة الكافية، في التعامل مع ظروف الأرض. ولم أكن أعلم كيف أكسب رزقي، واستر عورتي، وأتناول طعامي وشرابي، وأدفئ جسدي. أرسل الله إليَ الاسكافي، الشفوق، الرحيم، العطوف، الحنون. ليساعدني ويرعاني، ولو لم يرسله الله لي. لهلكت في حينه. إذاً ما يجعل لحياتنا معنى هو رعاية وخدمة ومساعدة والشعور مع الاخرين. هنا اكتشف حكمة الله، التي كان جهله بها. سبباً بطرده من السماء، وبأن لا يكون من الملائكة، لأن الرحمة والعطف غلبته، فلم يوافق على قبض روح أم الطفلين، حتى يبقى لهما من يرعاهما، ولا يضيعا أو يتشردا في الحياة. فقال في نفسه: الآن علمت أن الله لا بد أنه يسر لهما، قبل أن يأمرني بقبض روح أمهما، أناساً من الأوادم يملكون من الرحمة والشفقة والعطف الكثير، وممن ملئت المحبة قلوبهم للبشر. ليخدمهم ويعيش لأجلهم، وكما حدث معي، وأنا كبير فكيف وهم صغار. ويا ليتني فهمت ذلك من قبل.

أعرف سيدة. هي ليست بعيدة عني. رزقها الله المال، وقبله رزقها الشعور والإنسانية، وحُب الخير للاخرين. يدها مفتوحة وعُليا دائما. تبكي على حال الفقراء والمعوزين قبل أن تعطيهم. وهي دائمة البحث عنهم ولا تسمح ان يأتوا إليها، بل هي من تذهب إليهم لتجبر كسرهم، وتسد حاجتهم. وإن عجزت عن ايجادهم. تشتري المواد التموينة، وتبقيها في المحلات ليعطيها أصحابها هذه المواد للمحتاجين بمعرفتهم، وكذلك الخبز تشتريه وتتركه، في المخابز لغير القادرين على شراءه ليأخذوه، كما تقوم بتوزيع الطرود على المؤسسات والجمعيات. بلا تصوير أو استعراض إعلامي ونشرٍ على مواقع التواصل الاجتماعي. في كل مرة أصادف هذه السيدة الجميلة، والله أجدها وقد إزدادت جمالاً وبهاءاً وإشرقاً وطمأنينة، لتؤكد لي مقولة: أن أعمال الإنسان. لا بد أن تعود إليه. إن كانت خيراً أم كانت شراً.





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع