أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
قرار بتوقيف محكوم (غَسل أموال) اختلسها قيمتها مليون دينار بلجيكا تستدعي السفيرة الإسرائيلية الجيش ينفذ 6 إنزالات جديدة لمساعدات على شمال غزة الذكرى الثلاثون لوفاة الملكة زين الشرف بورصة عمان تغلق تداولاتها على ارتفاع الأردن: قبول 196 توصية دولية متعلقة بحقوق الإنسان خليل الحية ينفي نقل مكاتب حماس من قطر تكدس خيام النازحين غرب دير البلح وسط القطاع سموتريتش يدعو قطع العلاقات وإسقاط السلطة الفلسطينية جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائيلي يرد شك في سلوكها .. الأشغال 20 سنة لزوج ضرب زوجته حتى الموت ودفنها في منطقة زراعية انقطاع الإنترنت وسط وجنوب قطاع غزة مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره علنا انتشال نحو 392 جثمانا من مستشفى ناصر بغزة على مدار 5 أيام 18 إصابة بحادث تصادم في الموجب بايدن يدعم حرية التعبير وعدم التمييز في الجامعات ونتنياهو يدعو للتصدي إدارة السير: لا تتردد في إبلاغنا ! الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال للمستوطنين باقتحام المسجد الأقصى 5 مجازر ضد العائلات في قطاع غزة اليوم 202 للحرب أسعار الخضار والفواكه في السوق المركزي الخميس
الصفحة الرئيسية آراء و أقلام صديقي الطـــــــــــــــيب

صديقي الطـــــــــــــــيب

19-12-2010 10:53 PM

أيمن علي الدولات

التقيتهُ بعد قطيعة ثلاثين عاماً، لا قطيعة كره أو اختلاف، بل قطيعة فرضتها سوداوية الليالي التي عشناها صغاراً ننام على بطوننا كي نتناسى جوعنا، وحركت المخاوف من تكرارها في عقولنا كل ما حبانا الله من قوة سخرناها من أجل أن نقي أطفالنا مرارة ما عانينا.. صديقي الطيب سليمان أذكره مذ كان العجوز حمدان العمري سيداً لقبيلة الخوارزمي الأساسية للبنين التي كانت تقبع في وسط أزقة غويرية الزرقاء، وكان الخير حينها ما يزال يقبع في الكثير من قلوبنا التي كانت يوما.. قلوباً طيبةً.
حين كانت المطالبة بمصروفٍ يومي ٍ تعد تمردا شبه عسكري تواجه بإجراءاتٍ قمعيةٍ تصل حد التعرض للحبس الانفرادي في الحمام الخالي من كل وسائل الترفيه، ناهيك عن مشاكسات ساكنيه القدامى من مختلف أنواع الحشرات الزاحفة والطائرة والسابحة.. وحين كان (بوط أبو إصبع) أطول عمرا من معظم الرؤساء في أمريكا اللاتينية والشمالية والوسطى تتناقله الأقدام عبر الأجيال قبل أن يحال إلى التقاعد –قسرا- بعد زواج رفيقه الأول!!
صديقي الطيب سليمان التقيته لأجد الزمن قد حفر في عينيه الكثير من الحكايا والروايات، قابلني بابتسامة تمكنت قسوة السنين من تغيير بعض ملامحها لتجعلها أشبه بابتسامة طفلٍ كبيرٍ أو رجلٍ صغيرٍ، دارت عيناه لحظة التقينا وكأنها تبحث في تقاسيم وجهي وبين ثنايا التفاتاتي عن طفولةٍ حييناها يوما لكنها لم تحيانا.. طفولةً كانت أشبه ما تكون بالحياة على ظهر سفينةٍ تائهةٍ لا قبطان يسيرها ولا منارة تهتدي بنورها.. ورغم ذلك يملأ الأمل عيون بحارتها بأن يجرفها التيار يوما إلى شاطئ آمن.. مد يده يصافحني باحثا في كفي عن حنين تائه وشوق إلى أيام كنا نتمنى أن تمضي سريعا وعن ليالي لم يكن يقي عظامنا برد كوانينها سوى بطانيات الجيش، ويبحث بين أنفاسي عن صوت مؤذن مسجد العباس وعن رائحة الفلافل في مطعم الشيخ القديم وعن أيام (الزعرنة) البريئة.
صديقي الطيب سليمان كتيب أنيق لم ينتقص من قدره تراكم الغبار الذي أنجبته سنين القحط والغربة والتعب، سطوره ذكريات حبيبة وصفحاته مملوءة بالقصص الحلوة عن آبائنا ومخطوطة رائعة رسمت فيها شوارع الزرقاء وحاراتها الضيقة بماء الذهب، حين كان (الهامبرغر) حسب ظننا نوعا فاخرا من الحلويات لم نحلم بتناولها يوما، وحين كانت أقصى أحلامنا أن نركب بجانب السائق في سيارة (فولكس فاجن) حتى لو كانت واقفة، وحين كنا نتباهى كذبا\" بأننا قدنا سيارة مرسيدس أمام الرفاق ويكشفنا جهلنا أن (الهاندبريك) في سيارات المرسيدس يرفع بالقدم لا باليد، وحين كان امتلاك عصام (لطابة الشرايط) يعد سببا أكثر من كاف كي نحتسب تسديدته هدفاً في صالحه رغم مرورها بعيدا عن (قهقور الأحجار)، فقط لأنه قد يأخذ كرته ويمضي إن لم نفعل!!
حين كنا نحاول جاهدين تقليد (حميدو) بتنفيذ الضربة الصاروخية دون جدوى، وحين كانت ابتسامة منى اليتيمة التي جاءت عن غير قصد دليلا دامغا على قصة حب حقيقية بينها وبين أحد الرفاق وسببا مقنعا لمحاولته الانتحار يوم تمت خطبتها وللوقوف باكيا أثناء توديعه موكب عرسها وكأنه يقف على قبر حبيب في مقبرة معصوم.
صديقي الطيب سليمان قلادة من العاج سرقتها قسوة الأيام والليالي والقلوب، ثم أعادتها بعد ثلاثين عاما –رغم الغبار فوق جباهنا والحفر العميقة في خدودنا وأفئدتنا- متألقة مملوءة بالحب والوفاء والشوق والحنين ومملوءة أيضا بكروم العنب ومروج القمح والذرة وشجيرات شقائق النعمان!!

ayman_dolat@yahoo.com





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع