الأمومة غريزة عند كل أنثى

خلق الله جميع المخلوقات من ذكر وأنثى، وخصص خصائص معينة لكل منهما، وخص الجنس البشري بالإنسانية التي يتحلى فيها كل منا، وكذلك خص الأنثى من كل المخلوقات بغريزة الأمومة. فالأمومة غريزة فطرية تخلق مع الأنثى. فكم من فتاة صغيرة أمتعتنا بمشاهدتها وهي تحتضن دميتها وتغني لها وتعتني بها، وحتى الحيوانات تجد أنثاها تحتضن صغار حيوان آخر، وأحياناً تكون هذه الحيوانات من ألد الأعداء.
فكل أنثى أم وكل والدة أم ولكن ليس كل أم والدة. فالأخت التي تعتني بأخوانها أم والعمة أم والخالة أم والجارة أم. فهل جربت يوماً أن تغير مزاج فتاة غاضبة أو حزينة بان تعرض عليها صور أطفال صغار؟! جرّب هذا وشاهد كيف ستتغير ملامحها وتظهر كل حنيتها وتنقلب 180 درجة.
والعطاء صفة ملاصقة للأمومة، فالأم تعطي دائماً ولا تنتظر المقابل، وهناك أمور كثيرة تعطيها الأمهات باستمرار ولكنها لا تصفح عنها... منها أنها حملتك أكثر من 9 أشهر؛ فكم حملتك عندما كنت تتعب في الطريق وكم حملتك وهي نائمة حتى، وكم من أم حملت ابنها الذي لا يقوى على الحركة طوال عمره، معظمنا بكى من صورة تلك الأم التي كانت تحمل ابنها البالغ من العمر 40 عاماً على ظهرها المنحني ولا تتأوه ولا تعاني، مع أن معظمنا يعاني من آلام الظهر لو حمل "جرة الغاز". لقد سببت لأمك الخوف والقلق كذلك منذ لحظة علمها بأنك جنين في رحمها (إن كانت والدتك) وإلى آخر لحظة في الحياة؛ فهي كانت خائفة أن تجهض وتخسرك أثناء الحمل، وكان قلبها سيتوقف عندما كان أحد يحملك وأنت صغير لئلا يوقعك أرضاً، وخافت عليك عندما مرضت وعندما ذهبت للدكان وحدك وعندما ركبت المواصلات وعندما قدت سيارتك، وعندما تعرفت على أصدقاء جدد وعندما دخلت المدرسة وعندما دخلت الجامعة وعندما تخرجت وعندما تزوجت، وفعلت ذلك مع أبنائك كذلك... وهي لن تقول لك كم جرحت عندما نهرتها ولكنها لم تغضب عليك أبداً.

كما أن لدى كل أم شعور بالذنب لأنها تعلم أنها ليست مثالية وأنها قصرت في مواطن مختلفة معك بسبب انشغالها في عملها أو بإخوانك الآخرين أو بأي شيء آخر؛ فعندما تمرض أول جملة تخطر في بالها أنها هي السبب لأنها سمحت لك أن تأكل من المطعم الفلاني بالأمس. ولن تقول لك أمك أنها تحب أن تنظر إليك دائماً وخصوصاً وأنت نائم لأنك في هذه اللحظة بالذات تستثير عاطفة الأمومة لديها فربما تأتي وتسترق النظر إليك وأنت نائم وتغطيك مهما تقدمت في العمر. هي أيضاً لا تتوقف عن الدعاء لك. وتترك لك اللقمة الأخيرة من كل شيء بحجة أنها شبعت.
هل استرجعت شريط ذكرياتك مع والدتك أو ربما مع مجموعة من الإناث اللاتي لعبن دور الأم في حياتك، أو ربما تكونين إنتِ من لعبتِ دور الأم في حياة شخص ما أو ما زلت كذلك. وإن كنت قد فقدت والدتك، فلا تحزن لأن بإمكانك أن تدعو لها وأن تتبرع عن روحها لئلا تحرمها من نصيبها في هذا اليوم، وابحث في حياتك عن الأنثى التي تلعب دور الأم في حياتك واكرمها... ابحث عنها في زوجتك، أختك، جدتك، أو ربما قد تكون ابنتك.
مع أمنيات الخير لكل الأمهات مع نبضة كل قلب محب...