أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
الاحتلال يقصف مسجد شهداء الفاخورة في جباليا الاحتلال يحذر النازحين من العودة إلى لمدينة غزة مدعوون للامتحان التنافسي لوظيفة معلم - أسماء تعيين الدكتور ماجد أبو ازريق رئيساً لجامعة اربد الأهلية رئيس مجلس الأعيان يلتقي الرئيس العراقي في عمان الضمان: 3612 دينارا الحد الأعلى لأجر المؤمن عليه الخاضع للاقتطاع وزير السياحة يتفقد مشاريع تطوير وتأهيل بعض المواقع السياحية في ذيبان ومكاور البرلمان العربي يدعو لتشكيل لجنة تقصي حقائق دولية لزيارة سجون الاحتلال منتخب الكراتيه يختتم معسكره التدريبي في القاهرة الاحتلال يعتقل 27 فلسطينيا بالضفة الغربية الرئيس العراقي يلتقي رئيس مجلس النواب البريد الأردني يطرح إصداراً جديداً من الطوابع التذكارية مستوطنون متطرفون يشرعون بإنشاء بؤرة استيطانية جديدة في الأغوار الشمالية صرف دعم بدل المحروقات لوسائط النقل بعد غد الخميس ارتفاع أسعار النفط عالمياً الاتحاد البوليفاري: الإبادة التي ترتكبها إسرائيل عرضت الشرق الأوسط للخطر الهيئة الخيرية تسير 75 شاحنة جديدة إلى غزة الاحتلال يهدم منزل شهيد في القدس المحتلة مدرب المنتخب الأولمبي يبدي رضاه عن أداء الفريق أمام استراليا البريد يشارك في احتفالات المملكة بيوم العلم
الصفحة الرئيسية آراء و أقلام لوحه جميله لأحد أيام عرس القطاف

لوحه جميله لأحد أيام عرس القطاف

02-11-2010 10:03 PM


اأآآآآآآآآآآآآآخ وأآآآآآآآآآآآآآآآآآآي ..تأوهات و وخوخات نسمعها ونقولها ونشتكي من تساقط حبات الزيتون فوق رؤوسنا ونحن نجول أو نلتقط أو ننظف الحبات السوداء أو المائلة لاصفرار السواء والتي تناديني تعالي أيتها النشميه واقطفيني ....نتأوه من سقوطها من تلك الأغصان المتمايلة طربا وكلها نشوى وبحالة فرح بسب أنه جاء يوم وحانت لحظة عرس قطافها ... يسقطها أخي أو أبي وهو متعلق بأعلى الشجرة واراها تنهمر من بين يديه كسلاسل وأحيانا يسقطها بقصد فوق رأسي ورأس أمي وأختي ...والضحكات تعلو نتيجة الغيظ او الشكوى أو الألم من تلك اللكمات والضربات ...لكنها دائما يكون الألم ممزوج بشيء من الفرح الجميل
ومن الطبيعي جدا .. أن تنهمر حبات الزيتون على رأس من يجمعها بأصابع احترفت نتيجة هذا العمل منذ صبيحة اليوم، الزيتون يتساقط لا يرحم من ينحني تحته..
فلا تلبث أن تسمع من تحته .. هنا وهناك بعض السباب والتهديد المحشو بضحكة موجوعة ، أو النزق إثر إصابة رأس موجعة ..

تميل بجميع جسدها (أم محمد) تحت الزيتونة ولا زالت تحث أبنائها وتحفزهم إما تهديدا ..أو وعيدا، وتشد من عزم ابنها ولي العهد الشاب (محمد) ببعض كلمات ترفع إنزيم مسؤوليته كما يليق برجولة الابن الأكبر..حين أخذ على عاتقه تسلق الأغصان العالية مستأثرا بموقعه الاستراتيجي وحارما ومهددا ومتوعدا إخوانه الصغار على حد قوله من الصعود خلفه ..

وبعد ذلك عرفنا سبب علو صوت أم محمد بشدتها على ابنها محمد والسبب كان أن جارتها أو (سلفتها) (أم عمر) من جانب السور أم محمد تلقي عليها السلام وتطمئن على عدد (الشوالات) حصيلة جهد استمر إلى العصر، حين سُمع صوت ابنة العم (سلمى) بجانب أمها ( أم عمر ) تنادي الأخ الصغير ..أن عليه أن يترك الغصن الشمالي لأنه عالٍ جدا ويُعتبر من اختصاصها كونها تعتلي هامة (السيبة) أو السلم أو برميل ملقى هناك على الجانب من الزيتونة وتستأثر بالموقع الإستراتيجي.. أيضا..!

تتبادل الجارات بعض عبارات الإطراء فيما بينهن، ثم التذمر من المحصول مغلف بعبارات الحمد.. ولا يخلو الأمر من الشكوى الكثيرة من الأولاد وغلبتهم الكثيرة وتقاعس البعض منهم والكسل من فرط الزيتون أو جوله ( لّمه من تحت الزيتون )
بينما يتراشق الصغيران (خالد وصابر) حبات زيتون موشاة بالأخضر والأحمر والأسود ويتبادلان ضحكات خبيثة متتالية إثر إصابات ودية تشفي غليل خاسر.. أو تُضاف كنصر يضاف إلى الانتصارات الصباحية في ساحة الحي..بعد لعبة (دواحل( وهي عبارة عن كرات زجاجيه ملونه صغيرة الحجم ...يتقن فن اللعب بها أطفالنا الصغار وهي لعبه شعبيه جميله جدا

هناك أعلى الشجرة ..الأغصان المتشابكة .. لا تمنع العينين الصغيرتين من التلصص إلى حيث صوت قطاف زيتون الجيران المجاور ..لكنها أيضا لا تبخل بضربات مفاجئة إذا ما تعدى الموقف إلى وقت مستقطع للنظرات السارحة ..! مخلفة بعض الإصابات والخدوش الملحقة بآهات مكتومة غاصة في الحلق .. كشيء يقتضيه الموقف الرجولي فوق شجرة الزيتون..

الخسائر الكثيرة المتمثلة ببعض الكدمات والسقطات والعثرات الصغيرة جراء انزلاق حجر أو بعض التراب تحت الحذاء لم يحتمل ضغط المعركة ..لا توقف أبدا استماتة الجميع من متابعة المعركة حتى آخر زيتونة .. خشونة الأغصان دائما مغفورة .. وحركاتها المفاجئة الموجهة إلى الخاصرة معذورة على الدوام .. وهذا شيء متعارف عليه في قوانين الحب ..!

لا تتوقف أم محمد عن تنبيه المحاربين بضرورة الرحمة ثم الرحمة بالأغصان قائلة بحنو : لا تقطعوا غصنا .. لا تكسروا جذعا..
بينما يعترض (خالد) بأن غصنا أحمق كاد يقتلع عينه .. لتطفئ الوالدة وجعه بلمسة متفحصة للعين ثم تزوده بدعم معنوي للمثابرة والصبر مغمس بمدح مبطن بابتسامة ..بشيم الرجال، ثم ملحق بوصفة حذر قائلة : دير بالك يُمه ترى كلشي ولا عينك ..!

تعاود الأمهات زجر اللآهين ضابطات الموقف .. بحزم وتهديد، ثم بلين مفتعل .. وتشجيع مستمر على قولة (يللا يُمه قربنا انخلص..(

سلطة الحكم المتمثلة في حكمها الدكتاتوري الرحيم حينا، أو الديمقراطي العاقل حينا آخر..هي سلطة الأم التي لها يد تدفع .. ويد تمنع ويد أخرى تشارك أهل التراب ترابهم ..وأهل التعب تعبهم .. الأم حكومة في الميدان قوانينها مطاعة لأنها قلبية وحكمها مرغوب لأنه ثقة مطلقة ..تضبط خط السير بعين القلب وتوجه العقول بمؤشر الود..

سلطتها لا تقاوم أبدا .. فمن ذا الذي يقدر على الخروج عن القوانين .. غاضبا ...إلا رجع باكيا ..

مؤسفٌ كون هذا العالم يتخبط .. بلا أم تربط خط سيره بمعصمها ..! ..
مؤسف أكثر أن الحكومات تولد من رحم حكومات .. لا من رحم أمهات ..!

رشفات من أقداح الشاي يتناولها الجميع لا تخلو أبخرتها من رائحة التراب .. ولا يخلو المر من مناقيش الزعتر المغمسة بزيت الزيتون المغلفة بزعتررائحته نفاذه ولذيذه وطبعا من زراعة أم محمد وصناعة يديها الطاهرتين ...وكذلك من حبات زيتون مخللة ( زيتون رصيع ) وشرط أن يكون من زيتون هذا الموسم رائحته تعبق وتغلب رائحة غبار الزيتون والأيدي الملوثة بالزيت أحيانا والتراب أحيانا أخرى ...لكن الأكل بهما له نكهة خاصة ولو أنهما ملوثتان بالتراب أو انفعاس حبات الزيتون من خلال فرط الشجرة ولمه من التراب من تحتها ...وأجمل شيء على حد قول أولاد أم محمد أنها هنا لا تطلب منهما غسل يديهما قبل الأكل .....!

وأصوات الجارتين تتبادلان العزائم .. وتتابعان الشكوى أو الحمد ..
وأنصت قليلا وأسمع صوت أم محمد تغني بصوت جميل أجمل أهزوجة كانت حفظتها كما تقول منذ زمن طويل وكانت تغنى بليالي الأعراس ...غنت بصوتها الحنون لتسلي أولادها وتخلق لهم جو جديد لتشجعهم على المواصلة وعدم التكاسل ....
وتعود الأصابع نشطة تنثر التراب وتجمع الحبات المتساقطة كغيث كوانين وبدفء نيسان ..
لا تخلو قبضة تُقبض من الأرض من كمية تراب وبعض حبات الزيتون ..
هو مزج طبيعي في الكف تتحسسه فتجمع لا شعوريا لحم الأرض المرطب بعصارة الحبات المشبعة بالزيت ..

شيء ما تستشعره في كفك يخبرك ..أن في هذه القبضة لذة الحياة وقدسية الموت ..


يظل الحراك نشطا .. إلى أن تميل الشمس لتتكئ معلنة تعب الشجر من مشاكسة الأيدي والأقدام .. وبدء راحتها السنوية كحق طبيعي في إجازة .. لا فرق كثيرا بين الأم بعد الولادة وبين شجرة أفرغت حملها وأسقطت غِلالها .. وُتركت الأغصان كمن خلع ثوب المواسم الأثيرة للتو.. وأخذت نفسا عميقا بخفة.. من أنفاس المساء حين تخللنها ..غير منتظرة من أولئك الذي أعطتهم دون مقابل يُذكر .. لا حمدا ولا شكورا ..


تتبدى الأشجار بعد القطاف حزينة .. شأنها شأن المعتادين على العطاء .. للعابرين على محطاتهم .. تاركين إياها بعد الوفرة والكرم .. ورائحين بلا كلمة .. لا شيء بعدهم سوى آثار كدماتهم على جسدها الكبير الوقور ..ومزيدا من الفراغات في قلبها .. وظلال واسعة تمتد للخلف مع زحف الشمس نحو المغيب ..!

تغرب الشمس .. وترخي إرهاق الأغصان والأصابع مع ارتخاء العتمة.. وتتوشى السماء بالحمرة عاكسة ظلها على تراب لم تفارقه أنفاس الصغار بعد .. ولا رائحة جسد الكبار .. يمتد ظلا طويلا مؤقتا.. خلف عدد لا باس به من أكياس جمعت زيتونها ضحكات، وآهات ، وركلات ، وغمزات حب مسروقة.. على طول نهار تشريني في غفلة الغيم المارق بسلام ..

هذا شيء ما .. سجله ذلك اليوم .. وذخرت به ذاكرة القلوب مسقطا رأسيا .. ينحني اقترابا من الأرض قدر ما يرتفع قدر جذع زيتوني مبارك ..
يالروعة المنظر ...ويا لروعة الجمعة أو(ألعونه) في هذا اليوم وكل أيام عرس قطاف زيتوناتنا وزيتون أبناء عمومتنا وأبناء قريتنا جميعا ....أيام القطاف هذه عرس وفرح لا ينقطع وكلما انتهينا من قطف زيتونه نتطلع للأخرى ونجري لنفرش المفارش وننصب السلالم ونعانق الشجر ونداعب حبات الزيتون وكأننا نعزف أجمل لحن في عرس هذه الشجرة المباركة





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع