الحج والعمرة . . وثوب قريش من جديد

قبل عدة سنوات كتبت مقالاً بعنوان: "تأشيرة العمرة . . ثوب قريش" تحدثت فيه عن تعليمات سعودية صدرت في ذلك الوقت تمنح الشركات السعودية وشركة تسهيل (السعودية) حصرية تقديم خدمات الحج والعمرة للمسلمين في كافة أنحاء العالم مقابل مبالغ مالية تصل في بعض الأحيان الى مائة دولار لتأمين تأشيرة العمرة فقط . وقد احدث المقال في حينها صدى واسع في المملكة العربية السعودية وراجعني فيه بعض الإخوة السعوديين الأعزاء معاتبين لما اعتبروه انتقاصاً لما تبذله الحكومة السعودية من جهود لخدمة ضيوف الرحمن .

وفي هذه الأيام وبعد مرور فترة زمنية على هذا المقال فوجئ العالم الإسلامي بقرارات مجلس الوزراء السعودي والتي تتضمن تعديل رسوم تأشيرات الدخول إلى المملكة العربية السعودية ومنها تقاضي مبلغ الفي ريال سعودي (550دولار تقريبا) على كل تأشيرة عمرة للمرة الثانية!! وبهذا تسجل العمرة أعلى قيمة تأشيرة في العالم!!!

وهنا أجدني مضطرًا للحديث من جديد في هذا الموضوع الحساس والذي يخص كافة المسلمين في الأرض ، وليس هجوما ولا انتقاصاً للحكومة السعودية التي لا يستطيع احد أن ينكر الجهود التي بذلوها ويبذلونها لخدمة ضيوف الرحمن ، ولتطوير وتوسيع الحرمين الشريفين ، والانجازات الكبيرة التي تحققت في عهد الحكومة السعودية لرفعة شأن الحاج والمعتمر ، ولكن وحرصاً مني على هذه الدولة التي نكنّ لها كل الحب والاحترام والتقدير بصفتها راعية الحرمين الشريفين وحرصاً على الدولة العربية المسلمة الصامدة في وجه المخططات الخبيثة . تلك المخططات والمؤامرات التي أسقطت العراق وسوريا وليبيا ومصر واليمن وقدمتها فريسة سهلة بين فكي الكماشة الفارسية والصهيونية .

لذلك فإنه لزاما علينا أن نقدم النصح والإرشاد لأولي الأمر في المملكة العربية السعودية فالدين النصيحة لله ولرسوله ول أأمة المسلمين وعامتهم وإذ لا خير فينا إن لم نقلها ولا خير فيهم إن لم يسمعوها .

ان المملكة العربية السعودية اليوم تتعرض لمؤامرة دنيئة خبيثة مكشوفة لم تعد خافية على احد يشترك فيها الغرب الصليبي الذي عودنا على نقض العهود والمواثيق ، و الشرق الشيوعي والفارسي والذين لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة ، وقد بدى ذلك واضحا من أفعالهم وما تخفي صدورهم أعظم . وما يحدث في العراق واليمن اللتين تحيطان في السعودية إحاطة السوار بالمعصم وما يحدث في سوريا ،والتهديدات المستمرة من إيران ، و تخلي الإدارة الأمريكية عن حلفاءها في الخليج ، وإبرامها اتفاقيات

وصفقات معلنة وسرية مع الحكومة الإيرانية ، لدليل واضح على هذه المؤامرات.

وعليه فإنه ليس من الحكمة ولا المنطق أن تقوم الحكومة السعودية وفي هذا الوقت بالذات باتخاذ قرارات من شأنها إثارة العالم الإسلامي عليها وذلك بفرض مبالغ باهظة على الراغبين بأداء مناسك الحج والعمرة ، حيث ان هذه القرارات ستقف حائلاً أمام ملايين المسلمين وتمنعهم من أداء منسك العمرة بسبب ضيق ذات اليد ، وستترك مرارة في نفوس شعوب الدول المسلمة على الدولة السعودية ، والذين سيتساءلون وحُق لهم أن يتساءلوا ... من الذي أعطى الحق لأي حكومة في العالم من ان تفرض ضرائب ورسوم باهظة على كل من يرغب بزيارة بيت الله الحرام الذي وضعه الله للناس في مكة المكرمة وجعله مهوى أفئدة الناس ، ثم لماذا يفرض هذا المبلغ على المسلمين في العالم ويعفى منه اخرون مثل اهل الخليج الذين لا يحتاجون التأشيرة ؟ أليس المسلمون سواء؟

وهل يعقل أن تكلف تأشيرة العمرة أضعاف قيمة برنامج العمرة نفسه؟

كما ان هذا القرار من شأنه إلحاق أضرار اقتصادية فادحة ستصيب كل العاملين في مجال خدمة ضيوف الرحمن داخل المملكة العربية السعودية وخارجها.

قبل سنتين حسمت إيران أمرها وحولت قبلة حجاجها و معتمريها الشيعة الى كربلاء والنجف ، وشجعتهم على ذلك ودعمتهم وسهلت لهم الإجراءات وعبّدت لهم الطرقات ، ولم تفرض عليهم مبالغ مالية باهظة ، بل بالعكس قدمت لهم كل ما يحتاجون للوصول الى مراقدهم المقدسة.

فأين سيتوجه المعتمرون السنّة من باقي البلاد الإسلامية بعد أن حيل بينهم وبين بيت الله الحرام ، الكعبة المشرفة ؟

يا حكام السعودية . . يا أولي الأمر في بلاد الحرمين الشريفين .. يا سدنة الكعبة وحماة بيت الله الحرام وبيت الرسول صلوات الله وسلامه عليه.. نعود ونقول إن هذه الإجراءات والتعليمات تتعارض مع الولاية على بلاد الحرمين الشريفين . ان ولايتكم وسدنتكم على بيت الله الحرام تكمن في تقديم التسهيلات للمسلمين في كافة انحاء العالم للوصول إلى الديار المقدسة وعدم وضع الحواجز والعراقيل تحول بينهم وبين تلبية نداء ابو الأنبياء إبراهيم عليه السلام بشكل مباشر او غير مباشر ( فرض مبلغ 2000 ريال سيمنع 80% من المعتمرين في العالم الإسلامي من أداء مناسك العمرة) ،

كما ان هذه القرارات و التعليمات والإجراءات من شأنها تغيير الواقع وتبديل الحال مهما كانت قوته . فسنة الله في الكون نافذة وعلى عباده جاريه على كل من يحول بين عباد الله وبيت الله، وعلينا ان نقرأ التاريخ

جيداً . ولن تشفع سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام التي لا تستوي مع الجهاد في سبيل الله لكل من يمنع عباد الله عن بيت الله ، إننا نقول هذا الكلام حبا وحرصا على المملكة العربية السعودية ، ولأن يبقى الحرمين الشريفين تحت الولاية السعودية العربية خيرٌ ألف مرة من وقوعها تحت ولاية الفقيه الفارسية، وجماعته من أصحاب المذاهب الضالة المضلة . لذلك نحن في مركب واحد إذا نجى نجونا جميعا وإذا غرق لا سمح الله غرقنا جميعا .