من قال لكم بأن المواطن الأردني لا يعي ما يدور في رأسكم ؟!، وأن ما تقدمونه من تسهيلات أو اعفاءات لا تقصدون بها مصلحة المواطن ! فقلبكم ليس عليه ، ومصلحته لا تقلقكم ، وإرضائه غاية لا تعنيكم ،وهمه آخر ما تفكرون به !.. ألهذه الدرجة تعتقدون يا أصحاب القرار بأن المواطن ساذج يأخذ الامور بالمسلمات دون تحليل لقراراتكم !.
باالله عليكم ، هل يعقل أن تعود الحكومة عن قرار أصدرته بتخفيض ضريبة بيع العقارات، الذي صدر عنها بتاريخ 22/ 6 ، لتقوم بالعدول عنه وإلغائه وإنهاء العمل به بعد أقل من شهر ، لتنهيه بنهاية دوام 26/7 ، وكان مقررا أن ينتهي بنهاية العام الحالي .
كما عللت الحكومة بأن اتخاذها للقرار جاء بهدف تحفيز السوق العقارية ، بتخفيض رسوم بيع الاراضي الخلاء والأراضي التي لا يوجد عليها أبنية مفرزة من ضريبة بيع العقار بنسبة 50 بالمائة.
تفاءل المواطن عندما تشجعت الحكومة "وشدت حيلها" ، "وقوت قلبها" ، باصدار القرار تخفيفا عليه وعلى القطاع الاقتصادي كاملا في حالة بيع وشراء الأراضي مع بداية فصل الصيف، لتشجع المغتربين الذين يعودون للمملكة لقضاء إجازتهم لشراء الاراضي وتحريك قطاع سوق العقار .
ولكن المفاجأة المرة ،بعد أقل من شهر من القرار ، أجرت الحكومة عملية مراجعة،مبررة ذلك أن القرار لم يكن له أثر مالي يذكر ، وأن الغاية منه لم تتحقق ، وما زال القطاع العقاري يسجل تراجعا بنسبة 9 بالمائة في فترة تطبيق القرار مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي .
الغريب في الموضوع ، أن دائرة الاراضي والمساحة شهدت أروقتها حالة من الفوضى والاكتظاظ بالمراجعين الراغبين في الاستفادة من قرار الاعفاء ، بحيث تم تمديد دوام الموظفين في الأيام الأخيرة حتى الساعة الخامسة مساء، لانجاز أكبر عدد من المعاملات ، مما يؤكد عدم صحة الرواية الحكومية.
وفي صبيحة انتهاء العمل بقرار الاعفاء عادت مديريات تسجيل الأراضي في عمان وفي مختلف أرجاء المملكة إلى حالة الركود والكساد ، وصف بعض الموظفين حالهم بأنهم : " من الصبح بيكشوا ذبان ".
ويؤكد المواطنون ، والمستثمرون في قطاع العقار ، وخبراء الاقتصاد أن اصدار القرار والغائه بهذه السرعة ليس منتقدا فحسب ، بل مستهجنا ومستغربا،وخاصة عن حكومات تعودنا منها الجباية وآخر همها أن يكون قلبها على المواطن .
إلا أن الامر لم يمر مرور الكرام على المواطن الاردني الذي أصبح يعي كل ما يجري في بلده، خاصة أن العلاقة بين المواطن والحكومات علاقة بعيدة كل البعد عن الثقة ، واستمر البحث عن الأسباب التي تقف خلف هذا القرار، الذي أتخذ من قبل الحكومة لغاية معينة، وتم وضع سيناريويات لتعليل سبب الغاء الاعفاء وتاثيره على قطاع يشهد تراجعا، ورغم كل الذرائع التي تعذرت بها الحكومة إلا أن المؤشرات التي تظهرها سجلات تسجيل العقار أن القرار كان له اثر ايجابي بعكس ما تحاول الحكومة أن تقنعنا به.
وحتى تكتمل القصة ، علينا أن نطلع على الرواية غير الحكومية ، والتي تكشف عن السبب الرئيسي الذي وقف خلف هذا القرار الذي انتهى العمل به سريعا كسرعة اتخاذه ، "والذي جاء لصالح متنفذين " كما يتناقل البعض..
فهل كان اصدار القرار بهذه السرعة واختفائه بنفس السرعة، لصالح متنفذ ما ، ولغايات مشروع استثماري معين، فإذا ثبت ذلك فإننا أمام قضية فساد كبرى ..
معقول يا حكومتنا الرشيدة ، أن يتم اتخاذ قرار لعدة أيام فقط ، مع أن أي قرار حتى يكون له جدوى اقتصادية يحتاج على الأقل إلى ستة شهور لدراسته ، وإلا فإن القرار بحد ذاته خدمة لمصالح أشخاص أو متنفذين، لقد خاب ظن المواطن بكل الحكومات، فقلب الحكومة لا يرق اتجاه المواطن الذي يحلم في الحصول على قطعة أرض صغيرة لبناء منزل متواضع عليها ، أو أن يشتري شقة تستره مع عائلته .
نبارك لمن حالفهم الحظ من المواطنين الذين استفادوا من هذا القرار السريع ، ونبارك لحكومتنا الرشيدة التي باتت في خدمة أفراد ومتنفذين استثنائيين ، ونبارك لأنفسنا أننا كشفناكم ..ولكن ما باليد حيلة سوى أن نقول : بتضحكوا على مين؟!.
Jaradat63@yahoo.com