انهم يرتبون حبات العدس

دخلت باب الحضانه بمدينة صغيرة في المانيا لاصطحاب ابني ذات نهار شتوي قارس. وقفت عند باب مجموعته والتي كانت تدعى "مجموعة الشمس" . انظر الى الملائكة الصغار الذين لم يتبه احد منهم لحضوري المفاجيء, وقفت اراقبهم وهم منهمكون بترتيب حبات عدس وحمص ومن ثم يلصقونها على اوراق ملونه زاهيه بخطوط مستقيمه او دوائر هندسيه. ومجموعة اخرى من المتمرسين الصغار تمرر خيطا في ثقوب لحلقات خشبيه لصنع عقد ما.
اطفال لم تتجاوز اعمارهم الست سنوات يعملون بتركيز مرعب, كل منشغل بحبات عدسه!
هكذا يعلمونهم منذ الصغر التركيز, الدقه, الصبر, الاصرار والاتقان وبمواد بسيطه متوفره في كل زاويه. اما المجموعات الاخرى التي لا تحب البقوليات والعبث والتلاعب, بها فهي منشغلة بقطع البناء الخشبيه, يبون بيوتا واسوارا وحدائق ووو....
واليوم نحن نعيش اجواء نتائج الثانوية العامه, اقول لابنائنا:
لم تعد الشهادات وحدها تكفي, ولا المعدلات. هناك الكثير امامكم لنتعلم نحن وانتم. حتى وان نحن قصرنا اباء ومؤسسات ولم نعلمكم اياها. هناك اعزائي الكثير من المهارات الاخلاقيه والمهنيه في عالم متسارع وبلا رحمه. ولكي يجد كل منكم مهما كان تحصيله الرقمي مكانا متميزا له, في عالم يرحب به ويتقن هو فن اللعب معه, فلا بد لعلوم وفنون كثر ان تنساب في قلوبكم وعقولكم, ولا بد لكثير من الخيوط ان تمر بين اناملكم دون ان تتقاطع, خيوط لا تبدأ بالمهنية والاحترام ولا تنتهي بتكنولوجيا المعلومات, مهارات الحاسوب, كتابة التقارير, التخاطب المهني, عمل المحاضرات, واتقان اللغات وغيرها وغيرها..
اصبح لا بد لمجموعة كبيره من المؤهلات ان تكون طوع ايديكم كي تجدوا موطئا لكم في عالم شديد الزحام ولكنه كثير الفرص...
مع اصدق امنياتي للجميع بالتوفيق