أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
مقررة أممية: يجب معاقبة إسرائيل ومنع تصدير السلاح إليها مصر: الضغط على الفلسطينيين قرب حدودنا سيؤدي لتوتر العلاقات مع إسرائيل صحيفة عبرية: مسؤولون إسرائيليون يقرّون بالفشل في وقف تمويل “الأونروا” إصابة 11 عسكريا إسرائيليا في معارك غزة بحث التشغيل التجريبي للباص سريع التردد بين الزرقاء وعمان بدء صرف مساعدات لأيتام غزة بالتعاون بين التنمية الفلسطينية و الأردن لواء ناحال الصهيوني يغادر غزة 4.9% ارتفاع الفاتورة النفطية للمملكة مذكرة تفاهم لرعاية الطفولة المبكرة وكبار السن وتمكين المرأة الصين: نرفض أي تهجير قسري للفلسطينيين أمين عام البيئة يلتقي وفدا نيجيريا وفد مجلس الشورى القطري يطلع على متحف الحياة البرلمانية الاردني "الأخوة البرلمانية الأردنية القطرية" تبحث ووفدا قطريا تعزيز العلاقات "الملكية الأردنية" تؤكد التزامها بالحد من تأثير عمليات الطيران على البيئة قرار بتوقيف محكوم (غَسل أموال) اختلسها قيمتها مليون دينار بلجيكا تستدعي السفيرة الإسرائيلية الجيش ينفذ 6 إنزالات جديدة لمساعدات على شمال غزة الذكرى الثلاثون لوفاة الملكة زين الشرف بورصة عمان تغلق تداولاتها على ارتفاع الأردن: قبول 196 توصية دولية متعلقة بحقوق الإنسان
اختلافنا في الخير لا يوجب التنازع
الصفحة الرئيسية آراء و أقلام اختلافنا في الخير لا يوجب التنازع

اختلافنا في الخير لا يوجب التنازع

25-02-2016 11:20 AM

إذا كان مُبتغانا وجهَ اللهِ, ومَقصدُنا تنفيذُ مُرادِهِ لصالحِ الأمة، وكرامةِ الوطن، وحقِّ الشَّعب، فلا بأسَ من الوُصول إليه مِن أيِّ طريقٍ مشروع، يظن صاحبُه أنه قادرٌ من خلاله على تحقيقِ هذا المُبتغَى، فالميدانُ واسعٌ، والطريقُ فسيحٌ، وكلُّ جُهدٍ من هذا القبيلِ مقبولٌ عند الله، ما أخلصَ صاحبُه سعيَهُ، وصفّى سريرته، فأينما وَلَّىْ وجّهَهُ: (فثَمَّ وجه الله) سبحانه وتعالى، يتقبَّل ويُبارك.

 


واختلافُ الناس سنّة تكوينية لا يُتَصورُ منهم الاتفاقُ المطلقُ فيها على أيّ شيء، ولو على شكل طاولةِ السُّفرة التي تجمعهم للطعام، ولا على أصناف المطعوم الموضوع عليها، فما بالُنا إذن بمائدة الحياة، وتشعُّباتها،وتَعقيداتها، وما فيها من تقلُّباتٍ؟!

 


من هنا كان أمرُ الله واضحا للمؤمنين، بل وللناس أجمعين، أن يجتهدوا في خدمة رَفاهِ الحياة -لهم ولمن حولهم- من خلال الانطلاق في ميادينِ خبرتِهم واختصاصهم؛ ليقدّموا كلّ ما هو أفضل وأحسن، فقال واصفا سعيَهم، مؤكدا على حتمية تنوّعِهم في المسالك إلى ما يريدون:(ولكلٍّ وِجْهَةٌ هو مُوَلِّيها، فاستبقوا الخيرات)، فقيَّد ميادين السّعي بقيدِ الإيجابية، وفتح الميدان واسعا للتنافس في تقديم الخير العام، ومؤكّدا حتمية التّنوع الباني، ومُشْرِعاً له الباب بلفظ من ألفاظ العموم، مجرورا بلام الاختصاص:(ولكُلٍّ)، قاطعا الطريق أمام التنازع والاختلاف، القائم على التصادم والتنافس السّلبي.

 


إن العملَ القائم على قاعدةِ التصادمِ مُتعارضٌ تعارضا كاملا مع نصوصِ الشرع، وشروطِ النجاح، سواء كان هذه التصادم في الاتجاه العام والمنطلقات والغايات، أو في الأدوات والوسائل، وجعل هذا موجبا للاستغناء والوُكلان إلى النّفس، ليكون التّردى أكيدا، والشقاء حقيقة، وليذوق المتنازعون وَبَالَ أمرهم فقال: (وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى، وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى، وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً).

 


إن من أبشع ما وصف اللهُ به الكافرين، أنهم مُصّرون على التنازع، مأخوذين بعزة النفس، والفخر الفارغ، والعناد الأثيم، رُغم وضوح الحق، وجلاء سبيله، فقال:(ص، والقرآن ذي الذكر، بل الذين كفروا في عِزة وشقاق) فلا يكون الشّقاقُ والخصومة إلا بعد عُتُوِّ النفس عن الحق، وحتميِّات الحياة والاجتماع، وشروطها المستقرّة، حين يأبى فريقٌ من الناسِ الحقَّ، لأنه لم يأتِ من طريقه، ولم يكن زمامه بيده، وله موضع الصدارة منه، ويبدأ مسلسل الانحدار بين الساعين، وتأخذهم العزة بالإثم، ويذهب كل منهم يبحث لإثمِهِ عن مُسوغات تبرره، وهذا ما بِتْنَا نشهدُ بعضا من صورِهِ في صفّ العاملين للحق والخير أنفسهم، وهذا مما يبعثُ عل العجب، حين يرضى الخيّرون لأنفسهم موضعا، عَابَهُ اللهُ على أهل الضلالة والجحود!!

 


والشقاقُ تنازعٌ وتجاذبٌ للشيء، بين المتنازعين استحواذا عليه، أنانيّةً وحرصا، وبطرق مخطوءة -مع إمكان تعدده بأدلة الشرع وزاوية الفهم- أمر مخالفٌ لصريحِ الوحي القائل على سبيل النهي الجازم:{وَلا تَنَازَعُوا، فَتَفْشَلُوا، وَتَذْهَب رِيحكُمْ، وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّه مَعَ الصَّابِرِينَ}.

 


ففي التنازع ذهابُ الريح لكلّ المتنازعين، مؤمنين وغير مؤمنين، طائعين وعاصين، ووبال التنازع راجع على الجميع، لا يستثني، والعلاج كامنٌ بضبطِ النفس بقوانين الاجتماع البشري، القائمة على رعاية المصلحة، ودرء المفسدة، بالاتفاق على إدارة الاختلاف، على أساس التنوع، لا على أساس التصادم والتضاد، وعلى القواعدِ والقوانين التي يجترِحُها كلُّ أهلِ ديارٍ، بما يَصْلُحُ عليه حالُهم، وصبرِ نفوسِهم عليها، وحملِها على احترامها وصيانتها!

 


وفي التنازع معصية؛ لأنه ناقضٌ لمعني الوحدة، وهي مقصدٌ من مقاصد الشريعة:(تلك أمتُكم أمةً واحدة، وأنا ربكم فاعبدون)، ومبطلٌ لنعمة التأليف: (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، ولكنّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) وباعثٌ على فتنة الذين آمنوا عن الحق، بينما يقتضي روح الشريعة من أهل الإيمان، أن لا يكونوا فتنة للذين كفروا، فكيف إذا انقلبوا ليصيروا فتنة للذين آمنوا وصَلُحُوا ممن حولهم!!

 


التنازعُ موجب لفشلِ الجميع، فلا رابح فيه أبدا: فالنازِعُ خاسرٌ: لأنه أخذَ بالإكراه ما لا يستحقه، والمنزوع منه خاسر: لأنه كان حريصا على الأخذ، فغُلِبَ ولَم يقدرْ، والمتنازع (أي الحق)خاسرٌ كذلك: لأنه تمّ تشويهُه، وتجسيدُه بصورة مُنفّرة تصرفُ الناسَ عنه، وتُشكّكُهُم في صِدقيّتِه، وجدواه، وذلك فعل أهل الضلالة من أهل الكتاب:(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ ).

 


ونحن من أهل خير كتاب: خاتمها والمُهين عليها، وهاهم أبنائه يلبسون حقّ الكتاب بالباطل، بما يدور بينهم من تنازعٍ، أو يجعلون الحقَّ حقا واحدا، معَ احتمالِهِ وجوها مُتعددة، وفيها من الصَّواب نسبة، إذ لا يمكن لزاعم أن يزعم أنه على الحق المحض، وغيره على الباطل المحض، حتى في خير القرون، فنصيرَ بهذا المسلك فتنة للناس: من مؤمنين وكافرين!!

 


من هنا نستطيع فهم قول ابن تيميّة رحمه الله: (كلُّ ما أوجبَ فتنةً وفرقة، فليس مِن الدين، سواء كان قولا أو فعلا) حاسما المسألة في هذا السياق، ومُنبّها على الرُّشّد، المتمثّلِ بالتّوقُّفِ عن التّمادي، والتَّداعي على عَجَلٍ للمراجعة، عبر خطة للتّصفية والتّسوية، للملفات العالقة، على قاعدة الكلمة السواء، التي تُشخّصُ جوهرَ أسباب الاختلاف لعلاجها وتسويتها، والاجتماع على المشتركِ الموصولِ إليه من سُبلٍ شتى، على أن لا تتصادم بل تتكامل، ولا تتخالف بل تتآلف، في فضاء دعوة الإسلام الواسع الذي ضيّقته جيوبُ التنازع، بتقديس ولا يستحق التقديس!

 


وقفة العقلاء هذه اليوم باتت فريضة، وهي مُقدرة تستوجبُ الدّعم والمساندة من الجميع، ولا عُذر فيها لمتخلف عنها، أو عاملٍ بعكس اتجاها، لأنه إنما ينقضُ بهذا ثابتا شرعيا، وحتمية تكوينية في أصل الوجود معدنها قوله تعالى: (ولا يزالون مختلفين)، ليجعلها في إطار الفشل والعَنت والجمود بمنطق الإكراه العقيم وقاعدته: (ما أريكم إلا ما أرى).





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع