تعليقا على ما نقرأه منذ ايام قليلة عن حشود عسكرية عربية و اسلامية تجري تدريبات مشتركة من اجل الدخول الى الشمال السوري لمحاربة قوات عسكرية معارضة و على راسها "تنظيم الدولة و جبهة النصرة", بعد ان تقرر اضافة الاخيرة مؤخرا - و كلنا يعلم بان هذا التنظيم كان صناعة عربية تركية ، و دليلي انني و بأم عيني شاهدت مكتب جبهة النصرة قبل أكثر من سنتين في احدى شوارع اسطنبول الرئيسة و كان بعض من العمال يفرغون سيارات محملة بالصناديق و يدخلونها لذلك المكتب و على مراى الجميع- !!!!
فما الذي تبدل و تغير اذن بعد تلك الاموال التي انفقت على تلك الجبهة تسليحا و تموينا و تدريبا ؟؟؟
الذي بدل الموقف هو ضغوطات روسية و ايرانية و سورية طبعا بعد ان تحول الصراع الى صراع "سني شيعي" و من دون حياء او خجل او تورية.
و عودة الى الحشودات العسكرية و التي دعت اليها السعودية و بضغط روسي امريكي ...تحت شعار: انتم المسلمون المعتدلون اولى منا بالقضاء على التطرف و محاربة " الارهاب " الاسلامي الذي اساء للمسلمين و بنفس الوقت استطاع تنظيم الدولة " داعش " استقطاب اعداد كبيرة من الشباب العربي و الاسلامي ياتون الى العراق و سورية و فروعهم في ليبيا و اليمن و الحزائر و مصر و العراق و غيرها لمحاربة " الكفار " سواء اكانوا من دينهم او الديانات الاخرى.
هذه حقيقة قائمة لا احد عاقلا متابعا يستطيع انكارها او تجاهلها أو الالتفاف حولها .
و عودة الى الوراء القريب فاني اذكركم باجتماعات رؤساء الاركان العرب من اجل تشكيل قوات ردع عربية مشتركة من جميع الدول العربية - و هذا ما كنت اتمناه بقوة و حماس شديدين على الصعيد الشخصي - و كنت قد كتبت مقالا منشورا على عدة مواقع قبل سنوات تحت اسم " الامن القومي العربي " دعوت فيه الى تشكيل قوات ردع عربية مدربة تدريبا خاصا و مسلحة تسليحا خاصا و قيادتها مشتركة مقرها " الجامعة العربية " في القاهرة ، و تاتمر بمؤتمرات القمة العربية و قرارتها و اي قرار تتخذه يصبح تطبيقه ملزما للجميع و لا يحق لدولة عربية رفضه طبعا مع عدم التدخل الخارجي في صناعة مثل هذه القرارات المصيرية و المكلفة ماديا و معنويا .
فلو ان هذه القوات اسست و قامت بهذا الدور منذ 5 سنوات لما حصل شيء من كل ما حصل خلال اسوأ 5 سنوات في التاريخ العربي الحديث...تحت مسمى " الربيع العربي " و لقد اثبتت الأيام بأنه كلمة حق أريد بها باطل كان الهدف منه تدمير الوطن العربي و اعادة تقسيمه من جديد لإضعافه فوق ضعفه .
بالامس اعلنت سورية معارضتها لدخول اية قوات الى اراضيها و ستعتبرها قوات غازية لأراضيها و هذا من حقها و كان على الاطراف المعنية التنسيق المسبق معها لتصبح شريكا يعرف طبيعة الارض التي يحارب فوقها و أن لا يعلن سلفا أنه لا بد من التخلص من الرئيس الاسد , و كلنا نعرف بأن 95% من الجيش السوري لا يزال على ولائه للرئيس الاسد بالاضافة الى اعضاء حزب البعث و العلويين و قسم كبير من السنة من اصحاب المصالح الذين يهمهم بقاء الرئيس لأسباب لا مجال لذكرها .
و هنا يجب ان لا ننسى بأن هناك روسا و إيرانيين و لبنانيين من حزب الله و غيره يقاتلون بجانب الجيش السوري ...و هذا ليس أمرا سهلا بسبب :
أولا : غياب التنسيق .
ثانيا : تعقيدات الوضع الميداني .
و لنفرض جدلا بان ذلك حصل ...فهذا يعني بان الجيش السوري سيقاتل من اسموهم ب " الغزاة " حتى و ان كان الهدف المعلن هو محاربة الارهاب و بالتالي سينقلب اخوة السلاح الى اعداء السلاح و سيكون حجم القتل و الدمار اكبر فالقوات البرية بغطاء جوي لها اثر كبير على الارض خاصة بوجود مستشارين روس و امريكان و غيرهم , و جميعهم لا يضمرون خيرا لهذه الامة , و يتمنون لو أنها ازيلت عن الخارطة الارضية !!!!!!!!!
اعتقد - و أرجو أن أكون مخطئا – باننا نقف على ابواب زلزال مدمر بقوة "1000 ريختر" لن يبقي و لن يذر و ستسيل دماء كثيرة و ستزهق ارواح عشرات الالاف سدى و سينزح الملايين من سورية الى لبنان و الاردن و الى البحر و الغرق و الموت كما حصل مع الالاف من قبلهم .
و هنا علينا ان نسال انفسنا سؤالا مهما للغاية الا و هو :
هل تقلع الشجرة من راسها ام من جذرها ؟؟؟؟؟؟
انا اقول من جذرها و منبعها...فالاصل أن تعالج منابع الارهاب و اسبابه قبل المباشرة بعلاجه متأخرين عددا من السنين , و لو أنفقت هذه المليارات على تنمية الشعوب العربية و ازدهار بلدانها و تحسين ظروف مواطنيها لتلاشى الارهاب و ذاب و لن يجد بيئة صالحة لاستقطاب من يؤمن به .
و عودا على بدء .....
فلو قدر للقوات العربية ان تتقدم و بسرعة في الداخل السوري ...فهل التنظيمات الاسلامية التي تعتمد "حرب العصابات و الشوارع و الهرب و المراوغة " ستنتظر وصلوهم اليها أم أنها ستجد طريقة للهرب و التسلل الى الدول المجاورة و أولها لبنان و ثانيها الأردن ...و من يقول غير ذلك فهو ليس معنيا كثيرا بالوطن لأنه لا يعتبر الوطن الا ممرا أو مجرد جواز سفر .
أعرف بأن كلامي هذا سيغضب الكثيرين الا أنني مصر عليه كمواطن عربي أردني مسلم معني بصفاتي الثلاث السابقة و لا أحد يستطيع أن يزاود على حبي و ولائي لوطني الحبيب الأردن و اعتزازي بأمتي و ديني .
كلنا يعرف انهم سيختارون الهرب...و لكن الهرب إلى أين ؟
حبذا لو اننا عززنا حدودنا أكثر مما هو عليه اليوم بكل الطرق و الوسائل لمنع الهاربين من الدخول الى الداخل الاردني فان دخلوا و وصلوا الى جبال الاردن الغربية و الجنوبية الوعرة عامة و احراج عجلون و جرش خاصة فمن ذا الذي سيصلهم ؟.
و الوصل اليهم سيكون صعبا و مكلفا لأن جيشنا سينشغل على جبهتين داخلية و خارجية و اذا ما تضايق داخليا فإن انسحابه من التحالف و من المعركة لن يكون مناسبا و ستجل نقطة عليه .
و خير مثل لدينا ما حدث في العراق حيث أن جيشه مشتت لا يعرف اتجاهه في اليوم التالي حتى انه فقد البوصلة و هذا آخر ما نتمناه لجيشنا الذي نعتز به و نفخر !!!
و أعود الى سؤالي : هل نحن في الأردن في حالة حرب؟
و اذا ماكنا كذلك فهناك اجراءات يجب أن تسبق ذلك أولها تعزيز الجبهة الداخلية , و ثانيها إعلان حالة الطواريء , و مراقبة الاسعار بشكل صارم .
فاذا ما كنا على ابواب خوض حرب ضارية – و أرجو مرة أخرى أن لا نكون – علينا أن نعرف بأننا لسنا في نزهة و أن الحرب حرب...فيها دم و دمار .