يعتبر موضوع الشباب من المواضيع التي تجد تداولا مكثفا من قبل الحكومات الأردنية المتعاقبة دون ان يرقى ذلك الى فعل حقيقي ناجز لمعالجة مشكلات الشباب وشحذ هممهم والأخذ بيدهم نحو شاطئ الأمان في ظل ظهور الحركات الإرهابية المتطرفة ومحاولاتها الاصطياد بالماء العكر من خلال إغراء هؤلاء الشباب للانضمام اليها مستغلين حالة الإحباط واليأس التي يعانون منها في ضوء ازدياد صفوف البطالة بينهم وعدم قدرتهم على بدء حياة اسرية كريمة.
فوزارة التعليم العالي مثلا تعجز عن معالجة نقاط ضعف جوهرية في خططها وسياساتها، إذ نجد أن الجامعات الحكومية والأهلية مثلا مستمرة في غيها في تدريس التخصصات الراكدة والمشبعة في السوق الأردني وحتى في السوق الخليجي ويصعب جدا على خريجيها ايجاد أي فرص عمل، وإن حصل ذلك فيكون برواتب هزيلة لا تغني ولا تسمن من جوع. فهناك مثلا ما يزيد على 160الف مهندس ثلثهم يعمل وثلثيهم يعانون من البطالة واليأس والإحباط. وما ينطبق على الهندسة والتمريض، تراه ينطبق على العشرات من التخصصات الإنسانية.
كما أن الحكومات المتعاقبة تشجع الشباب الخريجين على التوجه للبحث عن وظائف عمل في القطاع الخاص دون أن تراقب هذا القطاع وتضع حدا للفساد المستشري فيه من حيث الوساطات والرواتب المتدنية والزيادة في ساعات العمل واستغلال حاجة الشباب بشكل لا يقبله عقل.
أما تشجيع الطلبة نحو التعليم المهني فهو موجه للقطاعات المسحوقة من أبناء المجتمع ليكونوا في خدمة أبناء الطبقة المتنفذة ممن يستأثرون بحصة الأسد من وظائف الدرجة الأولى، ولا نجد أي من المسؤولين والوزراء أو غيرهم يضربون المثل في ابنائهم بالتوجه نحو تعلم المهارات المتوسطة، فحصتهم محسوبة ولا حاجة لهم ببذل الجهد والعناء للحصول على وظيفة وراتب عال.
مجمل القول، فإن الحكومات المتعاقبة لم تولي موضوع الشباب العناية المطلوبة والاهتمام الحقيقي، إذ لم نعد نسمع سوى جعجعة بلا طحن وشعارات وتنظيرات لا ترتقي الى فعل حقيقي أو خطوات واقعية تنفيذية تثبت صدق النوايا إن وجدت.