لا يختلف اثنان على أن سوق العمل الحكومي محدود جداً باستثناء التعليم والصحة كما جرت عليه العادة، وبالتالي يبقى ما ينتجه القطاع الخاص من هذه الفرص ، وما تطلبه الأسواق الخليجية هي ما يحدد آفاق النمو في تقليل معدلات البطالة في الأردن .
كما نعرف طبعاً فإن ضغط اللاجئين السوريين وسيطرة العمالة الوافدة على القطاع غير المنظم في الأردن، تقلل من وجود العمالة الأردنية في ذات القطاع ، وهذا ما يسبب انخفاضاً في أجور العمال الأردنيين بسبب قبول العمال الآخرين بأجور أقل .
وبالتالي يعني ذلك فرص تشغيل أكثر سوف تتاح للعامل الوافد أكثر منه للأردني ، كما أن العمالة الأجنبية تتحرر من الكثير من القيود الاجتماعية فيما يتعلق بطبيعة العمل وعدد ساعاته ، والتزاماته الأسرية ، ومزاجية العامل الأردني ، وتمرده على صاحب العمل ... الخ ، وهذه العوامل بطبيعة الحال تعتبر مشجعة لأصحاب الشركات والخدمات الصغيرة وتجار التجزئة لتفضيل العامل الأجنبي على الأردني .
كما يسجل أيضاً ، أن الكثير من الاستثمارات السورية التي قدمت للأردن إبان الأزمة السورية خاصة العاملة في المجال الصناعي ، مازالت تستقدم معها العمالة التي كانت تشغلها في بلادها ، وترتكز عليها في السوق المحلي أكثر من العامل الأردني ، الذي يتم طلبه فقط لغايات الدعاية والإعلان أمام الحكومة ، في كونها تساهم في خلق فرص العمل للأردنيين ، وبنظرة سريعة على المطاعم السورية التي انتشرت في عمان أو المدن الأخرى ، نجد أن العمالة بمجملها من الجنسية السورية .
طبعاً إجراءات وزارة العمال رغم جديتها في بعض الأحيان، وفتورها في أحيان أخرى مرتبطة بحسابات ومعطيات سياسية مع الدول المشغلة للعمالة في الأردن ، وحتى اللحظة مازالت غير قادرة على تبني استراتيجية تشغيل وطنية قائمة على الإحلال والتبديل بين العمالة المحلية والوافدة ، خاصة في المهن البسيطة التي لا تتطلب مؤهلات أو شهادات ، وهنا نلقي اللوم على مؤسسة التدريب المهني ، وعلى المدارس الصناعية في هذا المكان.
طبعاً إجراءات وزارة العمل لم تتجاوز تنظيم الحملات في الشوارع ضد العمالة الوافدة ، للتأكد أساساً من نظاميتهم وحصولهم على التصاريح اللازمة في العمل، مع أن هذا الإجراء ضرورة مؤسسية وليست مزاجية أو عارضة لضبط تدفق العمالة الوافدة ، ولكنه غير كافي في ظل سيطرة هذه العمالة على القطاع البسيط غير المنظم والمدرة للدخل بنفس الوقت ، وفي هذا المكان نشير أن تحويلات العمالة الوافدة إلى خارج الأردن تقدر بنحو 500 مليون دولار سنوياً .
طبعاً بالرغم من أن هذا المبلغ صغير جداً في الحسابات المالية للدول، لكنه ذو أهمية كبيرة في حالة الاقتصاد الأردني ، كونه يشكل أقل من 10% من الموازنة العامة للدولة التي هي بالأصل متواضعة ولا تمثل الحجم الحقيقي للاقتصاد وفعالياته المختلفة ، وهو أيضاً نحو 25% من العجز في الموازنة العامة للدولة.
وعلى العكس تماماً نشير مثلاً إلى أن تحويلات العاملين الأجانب في السعودية تبلغ نحو 55 مليار دولار سنوياً .
ما هو المطلوب إذن ؟؟؟؟؟؟ يجب على وزارة العمل بتنظيم وضعها في سوق العمل وفي الاقتصاد ككل .
وهنا نرى بداية أن يكون هناك رقم حساب لكل عامل وافد ، وبشكل ملزم على أصحاب العمل المنظم ممن يشغلون العمالة الوافدة ، استخدامه لتسوية حساباتهم وتعويضاتهم وتحويلاتهم الخارجية، وربط فعالية هذا الحساب بالتجديد السنوي للإقامة أو لتصريح العمل كما هو معمول به في الكثير من الدول الأخرى ، واستخدام هذا الحساب للفصل في القضايا العمالية بين العامل الوافد وصاحب العمل أيضاً .
وربما هناك بعض أنواع العمل بآجر يومي ، يصعب ربطها في هذا الحساب ، واعتقد أن الحساب يشكل حصيلة أعمال الوافد في الدولة ومنه ، ويجب أن تتم كافة التحويلات المالية لهذا الوافد إلى بلده عن طريق هذا الحساب، ومن لا يملك حساباً لا يستطيع التحويل تحت أي سبب كان ، مع ضرورة تفعيل عدم حمل أكثر من 5000 دينار نقداً للعامل الوافد في حال سفره خارج البلد ، للاستفادة قدرة الإمكان من .
ماذا عن التغطية الصحية للعمالة الوافدة غير المنظمة ؟؟؟ ، وهنا لابد وضع مبالغ معينة تضاف لقيمة تصريح العمل تدفع كتأمين ، كما يجب على وزارة العمل مكافحة التجمعات العمالية في المناطق العامة والحيوية في الدولة ، فمثلاً يمكن النظر إلى شكل هذه العمالة في ساحة العين في السلط ، أو في صويلح على جنبات الطريق وفي أماكن أخرى كثيرة في الأردن تثير الازدحام والفوضى ، وهذه العمالة غير المرتبطة بعمل يجب معالجتها والتقليل منها بأي شكل كان .
العمالة السورية أو العراقية وبحكم ظروف تواجدها الاضطراري في الأردن وخيارها الوحيد البقاء فيها، فإن الدولة تستفيد كثيراً من إنفاقها في شتى مناحي الحياة ، لكن ماذا بخصوص الفئات الأخرى.
كما يجب على وزارة العمل الاستفادة من تجارب الدول الأخرى في ربط تأشيرة العمل للعامل الوافد بالمهنة التي يعمل فيها وتقديم ما يثبت التوافق بينهما ، والتضييق على نقل الكفالة في القطاعات التي تتوفر فيها العمالة الأردنية ، ومراقبة ومحاسبة شركات استقدام العاملين .....
من الإجراءات التي تحكم سيطرة الدولة الضعيفة على هذا القطاع الحيوي والمهم من مكونات سوق العمل الأردني ، ومراقبة اشتراكات الضمان من قبل الشركات الأجنبية العاملة في المملكة سواء للأردنيين أو للوافدين فيها .