أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
السبت .. ارتفاع على درجات الحرارة غالانت وبن غفير «يعبثان» بأوراق خطرة… الأردن: ما الرسالة ومتى يعاد «الترقيم»؟ “اخرسي ودعيني أكمل” .. احتدام النقاش بين البرغوثي ومسؤولة إسرائيلية على الهواء (فيديو) العين العبادي يؤكد دستورية المادة (4/58) من قانون الانتخاب الأردنيان حماد والجعفري إلى نهائي الدوري العالمي للكاراتيه ما سقط "في العراق" يكشف أسرار ضربة إسرائيل على إيران أول خبر سار لعشاق الصيف .. حرارة أربعينية تُطل برأسها على الأردن باحث إسرائيلي: تل أبيب فشلت بشن هجوم كبير على إيران الرئاسة الفلسطينية تدين عدوان الاحتلال الإسرائيلي على مدينة طولكرم غوتيريش يدعو لوقف دورة الانتقام الخطيرة في الشرق الأوسط طبيبة أردنية عائدة من غزة تصف معاناة النساء في القطاع إصابتان برصاص مجهول في إربد جماعة يهودية متطرفة تقدم مكافأة مالية لمن يذبح قربانا بالأقصى انتشال جثة شاب عشريني من مياه سد وادي العرب إثيوبيا تستفز مصر مجدداً: من أين لكم بمياه لزراعة الصحراء في سيناء رجل يحرق نفسه أمام محكمة ترامب - فيديو. هآرتس تكشف بناء بؤرتين استيطانيتين في غزة. أسطول الحرية يستعد للإبحار من تركيا إلى غزة. 100 عمل مقاوم في الضفة الغربية خلال 5 أيام. الأردني أبو السعود يحصد ميدالية ذهبية في كأس العالم للجمباز.
الصفحة الرئيسية آراء و أقلام صناعة المُعارضة في أوطاننا العربية

صناعة المُعارضة في أوطاننا العربية

13-08-2014 01:14 PM

اسمع وأقرأ كثيرا هذه الأيام من بعض الأصدقاء وبعض الكتاب في مجتمعنا لوما وتجنياً على بعض الأشخاص المعارضين بحيث كلما سمعوهم يتكلمون في أمر ما بتذمر، أو إذا قرأوا لهم مقالة ما تنتقد واقعا سيئا، يبدأون بوصفهم بشتى الأوصاف وأقساها ،وابسط شيء يصفونهم به هو أنهم خُلقوا معارضين وطوال عمرهم لم ولن يعجبهم العجب ، وهم دائمو التذمر، وبعضهم يتجهون لمنحى غريب وللأسف هذا المنحى بالذات يتجه إليه المثقفون والسياسيون .

حيث يخوِنُون هؤلاء المعارضين وينسجون حولهم قصصا ملفقة لجعل العامة ينفرون منهم ، رغم علم هؤلاء الأشخاص بأن قصصهم ملفقة ولكنهم يستمرون بها لأنهم يدركون أن شعوبنا العربية عششت في أدمغتها نظرية المؤامرة ، بحيث أصبح المواطن من العامة كلما سمع أحدا يطالب بتغيير قانون مجحف مثلا في جانب من جوانب الحياة .

يبدأ هذا المواطن بالهجوم على هذا الشخص وتخوينه وإطلاق الإشاعات حوله ، وطبعا الإشاعة الرائجة هذه الأيام حول المعارضين هي أن لهم أجندات خارجية رغم أن نسبة غير قليلة من المجتمع لا تعرف معنى كلمة أجندة ، علما بأن بعض هذه القوانين التي يُطالب بتعديلها أو إلغائها ربما يكون مضى على تشريعها عقودا من الزمن وأصبحت بالية وبحاجة للتغيير تبعا للمتغيرات التي حدثت طيلة هذه العقود ، ولكنها المصيبة فقد رُسخت في أذهانهم وعقولهم أفكار سلبية عن كل من يطالب بالحقوق والإصلاح ومحاربة الفساد .

وعندما يفلس البعض من إيجاد سلبيات لهذا المعارض أو ذاك للأسف يتجهون للخوض في الجوانب الشخصية للمعارض تصل حد السخافة حيث يقولون عنهم مثلا أنهم يعتبرون أنفسهم أعلى من باقي خلق الله ، ويقول البعض الآخر عنهم أنهم يتصورون أنفسهم أنبياء وأنهم دائما على صواب وما عداهم فهو مخطئ ، ويتدنى مستوى بعضهم للقول لم نراهم ويقصد المعارضين يوما يضحكون أو يبتسمون فهم دائما متجهمين ، وكأن عدم الضحك أو الابتسام أصبح تهمة.

عندما اسمع هذا الكلام استغرب قولهم وتجنيهم على هؤلاء الأشخاص المعارضين ، لأنني أعتقد أن الإنسان لا يولد بالفطرة معارضا فالمعارضة ليست وراثية والجينات ليست متهمة بلعب دور في هذا الأمر .
وتبدأ تنتابني نوبات من العصف الذهني بين الحين والحين بحثا عن كيفية إقناع أصدقائي بأن هؤلاء مواطنين صالحين ولا يعارضون بدون سبب مقنع ، ولكن بالتأكيد هناك أسبابا وعوامل كثيرة جعلت منهم معارضين ، بل في كثير من الأحيان يصنع مجتمعنا المعارض صنعا .

وأتوصل إلى أن أصدقائي يعرفون الحقيقة ولكنهم لا يستطيعون الجهر بها خوفا من ألسنتهم عليهم ، لذلك يتجهون للجانب الآخر وذلك لضعف في أنفسهم ، فالواقع يثبت بالدليل القطعي أنه في وطننا العربي الكبير يرضع المعارض المعارضة رضاعة ، منذ لحظة الولادة حتى أنه يبدأ حياته بالصراخ لحظة الولادة ، حتى بت أظن هذه الصرخة هي بداية المعارضة والتذمر والاحتجاج ، وكما أسلفت أقول أن المعارضة كانت رضاعة إجبارية للمعارضين وعلى جرعات متتالية ومتناسبة مع العمر العقلي والزمني لهم .

وبعد الكثير من نوبات العصف الذهني لم أجد وسيلة لإقناع أصدقائي أن أسباب وعوامل وجود المعارض وكيفية وصوله إلى مرحلة المعارضة كثيرة جدا ولا مجال لحصرها في هذه العجالة ولكني أود أن أبين بعضا من هذه الأسباب التي تصنع المعارض عل أصدقائي يكفوا عن التجني على بعض المعارضين ويقتنعوا ولو جزئيا بأن هذا ظلما وافتراء عليهم وأنهم لم يخلقوا معارضين ، أيضا لكي يعرف أصدقائي أن هؤلاء المعارضين يعرفون الضحك والابتسام ولكن حجم الجرعات التي نهلوا منها جعلت منهم أشخاص لا يستطيعون الضحك بل لم يعودوا يتذكرون كيفية الضحك بل وصل الأمر بهم أنهم لا يتذكرون معنى كلمة ابتسامة وهنا أوجه الكلام لأصدقائي وأعود لأذكرهم ببعض الأسباب والمواقف البسيطة والتي يتعرض لها المواطن العادي ويُجبر على أن يصبح معارضا رغم أنفه علما بأني متأكد أن أصدقائي يعرفونها ويدركونها جيدا :

- عندما ترى الفساد يتغلغل في بنيان وطنك وتقف لتقول لا للفساد وتجد من يصبح وصيا على فكرك ورأيك ويقول لك لا تشارك بطلب محاربة الفساد أليست هذه جرعة تدعوك للمعارضة !

- عندما ترفع الحكومة أسعار المحروقات قرشا هذا الشهر وتعود لتخفضها نصف قرش في الشهر الذي يليه ، ثم تعود ونرفعها قرشين الشهر التالي وترجع لتخفضها قرشا في الشهر الذي يليه ، ماذا تسمون هذا ؟ إنها دعوة رسمية للمعارضه هكذا هي .

- عندما يتخرج الطالب من الجامعة وينتظر التعيين عقدين من الزمن ، طبعا سيصبح معارضا

- عندما يتخذ مجلس النواب قرارا بالإجماع ، ولا تنصاع الحكومة لقراره ، فهذا من أسباب المعارضة .

- عندما تعلم بأن هناك عددا من أبناء وطنك ما يزالون في سجون عدوك ، رغم توقيع معاهدة سلام مع هذا العدو ، فحري بك أن تصبح معارضا . 

- عندما يقبلك المرشح للنيابة مئة قبلة قبل الانتخابات وبعد أن يصبح ( صاحب السعادة ) وترسل له رسالة لغرض ما ويقول لك لم تصلني رسالتك هذه جرعة أخرى أيضا .

- عندما يؤذيك شخص ما في الشارع وتريد أن تشتكي عليه ويطلب منك أن تحضر اسمه الرباعي ورقمه الوطني حتى تستطيع تقديم شكوى بحقه ! وكأنه يُقال لك اذهب إليه وقل له لطفا يا عزيزي أريد اسمك كاملا مع رقمك الوطني لأشتكي عليك ، لا أدري هل أنتم متفقون معي أنها جرعة أخرى أم لا ؟

- عندما تشاهد القاتل يقتُل ويطلب منك أن لا تشهد بالحق فهذه جرعة تدعو للمعارضة.

- عندما يتم تعيينك معلما في إحدى المدارس وتذهب لتباشر عملك فتجد أن عملك هو حارسا ماذا تسمى هذه غير جرعة أخرى مثل اللواتي سبقنها .

- عندما تتعرض لمشكلة ما في عملك وتطلب مقابلة المسؤول مئة مرة ولا يرد على طلبك لا سلبا ولا إيجابا فبالتأكيد هذه جرعة أخرى تدعوك للمعارضة

- عندما لا تسمع صدى لصوتك وتتواصل مع وسيلة إعلام محلية في وطنك وتحاكم بتهمة التواصل مع وسائل الإعلام وتحس وكأنك تواصلت مع إعلام عدوك التقليدي والتاريخي ، هذه الجرعة لا تجعلك معارضا فحسب بل وإعلاميا ناطقا بلسان المعارضين

- عندما يتحدث معك المسؤول مساءً بلباقة وذوق ويدعوك ليَسعد بلقائك وتناول فنجانا من الشاي بمعيتك صباحا وتذهب لتجد الأصفاد جاهزة لمعصميك ، ماذا تسمونها بالله عليكم يا أصدقائي تجرأوا وتكلموا أليس هذا التصرف دعوة مجانية لتصبح معارضا !

- عندما يكذب عليك المسؤول وتطلب منه الاعتذار ويُقال لك من أنت حتى يعتذر لك ؟ بماذا تصفون هذا التصرف ؟ أجيبوني ؟ 

- عندما تستغفر الله في حضرة المسؤول ويقول لك اذهب بعيدا واستغفر ربك ، صدقوني إنها جرعة مدعمة تجعلك تهرول هرولة للمعارضة .

- عندما تُوقف عن عملك ظلما ويستيقظ طفلك ابن الأربع سنوات صباحا وبدلا من صباح الخير يقول بكل براءة ، بابا لماذا بطلت تروح على الشغل، ولا تجد إجابة مقنعة له ، ورب الكعبة إنها جرعة ليست كباقي الجرعات بل هي جرعة سامة إن لم تجعلك معارضا فقد تصيبك بشلل دائم في الفكر والرأي .

- عندما تُتهم بتهمة ولا تستطيع الدفاع عن نفسك ويكون صديقك ( الأنتيم ) يعرف الحقيقة ويعرف أنك بريء ولا يتحدث ، أيبقى الأنتيم أنتيمك ، أم تُصبح المعارضة بديلا للأنتيم المغشوش عذرا على كلمة الأنتيم فهي من الكلمات التي حُشرت غصبا في ألفاظنا اليومية .

- عندما تُتهم بالسرقة والمسؤول يعرف السارق ويعاقبك أنت فداء للسارق ، نعم هذه جرعة كاملة الدسم .

- عندما تشاهد مشهدا منافيا للشرع وللأخلاق وتدعو لإيقاف هذا الأمر وتُعاقب أنت بتهمة ممارسة أفعال منافية للشرع والأخلاق ... إنها جرعة أخرى ثقوا بكلامي نعم جرعة .

- عندما تسأل الشخص الذي وضع القانون عن تفسير بنداً في القانون ويرفض إجابتك فماذا تُسمى هذه غير لطمة لك وجرعة جديدة ؟

- عندما تذهب إلى المستشفى وتجد الممرض يقوم بعمل الطبيب أليس هذا الأمر مدعاة للمعارضة !

- عندما تفحص مركبتك وترخصها الساعة الثامنة والنصف صباحا وتُحجز رخصة مركبتك الساعة الحادية عشرة والنصف من نفس اليوم بحجة أن الدخان يخرج من العادم ، مع أنها مفحوصة قبل ساعتين ألن يصبح رأسك هو العادم ويخرج منه دخاناً أكثر من دخان العادم ! وتكون هذه جرعة قاتلة من جرعات المعارضة .

- عندما تكون كل أسرتك خمسة أطفال وليس لديك بستان ولا حديقة وتأتيك فاتورة المياه بمئتين وعشرة دنانير عن دورة واحدة ، وبعد أن تراجع المسؤول ، يخفضها لثمانين دينارا وكأنك في موسم التنزيلات الصيفية ، ألا تشعر بالغثيان ! فهذه من الجرعات القوية الكافية لجعلك على رأس المعارضة .

هذه أمثلة بسيطة جدا من الأسباب الموجبة لجعل الانسان معارضا رغم أن هناك أسباباً أكبر توصل حتى الطفل للمعارضة ولكني اختصرتها بهذه الأسباب التي عايشتها شخصيا وحتى لا أُطيل عليكم .
وهنا وبعد كل ما سلف أعود وأقول لا يا أصدقائي كلامكم عن المعارضين مردود عليكم فيبدو لي أنكم تعيشون في مجتمع آخر بعيد عن مجتمعنا ومجتمع هؤلاء الأشخاص المعارضين ، فأنتم في واد آخر وهم في واد آخر .

أصدقائي إذا كانت كل الأسباب السابقة لن تجعلكم تكُفوا عن وصف المعارضين بأنهم معارضين لأجل المعارضة والشهرة فقط ، فصدقوني أنكم أنتم بحاجة إلى معارضة ، فعلى الأقل أتركوهم وشأنهم فهمومهم فعلا تُنسي الإنسان الضحك الذي أصبح بنظركم تهمة ، فعندما يشاهد أحد هؤلاء المعارضين شخصا يضحك صدقوني أنه يستغرب هذا التصرف وهو الضحك ، فبعد كل ما ذكرته سابقا لم يعد هناك مساحة للضحك بل اُختصرت كل المساحات لديهم للحزن والأسى والمعارضة التي رضعوها .

ولا يحضرني هنا إلا تعبير شاعرنا الرائع المُعبر أحمد مطر عندما وصف حالنا الآن قبل عقودمضت وكأنه استقرأ المستقبل ففعلا كما قال ( وكأنهم يريدون منا أن نضحك في بيت العزاء ) نعم أنتم تطلبون منهم هذا الأمر ، ففي ظل كل ما ذكرته سابقا أتساءل ويجب عليكم أنتم أن تتساءلوا ، لماذا يضحك ؟ ولمن يضحك ؟ ومتى يضحك ؟ وكيف يضحك ؟ فبعض الأشياء التي كانت سابقا تدعو للضحك ، أصبحت حاليا سببا قويا للبكاء وليس الضحك . 


أصدقائي الأعزاء إذا لم تتعاطفوا مع هؤلاء المعارضين فارحموهم يا أصدقائي ارحموهم من انتقاداتكم واتهاماتكم لهم فما فيهم يكفيهم ووجودهم في الجانب المعارض لم يكن بإرادتهم فالقوانين البالية ، وأنتم وباقي أطياف المجتمع كنتم سببا لصنع المعارضين

 





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع