إن من القيم الجوهرية التي تتطلع إليها وزارة التربية والتعليم توفير فرص تعليمية للجميع، فكيف سيتم ذلك إن كان المال هو العائق الوحيد لطالب العلم..؟ التعليم ليس مجرد كلمة نتعلم حروفها وننطق بها لنصفق .. إنما هي متطلب حياة يؤثر في العقل والسلوك .. هو طريق لتحقيق الأحلام ووضع الأهداف لمستقبل آمن خالي من الجهل والفشل.. إلا أن وزارة التربية والتعليم ذاتها هي من تضع العوائق أمام الطلاب .. وهي من لا تعي بالرسالة التي تسهم في خضم "الاقتصاد المعرفي العالمي".. إلا أن وزارتنا تمسكت بالاقتصاد وتخلت عن المعرفة.. يلاحظ الجميع الفوضى في المدارس الحكومية .. والمباني تحتاج إلى صيانة ولا يتوفر فيها سبل الراحة للطلاب كي تمنح الراحة و الأمل بدلاً عن التأفف والكسل..
الأنظمة الخانقة للطالب وأسرته ومنها الدراسة المسائية والصباحية .. تؤدي إلى شتات الطالب وشعوره بعدم الاستقرار.. فكيف سيتلقى العلم ليبدع و يتميز وهو في حالة نفسية لا تمكنه من الاستيعاب والتحصيل العلمي الجيد..؟ لماذا لم نأخذ رأي الطالب في قراراتنا التي تحدد مصيره ومستقبله ورؤياه..؟ نعلمهم كلمة الحرية ولا يلمسونها.. فمعنى الحرية لا تفسر بالمعنى الصحيح.. فالحرية تعني تحمل المسؤولية وليس إهمالها.. إلا أن الإهمال والفوضى والتراخي يتلقاهم الطالب تلقائياً دون حاجة لمعلم .. كون البيئة التي يقضي فيها معظم وقته هي بيئة فوضوية.. فلا نلوم الطالب على التقصير أو العنف أو عدم الشعور بالمسؤولية كونه في صرح لا يهب ما يحتاج و لا يحقق مقصده منه..
طالما أن وزارة التربية والتعليم تسعى لتطوير نظام تربوي عماده "التميز".. فكل اعتمادها على استقطاب الطلاب.. فعليها تأهيلهم للتميز ولكن الطريقة في خلق التميز لا يكون بأساليب تعجيزية ينصدم من نتيجتها وتضليل قدراته التي تمسّـك بها طيلة فترة دراسته.. ليحصل على الإحباط وثم الفشل والعقاب من المدرسة الاهل و المجتمع.. وهذا ينتج من وزارة التربية والتعليم التي تقف عائقاً في طريقه.. بدءاً من المنهاج المرهق إلى امتحان الثانوية العامة المرعب..
لم تنته وزارة التربية والتعليم من وضع العوائق التي أصحبت تعيق رسالتها ورؤيتها دون أدنى تفكير لتتطلع إلى المال كمادة أساسية للتعليم متغاضية عن الموارد البشرية .. فلا علم دون طالب .. لتتخذ مؤخراً قراراً باستيفاء مبلغ ثلاثين دينار لكل مادة يقوم بتسجيلها طالب الثانوية العامة (التوجيهي)..
أين تقيم يا سعادة الوزير..؟ بغض النظر عن أين وكيف .. ألست أردنياً تشعر بما يشعر به المواطن الأردني من توالي ارتفاع الأسعار الذي أثقل كاهله من الأساسيات كالوقود والكهرباء والماء وغيرها لترتكز الوزارة على أسرة الطالب في ضمان نفسها أولاً و أخيراً و تحطيم القلوب في ابنائها..؟!
من القيم الاجتاعية التعاون لا الأنانية .. الاحتواء لا الإهمال .. فكيف ستعلّمون تلك القيم لأبنائنا طالما أنتم تنفرونهم من العلم وتلقونهم إلى العمل والتخلي عن أقوى سلاح ألا وهو العلم.. تلك رسالة الأنبياء في نشر العلم للقضاء على الجهل .. فلم نعد نتمسك بديننا كدين رحمة يحقق العدالة بين الناس .. ومؤسساتنا التعليمية تصب طلابها للبطالة بقرارات غير ناصفة.. وتعلم العلم وتعليمه في سبيل الله .. فأي سبيل تتبعون..؟