أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
غالانت وبن غفير «يعبثان» بأوراق خطرة… الأردن: ما الرسالة ومتى يعاد «الترقيم»؟ “اخرسي ودعيني أكمل” .. احتدام النقاش بين البرغوثي ومسؤولة إسرائيلية على الهواء (فيديو) العين العبادي يؤكد دستورية المادة (4/58) من قانون الانتخاب الأردنيان حماد والجعفري إلى نهائي الدوري العالمي للكاراتيه ما سقط "في العراق" يكشف أسرار ضربة إسرائيل على إيران أول خبر سار لعشاق الصيف .. حرارة أربعينية تُطل برأسها على الأردن باحث إسرائيلي: تل أبيب فشلت بشن هجوم كبير على إيران الرئاسة الفلسطينية تدين عدوان الاحتلال الإسرائيلي على مدينة طولكرم غوتيريش يدعو لوقف دورة الانتقام الخطيرة في الشرق الأوسط طبيبة أردنية عائدة من غزة تصف معاناة النساء في القطاع إصابتان برصاص مجهول في إربد جماعة يهودية متطرفة تقدم مكافأة مالية لمن يذبح قربانا بالأقصى انتشال جثة شاب عشريني من مياه سد وادي العرب إثيوبيا تستفز مصر مجدداً: من أين لكم بمياه لزراعة الصحراء في سيناء رجل يحرق نفسه أمام محكمة ترامب - فيديو. هآرتس تكشف بناء بؤرتين استيطانيتين في غزة. أسطول الحرية يستعد للإبحار من تركيا إلى غزة. 100 عمل مقاوم في الضفة الغربية خلال 5 أيام. الأردني أبو السعود يحصد ميدالية ذهبية في كأس العالم للجمباز. كتيبة جنين : استهدفنا معسكر سالم.
الصفحة الرئيسية مقالات مختارة بطاقة صفراء… دم أحمر ومعبر

بطاقة صفراء… دم أحمر ومعبر

26-03-2014 02:30 AM

لم يكن أول أردني أو فلسطيني يقتله الصهاينة بدم بارد. ولكنه هذه المرة قاض يرتجف أمام هيبته القضائية المتهمون في محاكم عمان، ويصدر أحكامه باسم ملك المملكة الأردنية الهاشمية. وعدا عن ذلك فهو خلوق وذو سيرة حسنة جداً، ويعاني فوق ذلك من مأساة عائلية تتعلق بابنه المريض، وهو ما أضاف المزيد من التعاطف إلى قضيته. الغضب كان عارماً، وشعر الجميع بأن الرصاصات الخمس كانت موجهة له شخصياً، وبأن الكرامة الوطنية الأردنية تم المساس بها علناً. ما زاد الطين بلة هو ردة الفعل الرسمية الأردنية التي ظهرت دون المطلوب بكثير.
ولكن على الصعيد الشعبي من الواضح تماماً أن الأردنيين قبل استشهاد رائد بك زعيتر ليسوا هم ذاتهم بعده. الجرح كان عميقاً للغاية، وحفر في الوجدان الشعبي وعلّم. الجانب (الإسرائيلي) أدرك بسرعة فداحة الموقف، وتعززت لديه القراءة القديمة التي مفادها أن الشارع الأردني معبأ ضده، وأن الجريمة الجديدة ستزيد من برودة وادي عربة البائسة أصلاً. ورغم إبداء الأسف (وليس الاعتذار) فإن الغضب الشعبي الأردني استمر، ويبدو أن النظرة إلى النظام اهتزت هذه المرة بعمق أكبر من المعتاد.
التيارات الأردنية الموصوفة بتيارات الهوية الوطنية انتفضت بقوة، وعبرت عن مواقف قوية للغاية. والأوساط الشرق أردنية كانت شديدة الوضوح في ردها على الجريمة، مثلما الأوساط الأردنية من أصل فلسطيني. القاضي أردني الجنسية، يعمل في السلطة القضائية ذات المكانة المرموقة والمحترمة في الوجدان الأردني، ووالده كذلك قاض أردني. لم تجعل تلك المكانة الشهيد يغفل عن المحافظة على صلته مع الأرض الفلسطينية، فبقي محتفظاً ببطاقته الصفراء التي تخوله الدخول إلى الضفة والإقامة فيها. لا يستطيع أحد أن يزاود على الشهيد في أردنيته، ولا في فلسطينيته. حالته مثالية تقريباً. وبمقدار مثالية حالته كانت قوة ردود فعل التيارات الوطنية التي تنادي بتوضيح العلاقة الأردنية الفلسطينية ووقف التداخل في الجنسية والحفاظ على حق العودة.
التيار الوطني الأردني وجد نفسه كذلك أمام اختبار لطروحاته، هل يمكن تطبيق حق العودة فعلاً في ظل الإذلال الذي يلاقيه على المعبر أي ذي أصل فلسطيني يحاول العودة إلى الضفة أو زيارتها؟ بل وفي ظل خطر القتل، وفي ظل تحكم الجانب الصهيوني في أعداد من يدخلون ومن لا يدخلون؟ وهل فعلاً ستقبل (إسرائيل) عودة أعداد كبيرة من حملة البطاقات الصفراء، وحتى الخضراء؟ الفترة المقبلة ينتظر أن تشهد تطويراً في طرح هذه التيارات وتفصيلاً أكثر في المطالب السياسية لتكون فعلاً قابلة للتطبيق في مواجهة العقبات (الإسرائيلية) المتمثلة في إجراءات المعبر، التي عبرت عن نفسها بطريقة دراماتيكية في حالة الشهيد زعيتر. هذا التيار كسب نقطة أخلاقية وسياسية مهمة جداً عندما أثبت مبدئيته في نظرته للمواطنين الأردنيــين، أياً كانت أصولهم، وتعامل مع واقعة زعيتر بكل وضوح وقوة، وأنه يحتاج فقط إلى التأكد من التمسك بحق العودة، وبالتأكيد فإن هذا التيار قادر على التعاطي مع القراءة المستجدة.
الحالة لم تخل كذلك من بعض التشوهات الانتهازية والمتعصبة. فلقد ظهرت أصوات من تيار الحقوق المنقوصة حاولت فوراً استغلال دماء الشهيد للترويج لمطالبه وزيادة حصة الأردنيين من أصل فلسطيني، في مشهد زاد من بؤس صورته أمام الرأي العام في الأردن. لم تدرك تلك الأصوات عمق وقوة الحالة الوطنية التي كشفت عن نفسها بوصفها تجمع الأردنيين كلهم وتمثلهم، والتي أكدت مرة أخرى أن النسيج الأردني سينجو على الأغلب من أخطار التفتيت والتمزيق التي تجتاح المنطقة. وأكملت صورة التشوهات مجموعة من أنصار النظام والمستفيدين منه، وبعضهم كانوا مسؤولين رفيعين، والذين حاولوا التنصل من دماء الشهيد بأن وصفوه بأنه ‘فلسطيني’، في محاولة لإنكار أردنيته، ولمساعدة المسؤولين على التنصل من مسؤولية اتخاذ موقف في مواجهة (إسرائيل). يلاحظ وبسهولة أن طرفي التشويه للحالة يتحركان بتوجيه من مستفيدين كبار من النظام ومن الوضع الحالي، فيما انتفض لدماء الشهيد وللكرامة كل من ليس مرتبطاً بمصلحة. المثير واللافت أن الصفعة لكلا التيارين الانتهازيين جاءت من نابلس، عندما شيّع الجمع الفلسطيني – وبكل تلقائية- الشهيد زعيتر ملفوفاً بالعلمين الأردني والفلسطيني.
التاريخ ذكي، ويعبر عن ذكائه بتقديم حالات مكثفة مركزة يتقاطع فيها الكثير من الخطوط والخيوط. في حالة زعيتر هناك الكثير من التقاطعات المذهلة بالفعل، ما يؤهله لمكانة مماثلة لمكانة المصري خالد سعيد. ربما ليس بنفس الدراماتيكية، ولكن بنفس العمق في التأثير. الشهيد يمتلك أوراق قوة كثيرة، من بينها دمه، وبطاقته الصفراء، ومكان استشهاده على المعبر. وبناء على كل ذلك يمكن تكرار القول بأن الأردنيين قبل استشهاد زعيتر ليسوا هم ذاتهم بعد استشهاده.

‘ كاتب أردني مقيم في السويد


عن القدس العربي





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع