الكثير هي مقالات الكتاب التي تحذر الأردن حكومة وقيادة من مغبة الانغماس في الوحل السوري ، فالدولة الأردنية المرهقة والتي تعاني أصلاً من مشاكل اقتصادية وسياسية ، وتشهد الكثير من التغيرات الديمغرافية في الكثير من مدنه ، والتي تتطلب تكثيف المجهودات الأمنية، وارتباط ذلك بملفات الإصلاح الاقتصادي والسياسي التي ينادي بها الحراك الشعبي منذ سنتين.
ولكن السؤال البارز هي يقوى الأردن اللعب على ورقة التناقضات والمصالح الاستراتيجية الاقتصادية والسياسية ، جراء تدخله المباشر أو غير المباشر في الحرب الدائرة في سورية .
لاشك بأن الأردن على معرفة جيدة ومجربة بعقلية الساسة السوريين ، ومن خلفهم القادة العسكريين والأمنيين ، وقد أثبتت الأجهزة الأمنية الأردنية أنها صعبة المراس ، ولديها الكثير من الأوراق الرابحة التي قد تستخدمها في الأوقات المناسبة ، وقد دللت الخبرات استفادة الأردن من الأوضاع السياسية التي شهدتها المنطقة منذ اندلاع حرب الخليج الأولى ، وما شهده العالم العربي وما رافقه من تغيرات بسبب الحرب الأمريكية على العراق ، وهذه الأخيرة كانت بمثابة الدرس القاسي الذي تعلم منه الأردن الكثير من العبر والعظات التي يحاول الاستفادة منها معلوماتياً ولوجستياً في تجنب نقل الصراع السوري إلى الأرض الأردنية ، بل وعلى العكس محاولة الاستفادة مما يحصل في تحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية بارزة.
اعتقد أن المخطط السياسي الأردني مدعوماً بقوى الأمن الخليجية وبإشراف من الولايات المتحدة، سوف تكون قادرة على تمرير المخطط العسكري دون إلحاق الأذى بأي من المقدرات الأردنية المادية، مع العلم بأن الجندي الأردني هو ما يمكن المراهنة عليه في مثل هذه الحرب .
مشاريع اقتصادية كبيرة تندرج ضمن خطة مارشال لإعادة اعمار سورية ما بعد الأسد ، وربما يكون للأردن حصة من هذه المشروعات في مجال النقل والصحة والتعليم والمعلوماتية ، والاستفادة من البترول والغاز السوري.
كما تبرز الحاجة إلى الخبرات الأردنية الأمنية لإعادة بناء جيش سوري وطني حديث من كل الأطياف والمكونات السورية ، وترميم الأجهزة الأمنية والمخابرات السورية ، كما تبرز الأهمية الاستراتيجية واللوجستية للأردن كبوابة للدخول إلى الأرض السورية عند تنفيذ مشاريع إعادة الاعمار .
د.إياد النسور