في بيتنا .. محامي

في عصر العولمة الاقتصادية تبرز الحاجة الماسة لحماية مصالح الاطراف ذات المصالح المتضاربة ضمن الشركات المتعددة الجنسيات، بما يُحتم ضرورة وجود وكالات دولية واقليمية ومحلية تعني بالجوانب القانونية، بشكل عام والخاصة بحقوق الملكية الفكرية، بشكل خاص. هذه الوكالات غالبا ما تأخذ صفة شركات أو أشخاص ذوو شخصية اعتبارية تمكنهم من الدفاع عن مصالح موكليهم أمام المحاكم ذات الاختصاص، وفقا للقوانين السارية في البلد المعني، وفي ضوء الاتفاقايات المبرمة بين أطراف التعاقد.

وما يلفت الاهتمام هذه الايام تزايد نشاط المهتمين بهذا الجانب، مُمولين في أغلب الاحيان من المنظمات الدولية والاتحادات العاليمة ومؤسسات المجتمع المدني ذات الاهتمام المشترك. فقد شهدت الاسبوع الماضي جانبا من هذا النشاط من الاتحاد الاوروبي، تكلل باستضافة خبراء قانونيين من جامعات نمساوية واسبانية، قدموا محاضرات في مواضيع حقوق الملكية الفكرية وضمانات التمويل والاشتراطات التي تُبنى عليها خطط التمويل من المجموعة الاوروبية، جاء في مقدمتها ايلاء جانب حقوق الملكية الفكرية جُل الاهتمام.

ونحن في الاردن، بلد المؤسسات والقانون، الذي نباهي به الدنيا فيما وصلت اليه تجربتنا في الادارة المحلية من تقدم، استفاد ويستفيد منه معظم دول الجوار، نرى أن هناك نموا ملحوظا في موضوع الاهتمام بالجوانب القانونية، مع تزايدالقوانيين الدائمة والمؤقتة التي تتنافس في العدد مع عدد الضرائب، التي يئن منها المواطن كما وكيفا، حتى أصبحت تخاف أن تصل بنا الامور في يوم من الايام الى فرض ضريبة على ملح الطعام مثلما كان عليه الحال في بريطانيا العظمى في وقت ما. ملح الطعام ذو المرونة السعرية المتدنية، تلك السلعة التي تعتبر في عرف الاقتصاديين سلعة رديئة.

ويبرز اهتمام الجهات الرسمية في الموضوع من خلال زيادة الوعي والتعبئة الاعلامية لاهمية موضوع القانون. وما يؤكد هذا الانطباع أعداد الخريجين الحقوقيين المتزايدة من جامعاتنا الاردنية الرسمية والخاصة، وأفواج المتدربين من المحامين والمحاميات الشباب.

هذه الايام التي ما زالت نقابة المحاميين الاردنيين تحتفل بمجلسها الموقر الجديد، الذي تظهر بوادر نشاطه، من خلال مبادراته الخيرة، خدمة لاعضاء الجمعية العمومية من المحامين الاعضاء المنتسبين والمتدربين، نلاحظ انظمام العشرات من المحامين الشباب الى نقابتهم بعد أن اكملوا متطلبات دراستهم الاكاديمية والمهنية في مجال التدريب على أيدي أساتذتهم الذين سبقوهم في المهنة.
ونقول هنا لهؤلاء الشباب الجدد، أنتم أقسمتم يمين المهنة، ونحن واثقون فيكم، مُتيقنون من صدق ايمانكم بمهنتكم، التي يحتم عليكم الواجب احترامها وبذل كل ما يمكن بذله من اجل رفعتها وتطويرها، خدمة لنا وللمظلومين من الناس والى كل من يحتاج الى مساعدتكم . نعم هذا هو المُراد وهذا هو المُبتغى، ليشعر كل فرد فينا بأنه محمي بالقانون ومُصان به، ويعمل هو من جانبه تحت مظلة القانون وتعليماته، دون خرق لاحد مواده أو محاولة للمساس بنصوصه، لا سمح الله، لاننا جميعا في قارب واحد، وعلى مسافة واحدة من حب الوطن والانتماء الى ترابه الطهور، وليطمئن بوجود القانون حوله، وكأني بكل واحد فينا يقول في بيتنا محامي.

رعى الله الأردن بلدا آمناً وسدا منيعاً أمام محاولات الأعداء والمتربصين، وحمى قيادته وشعبه من كل مكروه.