دخلنا منذ ساعات العام الثامن والستين من عمر استقلالنا، لنبدأ بانتظار 25 ايار من كل عام جديد ، حتى يطرز الاردنيون مجدهم بالمزيد من الشواهد والانجازات.
67 عاما مضت بحلوها ومرها، والاردن يترسخ بين شعوب العالم، وطنا فريدا بتسامحه وبارادة شعبه وهمته في تذليل الصعاب ومواجهة التحديات.
واحتفال الاردنيون بهذا اليوم المجيد ليس تزلفا ولا رياء وانما تفاعل حي لفطرة عجنوا عليها مع حليب امهاتهم المجبول بالحرية والكرامة والتي شاهدها الجميع في الراية التي احتضنها مليكهم يوم شاركهم الفرحة وهتف للاردن الذي كانوا عليه وعلى قيادته، في تلك اللحظة يتآمرون.
ومجد الاردن الذي علا بعرق وجد اهله وقيادته لا يحتاج الى " رشوة " لحماية رايته ومنجزاته، فهذه جينات اختلطت بدماء الاردنيين يوم كان الوطن امارة ويوم احتفل الاجداد والاباء برحيل الجيش البريطاني واعلان المملكة الاردنية الهاشمية المستقلة، ويوم سقط شهداء الجيش العربي دفاعا عن القدس عام 1948 ويوم رقصت عمان وشقيقاتها على طرد كلوب باشا ودوت زغاريد النصر في معركة الكرامة، ويوم احبطنا اول فتنة لاقامة الوطن البديل .. ويوم ... ويوم ... ويوم جاء الملك المعزز عبدالله الثاني معلنا ان اي محاولة للمساس بالاردن وهويته وبنيته سيكون بواسل قواتنا المسلحة بالمرصاد.
الاستقلال يتجسد اليوم بمقاومة ذلك الحصار السري الذي يفرضه صناع القرار الدولي على الاردن للرضوح لمعادلة التوطين ويلوحون بين الفينة والاخرى بالخطر الامني الذي نواجهه بحجة اقتراب " موضة " الربيع العربي الى حدودنا، بعد ان ثبت بالصورة والصوت انه صناعة " صهيونية".
الغريب في مشهد نشوة الاردنيين باستقلالهم هؤلاء الذين اشبعونا شعارات وبطولات وتشكيك بسيادتنا على ارضنا. فتاريخهم معروف للقاصي قبل الداني، ومواقفهم جاهزة للبيع في مزاد " العملات الاجنبية " السياسي، وكم حاولوا على مر العصور ان نكون اتباعا لاسيادهم الذين رفض الاردن كل مغرياتهم وعروضهم لتحسين اوضاعهم الاقتصادية، لان الثمن كان فلسطين ودولتها وشعبها والاردن وهويته وسيادته.
السيادة ان يكون لك مجلس نواب وحكومة وشرعية طردت السفير الاسرائيلي يوم تطاول ارهابيو كيانه على حرمة المسجد الاقصى، ولقنوا العالم درسا بان حيط الاردن " مش واطي " يوم كانت كرامة المواطن الاردني اغلى من كل ابار النفط.
استقلالنا، هو ذلك الذي تمناه ضيف عراقي مشهور، يوم اسر لي في احدى المناسبات قائلا " ادفع ثروتي كلها مقابل ان انام قرير العين على سريري وفي بيتي ببغداد". والاستقلال هو الكرامة، فاين كرامتكم يا من عبدتم " القرش " على ابواب السفارات الاجنبية. ولهذه الارض الطاهرة نبتهل الى الله لنسأله ان يغلف الاردن وشعبه وقيادته بالامن والاستقرار وان ينجيهم من كل شر وان يجعل كيد المتآمرين عليه في نحرهم.