حين يعتلي صوت الناي فضاءات المكان يصاحبه معتليا الشعر حضورا رقيقا وايقاعا متناغما عذب المسمع .. شجي المقطع حينها لا بد للحرف من مبدع ..
نعم حبيب الزيودي جال الفضاء شعرا ولحنا .. أتقن الحرف وصنع منه كلمة وصاغ من الكلمة نقشا جميلا متناغما مع عمق الإحساس وحرارة الأنفاس ..
حبيب الزيودي .. استحضر الصحراء والبوادي ووظف الصورة الشعرية حتى بدت ثلاثية الأبعاد واضحة المعالم من جميع الجهات بزوايا وأبعاد رائعة..
تغنى شعرا بعمان والعمانيين وودع الراحلين واستقبل الغائبين .. غنى للحب والمحبين ونيسا كان للطفارى والمعدمين وليس أروع حين قال : سلاما" على حقلنا وعلى الطرقات البعيدة .. سلاما" على الراح حتى وان خان عهدي الندامى .. على قمراً كلما نلتقي في العشيات ... ذوبني عتباً وملاماً.. سلاماً، على وطن الطيبين ، سلاما" ..!!
هو حالة منفردة من الإبداع ومنارة شعرية جميلة ومساحة بلا حدود وبلا نهايات من ربيع الحرف الرائع نقشا وصياغة ..
تمرد على الحرف ليوقظ من ناموا في سبات ، لفحت محياه الشمس لكنه ما سكن وما انتكس .. أشعاره حديقة أزهار متعددة الأشكال والألوان تستشعر مساحات الإحساس من حرفه عبيرا بشذى نسمات ربيعية أردنية .
عندما تقرأ لحبيب الزيودي تهيم بنفسك معه ليأخذك إلى حقل حصاد قمح وعندما تنتهي من قراءة قصيدته تجد روحك وكأنما هي حاضرة في بيدر تجمعت به أكوام السنابل الذهبية وهو من أجاد عناق سنابل القمح وقد أبدع في إشعال سراج قناديل البوح حتى بدت الكلمات منه كسراج اثري قديم لم يثنه قدمه عن الاشتعال ..
إن صور حبيب الزيودي الشعرية تطربك لأنه كتبها بالإحساس لا بالقلم ، فإحساسه هو من خط الحالة .. لذلك تبدو متناغمة وقريبة من وجداننا ..
حبيب الزيودي كان شرقي الهوى إذا هب الحنين .. عربي الحلم .. أردني الحضور .. قد غيبته الأيام عنا رغم حضوره الأبدي حرفا جميلا..
حبيب الزيودي لا يحتاج تصفيقا مني وهو بيدر العطاء الشعري رافعا قبعتي لك احتراما أيها الشاعر العتيق الأنيق .. قد هاجرت الروح منك إلا انك حاضر كلما هبت نسمة على عمان وقد نثرتها بزهر الريحان وتغنيت بها والمكان وكانت كلماتك لها تشعل شمعة وتمسح دمعة عن خد الأرض الحبلى بالقيسوم والدفلى .
يا شاعر الوداعية والسفر والرحيل وشاعر الوجد والوجدانية لا زال صوتك يملئ صدى المكان والمساء .
لن أرثيك يا صديقي يا شاعر الوداعية والسفر والرحيل وشاعر الوجد والوجدانية فلا زال صوتك يملئ صدى الأمكنة والمساءات لان الرثاء له أبجدية لا أتقنها معك .. وأرجوك أيها الزيودي وأنت في سفرك البعيد بلغ السلام منا " لتيسير السبول" الذي انطبق قوله عليك انطباقاً تاماً حين قال :( الأحباء قليلاً ما أقاموا ) ......
لك السلام كأسراب الحمام محلقة في السماء بوئام .. امتهنت الحرية رغم الغيم والغمام ..وأيقظت بقيثارتك النيام
اهنأ بنومك الأبدي ولك منى المحبة والسلام ...
خالد قطاطشه
Khalid.qatatshee@yahoo.com