فوق الجثث وأشلاء الشهداء والدمار والفوضى التي حلّت بالشقيقة سوريا.. يبرز انقسام المثقفين العرب، -وخصوصاً مثقفينا الأردنيين- على أسباب ونتائج الحرب الدائرة في سوريا. يبرز الخلاف ليظهر أبشع ما عند الناس، وأدنى مرحلة قد تصل إليها اللغة العربية والشخصية العربية وأخطر ما في هذا الخلاف المتطرّف إنه يأتي على حساب الإهتمام بمصير بلدنا وما يراد به من مؤامرات تُحاك بليل.
وصل الخلاف في الموقف مما يحدث بسوريا إلى طلاق بعض الأزواج، وفسخ صداقات عمرها عشرات السنين. الحوارات على صفحات الفيسبوك والتويتر تجاوزت بكثير التخوين والتجريح والتكفير والإتهام بالعمالة والرشوة... لقد وصل السباب والشتم الى العرض والشرف... وصل الى نخاع العظم العربي. وفي الأردن - وعلى أنغام هذا الردح-يراد سحب نخاع البلد العظمي وتفريق دمه بين القبائل.
فمن يتصدّى لتحليل ما يجري على أرض الأردن، وما يخطط له ؟؟ القصة ليست التنصّل من المشاعر القومية تجاه سوريا فنحن معنيّون بسوريا أكثر بكثير من بعض أهلها الذين هجروها وباعوها بحفنة من الدولارات... القصة هي التحذير من تسلّل أخطر مصير ينتظر بلدنا في غمرة الإنشغال بالترادح والتناطح حول الموقف من سوريا ؟؟
كل الأطراف تدرك أن المنطقة على أعتاب حرب كبيرة، وأن فتيل تلك الحرب تم إشعاله في سوريا. المؤيد والمعارض من مثقفي الأردن سيدفع الثمن غالياً وسيشعر «بالخديعة المرعبة» في مرحلة قادمة. الجميع سيلملم شتائمه واتهاميته وعدائيته تجاه الآخر، وسيفتح فمه مندهشاً من اتجاه الضربة التي قد تضرب رأسه.
وأيِّا كان المنتصر في هذه الحرب المدمّرة بسوريا، فإن سوريا وشعبها خاسران ومقبلان على كوارث من كل نوع.
الأردن قوي ومحمي من الله كما نردد جميعاً، لكن المؤامرة تحيق به، ومثقفوه مشغولون بالشتائم والتراشق والتخوين بخصوص الموقف من سوريا !!! ما الذي أعددناه لحماية الأردن، وما الذي سيحدث لو تفاجأنا لا قدر الله بما لا تحمد عقباه، فعند الغرق الكامل بقضية معينة، لا يعود مجال الرؤية واضحاً ولا حتى لأقرب المخاطر.
صدفة رائعة أثناء كتابة هذه السطور، ظهرت قصيدة الشاعر نزار قباني: الرمز السوري الذي يجمعنا حبّ أشعاره...
هذي دمشق وهذي الكأس والراحُ
اني أحبك وبعض الحبّ ذبّاحُ
أنا الدمشقي لو شرحتموا جسدي
لسال منه عناقيدٌ وتفاحُ !
ikramdawud@yahoo.com