خميرة ونفايات وموت

الكثيرون يحسدون مدينة الرصيفة وسكانها على نعمة المتنزه الوطني الذي يمتد على طول منطقة حي الحسين ولا يبعد عنه سوى عدة أمتار .

ولكن الحقيقة هذا المتنزه الوحيد في مدينة الرصيفة لا يمكن أن يطلق عليه إسم متنزه بل هو مقبرة جماعية لأهالي المدينة المنكوبة ، وباسم المتنزه ترتكب مجزرة حقيقية بحق المدينة وسكانها ولكل ما هو كائن حي ، وما يسمى المتنزه الوطني هو بيئة خصبة لكل أنواع الأمراض المكتشفة والتي لم تكتشف بعد ،
المتنزه هو الحاضنة والمستنقع الذي تصب فيه المياه العادمة من مخلفات مصنع الخميرة ومن هذه المياه تنبعث أبخرة الموت على المدينة وسكانها لتحول حياتهم وحياة أطفالهم إلى جحيم لا يطاق ، وليت الامر يقف هنا فقط بل تكرمت ( بلدية الرصيفة )على المدينة بإنشاء ما يسمى المحطة التحويلية للنفايات ، وللحقيقة أن اسم المحطة التحويلية جاء لطيفا للتخفيف على المواطن لأن المحطة التحويلية هي مكب للنفايات تتوسط ما يسمة المتنزه الوطني للمدينة ، حيث ترتع فيها كل أنواع الزواحف والحشرات والقوارض .

منذ عام تقريبا تنادى جمع من المواطنين المتضررين لمواجهة الموت المحدق بمدينتهم وسكانها وعقدو لقاءا شعبيا طالبوا فيه بحقهم بالحياة وتوفير بيئة آمنة نظيفة ، ولكن لا سامع ولا مجيب ولا ناصر لهم ، بل تم التعامل معهم على أساس أنهم ليسوا بشرا وليس لهم الحق بالحياة مما حدا ببعض الناشطين إلى التحرك العملي فجاء الرد بعدة لقاءات مع مسؤولين إمتهنوا سياسة المماطلة والتسويف واللعب على مسألة الوقت .

أهالي الرصيفة مهددون بالموت البطيء وليس من يسأل عنهم .

يقول بعضهم أن الرصيفة لا توجد على خارطة الاردن ويتم تهميشها وإقصائها قصرا من قبل بعض المتنفذين ، هي سياسة متبعة ضد السكان وما زالت مستمرة .

وللجميع نقول أن الرصيفة موجودة وستبقى شوكة في خاصرة كل من يعبث بهوائها وارضها ، الرصيفة تحملت ــ وما زالت ــ كل أنواع الظلم والقهر والذل والقمع الذي يمارس ضدها .

الرصيفة بأهلها الرجال الرجال لن يستكينوا بعد اليوم ولن يخضعوا لسماسرة وتجار الموت .

الرصيفة برجالها ستنهض ضد الفاسدين الذين يعبثون بأرواح اطفالها ، فلتكن وقفة جادة لكل أبناء المدينة المنكوبة لإنقاذ ما تبقى من هوائهم وترابهم ومياههم وإنقاذ ما تبقى من أرواح أطفالهم ,
فليرحل ( مصنع الخميرة ) ــ مصنع الموت ــ إلى الجحيم مع من سولت لهم أنفسهم بالثراء على حساب المدينة وأرواح ساكنيها ، وليذهب إلى الجحيم كل مسؤول خان المسؤولية وساهم في تجارة الموت على المدينة وسكانها .
بدأ حراك الرصيفة سلميا لأن أهلها مسالمون فلا تكونوا سببا لبداية حراك أخر لاقتلاع أوكار الفاسدين والقتلة .

اتركوا الرصيفة وأهلها يعيشون بسلام ...
لا نطلب منكم معجزات . فقط نريد أن نفتح نوافذ بيوتنا لنستنشق هواء خاليا من رائحة الخميرة والنفايات وأبخرة الموت .