كتب فوزي الختالين. إلى قلوب قد تحجرت رفقا بالأمهات.. رسالة من أم إلى أبنائها. تقول لقد اعطيت كل مافي وسعي تحملت فوق طاقتي في أقسى الظروف.. من أجل إطعامهم صهرت حياتي في حياتهم، فديت عمري في أعمارهم ضحيت بواجباتي للقيام بواجباتهم. كنت لهم الأم الحنونة والحضن الآمن الذي يقيهم حر الصيف وبرد الشتاء. تخطيت المصاعب من أجل اسعادهم. كنت لهم الأب الذي تخلى عن واجبه من بداية الطريق. كنت لهم الدربونة التي يعبرونها ذهابا وإيابا في كل يوم ؟ كنت لهم الشارع الذي يسيرون فيه إلى مدرستهم كنت أعيش معهم حالة استجداء كلمة حب فيها زلزلة خوف عليهم من ذئاب الشوارع وأفاعيها.. كنت لهم.. كما قال حافظ ابراهيم، الأم مدرسة. درسوا، تخرجوا. تزوجوا. خلفوا. نسوا كل شيء
اكتشفت ان الصفر المستعمل في الجبر والرياضيات أهم مني في حياة ابنائي.. هل يتخيل احدكم ان يكون لا شيء؟ لا شيء في نفسه لا شيء في المجتمع لا شيء في حياة ابنائه!!! هذا اللاشيء يعذبني.. يمزقني .. يزيد من وعورة الصحراء في نفسي.. انا (الأم) التي لم تحظ بان تكون (أما) إلا بالإنجاب.. عرفة الكثيرا من الأمهات فلم أجد احد منهن عمل او ضحي او اعطى اكثر مني.. لقد حاولت كل ما في وسعي لأكون رحيقا عطرا يرتشفه أبنائي مع كل خريف قبل ان تجف به مشاعر الزهور فتكف عن منح الرحيق.. ظننت اني النسيم الذي يهزم حر الصيف في نفوسهم كي لا تجف مشاعرهم ولا ينضب الحب منها.. ظننت وخاب ظني.. كيف تخيلت اني (أما) اعني لأبنائي الكثير كما يعنون لي الحياة بكل رونقها وحلاوتها...... ارى دمعة احدهم تحرقني... وبسمة احدهم تنعشني كقطرات الندى على زهرات الربيع.. ونجاح احدهم كأنه الغيث على رمال الصحراء فتصبح واحات غناء.. وعندما كبروا وبعد مرور السنين ظننت اني حققت بهم كل آمالي ولم اعرف ان آمالي قد اندثر تحت اقدام اللهفة والاستغاثة باني امضيت كل عمري ولم اصلح من وجهة نظر ابنائي ان اكون (أما) لم اكن تلك الزهرة التي تحتضن شرانقها اليرقات حتى تصبح فراشات زهية.. لم اكن تلك الشجرة التي تثمر في كل المواسم ثمرة لا وجود لها في الحياة بعد.. اكتشفت اني مجرد شجرة كانت وارفة الظلال فيبست حين لم تجد من يسكب على جذرها الماء..
ان للأم حق اكبر مما نتصور- لقوله تعالى ووصينا الإنسان بوالديه. حملته أمه وهن على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير - لقمان 14
إن حق الأم على الولد عظيم، وشأنها كبير، من ابسط حقوقها فلا تدعُها باسمها، بل نادها بما تحبّ من اسم أو كنية، لا تجلس قبلها، ولا تمشِ أمامها، قابلها بوجه طلق، قبل رأسها، والثم يديها، إذا نصحتها فبالمعروف من دون إساءة، أجب دعوتها إذا دعتك من دون ضجر أو كراهية، تكلم معها باللين، أطعمها إذا جاعت، أو اشتهت صنفًا، أهدها قبل أن تسأل شيئًا، تحسَّس ما تحبّ فاجلبه لها، كن خادمًا مطيعًا لها، أطعها في غير معصية، لا تسبقها بأكل أو شرب، أبهجها بالدعاء لها آناء الليل وأطراف النهار بالرحمة والمغفرة، غضّ الطرف عن أخطائها وزلاتها، لا تتأسّف أو تحدّث أحدًا على سبيل الشكاية أو النكاية، وقرها واحترمها، لا تتكبّر عليها فقد كنت في أحشائها وبين يديها، أدخل السرور عليها، صاحبها بالمعروف، اطلب الدعاء منها فله تفتح أبواب السماء. وكل عام جميع الأمهات بخير