بقلم : ظاهر احمد عمرو
تنويه " اتمنى من القارىء الكريم ان يكمل قراءة المقالة كاملة ليصل الى المغزى الذي نريده و الذي يدور حول الربط بين أجزاء الجسم و مكونات الدولة " .
تقول قصة رمزية تخص جسم الانسان، أن أعضاء الجسم اجتمعت ذات يوم ،لتوزيع المهام و المسئوليات فيما بينها .
تقدم العقل ( الدماغ ) و قال : أنا صاحب الذكاء و الفطنة ،وأميز الخير من الشر، لذلك أستحق مرتبة القيادة ، وأن أكون الحاكم بأمركم ،والوصي عليكم وهذا لمصلحتكم ...
تقدم بعده القلب وقال له: كيف يكون ذلك أيها العقل ؟فلولا أن أعطيتك الدم بشكل دائم ، ولم اقطعه عنك ،لما بقيت على قيد الحياة ساعة واحدة ؟!
لهذا لا تستطيع أن تصنع شيئاً بدوني و عليه .... يجب أن أكون انا القائد.
بعده ، تقدمت المعدة و قالت : ماذا تقولان ؟ أنا أصل الدم و منبعه الذي تتفاخران به , فلولا جهدي المتواصل لما إستطعتما فعل شيئ أو أن تبقيا أحياء ،لهذا يجب أن أكون أنا القائد و صاحبة الولاية عليكم .....
حينها ... تقدم القولون، و بصحبته الأمعاء الغليظة ،و الغازات السامة وقال للعقل و القلب و المعدة : لن تستطيعوا فعل شيء بدوني و لهذا ... أنا صاحب الولاية و القيادة عليكم ، بلا منازع؟!
عند ذلك ، إحتج عليه الجميع وقالوا: كيف تكون وصياً و قائداً علينا و رائحتك نتنة و عفنة و قذرة ؟ولا تستطيع عمل شيء ؟!فأنذرهم القولون و قال لهم : سوف ترجعون الي صاغرين و تركهم لشأنهم ثلاثة أيام .
بعدها رجعوا اليه صاغرين كما أنبأهم, إذ بدأت أعينهم تتزغلل ويغشوها الغباش وباتوا لا يكادون يرون شيئا من شدة ذلك و تأثيره عليهم , و بعدما أقعدهم ذلك عاجزين عن العمل ... لا يستطيعون فعل شيئا .
عندها اجتمعوا مرة اخرى بعد أن أيقنوا بضرورة تكاتفهم ووحدتهم و تضامنهم ،وأنه لا فضل لعضو على آخر، وأن كل عضو له دوره و مهامه وواجباته ،وأنه لا بد لهم من الوقوف مع بعضهم البعض لحماية الجسم ،ووقايته من الأمراض، ليبقى سليما معافا على الدوام , اذا ما أرادوا البقاء على قيد الحياة .
هذا ما فعلته دول أوروبا قبل أن تصبح كتلة واحدة ضمن الإتحاد الأوروبي، و كذلك الولايات المتحدة الأمريكية قبل أن تصبح دولة واحدة ،لأن كل دولة في اوروبا، وكل ولاية في امريكا ،كانت تريد أن تتزعم الآخرين، ولهذا قامت الحروب ، و كانت دمارا شاملا ،أدى إلى سقوط ملايين القتلى والجرحى و المعاقين ، ناهيك عن التدمير الهائل للمباني و البنى التحتية .
لاحقا إجتمعت الدول والولايات ، وإتفقواعلى أن كل دولة وولاية، لها أهميتها ولا يستطيع أحد تجاوز الآخر، وبناء على ذلك، تم الاتحاد المبني على أسس العدالة و الحرية و المساواة للجميع .
اما دولنا العربية ،فيجب أن نستخلص لها العبرة من قصتنا ،مسترشدين بغاياتها و دلالاتها و نقول لها : أن لا شأن و لا قوة لها ،إلا بإتحادها و تكاتفها و تضامنها مع بعضها البعض، كالجسم الواحد والبنيان المرصوص، وأن تشعر كل دولة بأهميتها وأنها ليست مهمشة أو مستهدفة من قبل جيرانها .
أما عندنا في الاردن أيضاً ... فإذا اقتنع جهاز المخابرات أنه الأهم و أنه الوحيد الذي يفهم ،والذي يجب أن يكون هو صاحب القرار ،وأن تكون الولاية له، واذا اقتنعت حكوماتنا أن الولاية لها فقط، ومثلهما الديوان الملكي و مثلهم أيضاً معارضتنا و حراكاتنا، و كل منهم يعتقد أنه الوحيد الذي يفهم مصلحة الوطن و المواطن , حينها لن يكون جسمنا بخير و عافية ،وأن من سيدفع الثمن هما الوطن و المواطن معا .
بناء على ما تقدم، فإنه لا بد من الرجوع الى تفاهمات تتبنى و تعتمد أهمية كل مكونات الدولة ،و أنه لا فضل لمكون على آخر و أن منعة ووحدة و قوة الوطن و المواطن، تكون على الدوام ،بوحدة هذه المكونات جميعها و تكاتفها و تضامنها معا , لإعلاء مصلحة و شأن هذا الوطن على الدوام ،و القدرة على مواجهة أي خطر داخلي ( الفقر و البطالة و الجوع و الفساد .... الخ ) أو خارجي بالتضامن و التكاتف و وحدة الصف .
وفق الله الجميع و فتح بصائرهم لما فيه خير الوطن و المواطن