أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
الأردن يشيد بقرار إسبانيا الاعتراف بالدولة الفلسطينية قريباً. الأردن: لن نسمح لإسرائيل أو إيران بجعل المملكة ساحة للصراع. صندوق النقد: اضطرابات البحر الأحمر "خفضت" صادرات وواردات الأردن عبر العقبة إلى النصف. طقس العرب: موجة غبار تؤثر على العقبة الآن. نتنياهو: يجب انهاء الانقسام لأننا نواجه خطرا وجوديا الاحتلال يوسع عملياته على ممر يفصل شمال قطاع غزة سقوط طائرة مسيرة للاحتلال وسط قطاع غزة. الاحتلال يعتقل أكاديمية فلسطينية بسبب موقفها من الحرب على غزة. تحذير من التربية لطلبة الصف الحادي عشر. بنك القاهر عمان يفتتح فرع جديد لعلامتة التجارية Signature في شارع مكة السلطة الفلسطينية: من حقنا الحصول على عضوية كاملة بقرار دولي الكرك .. اغلاق محلين للقصابة بالشمع الاحمر لتلاعبهما بالاختام والذبح خارج المسلخ البلدي صندوق النقد: اقتصاد الأردن "متين" وسياسات الحكومة أسهمت في حمايته وزير الخارجية يلقي كلمة الأردن في أعمال الجلسة المفتوحة لمجلس الأمن نيويورك تايمز: إسرائيل ستنفذ عملية عسكرية برفح الأردن يدين تدنيس قيادات متطرفة باحات الأقصى. صحة غزة: إسرائيل نفذت إعدامات مباشرة للكوادر الطبية بمجمع الشفاء صحف عالمية: حكومة نتنياهو فقدت السيطرة الروايات المأساوية عن العدوان الاسرائيلي بغزة تتصدر جائزة التميز الاعلامي العربي القسام: فجرنا عيني نفقين مفخختين بقوات صهيونية بالمغراقة.
الصفحة الرئيسية آراء و أقلام التربية الجمالية

التربية الجمالية

26-02-2013 07:41 PM

ربما كان أهم ما يميز القرن الحادي والعشرين هو زيادة الانفتاح الثقافي والاجتماعي بالمعنى الواسع للكلمة والذي يشم
السياسة والاقتصاد وأساليب التفكير وأساليب الاتصال، بحيث تتصل كل مجتمعات العالم مع بعضها بما يحقق التبادل الثقافي على أوسع نطاق نتيجة وسائل الإعلام والاتصال المتطورة وساعد هذا الانفتاح والاتصال على معرفة الثقافات المختلفة والمتباينة في العالم، وإدراك كنهها ومعرفة رموزها ومعاني هذه الرموز مما يؤدي إلى احترام ثقافة الآخر، بالإضافة إلى التقدم العلمي والتكنولوجي، وسيادة التفكير العلمي العقلاني وتراجع التفكير الغيبي، لذلك فإن العالم اليوم بأمس الحاجة الى بناء نزعة إنسانية عالمية وشاملة تكون بديلاً عن منطق الحروب وجبروت السياسة وطغيان الاقتصاد وعنصرية الثقافة وازدواجية القيم، وبديلا عن ذلك النسق من المفاهيم الذي يقسم الناس إلى طبقات ومستويات ودرجات تختل فيها موازين الكرامة والحقوق واحترام الإنسان بما هو إنسان بغض النظر عن لونه وعرقه ودينه وحتى عن ثروته وماله وقوته (الميلاد،2005، ص179).
وقد يكون السؤال الطبيعي إزاء هذا الوضع المتناقض هو: هل هنالك حاجة لقيام نسق من القيم الجديدة تتلاءم مع هذه المظاهر السلوكية الطارئة وتتفق مع الأوضاع التي سوف تفرض نفسها على المجتمع العربي وذلك كنتيجة حتمية لزيادة الاتصال بالعالم الخارجي المتقدم والأشد تأثيراً، وقد يبدو هذا التساؤل غريباً للوهلة الأولى، لان القيم لا تنشأ بفعل الارادة الذاتية الواعية والتي يتم تكوينها وصياغتها من خلال عمليات طويلة ومعقدة تستغرق فترات طويلة من الزمن يتم خلالها استخلاص مبادىء عامة من أنماط السلوك وأنساق الفكر السائدة في المجتمع، ومع ذلك فقد يكون من المطلوب أن نبحث عن نوع القيم التي يمكن أن تسود في مجتمع الغد، والتي تتلاءم مع الأوضاع والظروف العامة التي سوف تسيطر في المستقبل، وهذا يتطلب أن يكون لدينا قبل كل شيء تصور عام عما يتوقع أن يكون عليه العالم في السنوات المقبلة، مع الاسترشاد في تكوين هذا التصور بمسار الأحداث في السنوات الأولى من القرن الحادي والعشرين.
أصدرت اللجنة العالمية المستقلة للثقافة والتنمية التابعة لليونسكو في سنة 1995 تقريراً مفعماً بالنزعة الإنسانية والأخلاقية بعنوان "تنوعنا الخلاق"، وهو محاولة لاكتشاف وبناء جسور التفاهم والتضامن بين الناس والبحث عن الجوامع والمشتركات الإنسانية والأخلاقية والثقافية والدفاع عن القيم، وتأكيد القيمة الشاملة والأخلاقيات العالمية وبعث الأمل بالمستقبل، فالثقافة بالنسبة إلى المجتمعات هي الطاقة والروح والمعرفة وهي تشكل فكرنا وتحكم سلوكنا (الميلاد،2005، ص181).
وأصدر المجلس الأعلى للثقافة في مصر في عام 1997 الطبعة العربية من هذا التقرير الذي يمثل خطابا بديلاً ومتعارضاً مع أبرز الخطابات التي عبرت عنها طاقات عالمية مدعمة بظاهرة العولمة وصراع الحضارات، وقد عمل هذا التقرير على إمداد الأجيال بالأدوات اللازمة لمواجهة التحديات وتوسيع نطاق معارفها، واكتشاف العالم بتعدديته المحتومة، والسماح لكل الأفراد بحياة كريمة دون فقدان هويتهم وإحساسهم بالجمال ودون فقدان تراثهم(الخميسي،2005)، ولقد بين هوفستيد (Hofstede 1990) أن عناصر الثقافة أربعة هي:
- الرموز :Symbolsوتشمل اللغة اللفظية واللباس الذي يلبسه الأفراد وكل ما يعمل على تعزيز ولاء الفرد للجماعة التي ينتمي إليها.
- الأبطال :Heroes وهم الذين يتخذهم المجتمع قدوة للخلف يقتدون بهم ويتعلمون منهم.
- الطقوس :Rituals وتشمل الروتينات اليومية التي تعبر عن القيم، وهي التي تدعم القيم وتعززها.
- القيم Values: وهي الجانب الخفي من الثقافة الذي لا يستنتج إلا من خلال سلوك الأفراد وهي تشكل جانبا واحدا فقط من جوانب الثقافة المختلفة(مقداد، 2005، ص190).
وعلى الرغم من أن مصطلح القيم الإنسانية يستخدم عادة بالرجوع إلى الجوانب والمبادئ الثقافية والأخلاقية فإننا نجد القيم تظهر في أشكال كثيرة ونماذج شتى، فعلى سبيل المثال نجدها في الجانب المادي كالنظافة والدقة في المواعيد، وفي الجانب التنظيمي كالاتصال والتنسيق، وفي الجانب السيكولوجي كالكرم، والشجاعة، وفي الجانب الفكري والعقلي الموضوعية والإخلاص (Jacobs& Cleveland 1999 ).
والحديث عن أهم مقومات وملامح القرن الحادي والعشرين وعن القيم التي نتوقع أن ترتبط به يعبر بالضرورة عن نظرة ذاتية إلى حد كبير، وإن كان يسترشد في الوقت ذاته بالمعلومات والخبرات المتوافرة، كما أن استشراف المستقبل لا يعني إغفال الماضي أو إسقاطه من الحسبان، فالحياة الاجتماعية والثقافية سلسلة متصلة من الحلقات التي تؤلف وحدة كلية متماسكة من القيم التي تتمتع بالقدرة على الصمود لأنها هي التي تعطي الفرد والمجتمع الهوية المتميزة، وقد أقام ابن نبي علاقة وثيقة بين الثقافة والسلوك، مؤكداً أن "السلوك الاجتماعي للفرد خاضع لأشياء أعم من المعرفة وأوثق صلة بالشخصية منها بجمع المعلومات وهذه هي الثقافة" (ابن نبي، 1996، ص83).
وفي هذا الصدد يذكر عويدات(1999،ص63) أن مجتمعنا الأردني يواجه معضلة حقيقية واضحة في سلوك الأفراد وهي انحدار القيم الرفيعة ومحاولة الهروب إلى معتقد شكلي تدلل عليه أنماط السلوك السائدة، وفي ظل هذه الأوضاع والظروف علينا أن نتوقع تغيرا فكرياً وقيمياً وثقافياً، ولكن سيصبح هذا التغير عشوائياً إن لم نخطط له تخطيطاً سليما، مع العلم أن القيم الكبرى في الوجود كما صنفتها الفلسفات القديمة هي القيم الثلاث:الحق، الخير، الجمال، وأنه تحت مظلة هذه القيم الكبرى تندرج القيم الإنسانية جميعاً فروعاً لها، وقيمة الخير تنبثق من التفرقة بين ما هو رذيلة وشر، وبين ما هو فضيلة وخير، وعلى أساس هذه التفرقة تبنى الفضيلة، وعلى غيابها تبنى الرذيلة (الكيلاني،2000).
وتربية الفرد وتربية المجتمع الجمالية ليستا شكلاً خاصاً مستقلاً للتربية، لأن تكّون علاقة الإنسان الجمالية بالعالم لا ينفصل عن علاقته بالعمل والتربية الأخلاقية والدينية والسياسية والبدنية والفنية، فالتربية الجمالية جانب معين في قلب هذه الفعاليات التربوية، والواقع أن القيم الجمالية لا تؤلف مجالاً خاصاً، بل تنشأ في عملية امتلاك الإنسان للعالم المدرك حسياً، فأي شكل للنشاط التربوي لا يكون تام القيمة وفعّالا ما لم يتضمن عنصراً من التربية الجمالية(McGhee, 2004).
فلو استطلعنا تاريخ التربية من العصور القديمة حتى الوقت الحاضر، لوجدنا أن مختلف أشكال التربية احتوت في أساسيتها على السلوكات والقيم الجمالية، فقد حرص البدائيون مثلاً على أن ينقلوا إلى أبنائهم بعض مبادئ السلوك السوي، بما يتصل غالباً بتقديس الأجداد واحترام الشيوخ والآباء وبمشاعر الشرف والصدق والوفاء بالوعد وطاعة أولي الأمر(عبد الدائم، 1987، ص22)، كما كان التمثيل والرقص والتقليد من أهم وسائل التربية لديهم، أما التربية لدى بني إسرائيل فكانت في مجملها تربية خلقية اشتملت على قيم دينية وقومية، وقد خلدوا الحوادث الكبرى التي رسمت مصير "شعب الله" من خلال الاحتفالات التي يشهدها الأطفال لتملأ نفوسهم شكراً لله وحباً للوطن(عبد الدائم، ص30)، أما التربية الصينية فقد عكست مظاهر الخضوع والعبودية في فنونها لنرى جمالاً ذليلاً، وقد أولى المصريون القدماء اهتماماً خاصاً بالتربية والثقافة، وقد تجلى أثر الثقافة المصرية خاصة لدى العبرانيين والفنيقيين واليونان، حيث بدى اهتمامهم بالتعليم والثقافة واضحاً وجلياً في ما خلفوه من آثار معمارية واختراعات وطرق علمية ما تزال محور اهتمام العلماء حتى الآن، وقد شهدت البشرية بداية التأملات الجمالية في الفلسفة الهندية والصينية، إلا أن اليونانيين هم الذين قاموا بترتيب هذه التأملات ووضعها في صياغة نظرية، وكان سقراط أول فيلسوف يوناني بحث في مختلف أوجه الجمال بطريقة منظمة وذهب أفلاطون إلى أن الجمال صفة لمواضيع وظواهر مختلفة متعددة، كالمرأة والفرس والشجرة والبناء والجبال والآلهة، غير أنه يوحد بين الجمال والحقيقة المطلقة ويحيل الجمال إلى بهاء الحق والخير (Mirza, 1998).
وفي العصر الروماني قام شيشرون بتقديم النظرة اليونانية في الجمال بصورة مستساغة من قبل الرومانيين العمليين، ومع أفلوطين تم الانتقال من النظرة الجمالية اليونانية الكونية إلى النظرة الأخروية اللامادية(البغدادي، 2005)، لكن في نهاية هذا العصر بدأت المفاهيم الجمالية بالانحدار بفعل ظهور أزمة الرق في الإمبراطورية الرومانية في القرنين الثاني والثالث بعد الميلاد واستمرت على هذا الوضع حتى أواسط العصور الوسطى في أوروبا (زكارنة، 1993، ص23)، وفي العصور الوسطى المسيحية أدخلت الأفكار الجمالية ضمن التعاليم اللاهوتية والتي اهتمت بمسالة العلاقة بين العدل السماوي والشر الأرضي، وصورت الجمال بوصفه أثراً إلهياً رمزياً في العالم الطبيعي(ناصر،2001، ص80).
والجانب الجمالي يدخل في كل ميدان من ميادين الحياة، فيشمل النواحي العقلية والجسدية والانفعالية والاجتماعية والوجدانية، أي أن القيم الجمالية خاصة بكل من الفرد والأسرة والمجتمع والوطن بحيث تشمل الإنسان والطبيعة وكل ما هو موجود في هذا الكون، ويوضح هويسمان بأن هناك أربعة وجوه للجمال هي: الجمال الجسدي، الجمال الأخلاقي، الجمال الذهني، والجمال المطلق (هويسمان،1980، ص26)، ولقد تأخر ظهور التفكير الجمالي كثيراً عن نشوء الإحساس الجمالي، وهو جزء من التراث النظري والفلسفي في الثقافة الإنسانية (بلوز،1981،ص9).
والتربية الجمالية والتي هي أخلاقية المستقبل تهدف إلى التطور المنسجم المتكامل للإنسان تمثل أعلى أهداف الوجود الإنساني والتطور الاجتماعي لا أولها، ولكن لا ينبغي أن يفهم من ذلك أن تربية الإنسان الجمالية مهمة ملقاة على عاتق المستقبل البعيد، إنها ولا شك مهمة راهنة، ولكنها ليست الأولى ولا يمكن أن تتقدم على سائر المهمات بل تتماشى معها جنباً إلى جنب.





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع