ان الوعى السياسى لدى الفرد كعضوا مجتمعي يتكون من المعارف والقيم والإتجاهات السياسية التى تتيح للإنسان أن يدرك أوضاع المجتمع ومشكلاته والمقدرة على تحليلها والحكم عليها ويحدد موقفه منها، والتى تدفعه للتحرك من أجل تغييرها وتطويرها، ويتكون هذا الوعى من خلال التوعية السياسية المباشرة الرسمية وغير المباشرة من خلال الاعلام بالدرجة الاولى، والخبرة السياسية المكتسبة من خلال المشاركة السياسية، والتثقيف الذاتى من متابعة الاحداث، والتراكم والخبرة المكتسبة من خلال مشاركاته فى السياسية أثناء الدراسة فى الجامعة والنادى والحالة الإجتماعية التى يعيش فيها ،والنتيجة تكون إما شخص مشارك او تابع، وقياس درجة الوعى السياسى ترتبط بما لدى الافراد من معلومات سياسية عن النظم السياسية والاحزاب والقوانيين وكيفية المشاركة ودرجة التأثير فى الحياة السياسية .بالتالى اننا فى مجتمع يتصف بالجهل السياسى، لعدم توافر اسياسيات هذا الوعى، ومن ثم تاثير ذلك على نتيجة الإتخابات عن طريق استقطاب الاصوات باستخدام اساليب لا تتوافق مع مبادىء الحرية والاختيار والنزاهة السياسية، ومن اسبابه القيود الإجتماعية التى فرضتها المصالح والجهوية والخوف ليس من المشاركة السياسية فحسب بل التحدث بمجرد مناقشة أى امر يتعلق بالسياسية ،وفساد إعلامى موجه لنشر افكار معينة تستهدف تحقيق مطالب المعارضة والنخبة التى فقدت دورها فى التوعية نظرا لإرتباط كل منها بمصالحه السياسية لتحقيق اهداف شخصية طغت على دورهم تجاه المجتمع .
ومع ذلك بدت نتائج الانتخابات، مع ما أظهرت من سلبيات، تعتبر بداية طريق نجاح الديمقراطية، نظرا للفترة الحرجة التى يمر بها الأردن، ومن خلالها يمكن استخلاص المكاسب ومعالجة الاخطاء، محاولة لتصحيح ما ينتج عنها، كما وان نظام الإنتخاب " القوائم النسبية " أدى الى تعقيد كيفية الاختيار بالنسبة للشخص المتعلم، وبالتالى صعوبة فى الاختيار للأفراد الأميين، وتشابه الرموز أدى الى استغلالها بتوجية المصوتين من قبل النشطاء لصالح بعض القوائم، ما أكد ان تلك الاخطاء استفاد منها البعض، وتضرر منها البعض الآخر .
ومحصلة ما أريد الاشارة إليه، هو ان الهيئة المستقلة للإنتخاب لم تقم بمعالجة الجهل السياسى لدى البعض سواء كان ناخبا أو مرشحا على السواء، كما أهملت أو تجاوزت الهيئة المستقلة التفكير مسبقا بما أدى بعدم مشاركة البعض، ومعرفة السبب بنزاهة ؟ هل هو بالفعل قاصدا أم لدية ما يخصه من ظروف معيشية او صحية أو نفسية تحول دون مشاركته في الإنتخاب، أقول هو اننا ليس فى مجتمع متقدم أو متطور يتاح فيه جميع الامكانيات لتجرى المشاركة السياسية به بسهوله،
وكما يجب مراعاة ما يتعلق بالظروف الحالية للمجتمع الأردني مع وجود مشكلات ضخمة، تتمثل في الوضع الإقتصادي المتجذر، بالإضافة إلى تدفق هذه الأعداد المتزايدة من الأخوة السورين إلى البلد، ماساهم ذلك تراجع في حماس المواطن للمشاركة في العملية الإنتخابية، وهذا كان أمرا فى منتهى الأهمية، ودافع قوى، يضع كافة المسؤلين في مؤسسات الدولة، ومجلس النواب ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص، أمام واجباتهم تجاه الوطن والمواطن، بدء من معرفة حقيقة الواقع، لمعظم شرائح الشعب الذي يبحث عن قوت يومه، وأهم ما يسعى إليه هو متطلبات حياته اليومية، فاذا توفرت له حياة كريمة، سوف يبدأ تلقائيا فى المشاركة المجتمعية والسياسية دون عناء .