ليس ردا على ناهض حتر

لا أهدف في هذا المقال مناقشة او تحليل الخلفية الايدلوجية للكاتب ناهض حتر ولا المناكفات والحرب السياسية والاعلامية التي شهدناها بين معسكرين انقسما بعد شهر عسل طويل من المصالح المتبادلة ليس منها مصلحة الوطن، وعرفنا فيما بعد من يقف وراء هذين المعسكرين ومدهما بالمال والمعلومات. 

ولكن اؤكد للكاتب العزيز وبصفتي الشخصية وليس بصفتي الرسمية كأحد العاملين في وزارة التخطيط والتعاون الدولي، أن زج اسم وزارة التخطيط والتعاون الدولي في هذه المهاترات والهجوم عليها وعلى مسؤوليها بطريقة موتورة بل الدعوة الى تصفيتها والغائها ، فيه تجني وظلم كبيرين لتاريخ هذه الوزارة التي تعمل على أساس قانوني وفي اطار علمي وتشاركي في التخطيط التنموي وضمن اطار مسؤولياتها وواجباتها.

وعليه، فإن الوزارة هي الجهة الحكومية المخولة فيما يتعلق بالحصول على المساعدات الخارجية وتخصيصها للبرامج والمشاريع التنموية ذات الأولوية وبما يتوافق مع الأولويات التنموية الوطنية والاستراتيجيات القطاعية المعتمدة، بالإضافة إلى خطة عمل الحكومة وذلك بالتنسيق مع مختلف الوزارات القطاعية والدوائر والمؤسسات المعنية.

من جهة أخرى تقوم الوزارات في هذا الاطار، بتقديم مقترحات لمشاريعها التنموية على المدى المتوسط ضمن استراتيجياتها وفي إطار البرنامج التنفيذي التنموي متوسط المدى ومن خلال لجان قطاعية ووزارية قبل أن تعرض على مجلس الوزراء لإقرارها، ويُطرح هذا البرنامج على الجهات المانحة كبرنامج الحكومة التنموي وكأساس لتوجيه الدعم والتمويل لهذه المشاريع ذات الاولوية ويُعكس هذا البرنامج في الموازنة العامة للدولة. علماً بان الوزارة تقوم كذلك وبالمشاركة الشاملة لأجهزة المحافظات بإعداد ومراجعة البرامج التنموية للمحافظات المختلفة.

القروض الميسرة
ولا بد من الاشارة الى الالية التي يتم فيها اتخاذ قرار الحصول على قروض ميسرة سواء لتمويل عجز الموازنة أو لتمويل مشاريع تنموية ذات اولوية وطنية، إذ تقوم الحكومة بتحديد المشاريع ذات الاولوية بعد اقراره في مجلس الوزراء، ليصار الى تمويلها من خلال الحصول على قروض تنموية من الجهات المانحة المتاحة وفق شروط ميسرة، حيث يتراوح سعر الفائدة (0%-4%) وفترة سداد تصل الى (40) عام وفترة سماح تتراوح ما بين (4-10) اعوام.
ويتم عرض طلبات الاقتراض للمشاريع بعد التأكد من مدى اولويتها وجاهزية دراساتها والاثر المحتمل لتنفيذها والجهة المانحة المقترحة بالإضافة الى سقف الدين على اللجنة الفنية لإدارة الدين العام والمكونة من (أمين عام وزارة المالية، أمين عام وزارة التخطيط والتعاون الدولي، مدير عام دائرة الموازنة العامة، ونائب محافظ البنك المركزي الاردني) ويمكن الاستعانة بالجهة الحكومية المستفيدة من المشروع المراد بحثه، وتقوم هذه اللجنة بعد دراسة طلبات الاقتراض برفع التوصيات اللازمة الى اللجنة العليا لإدارة الدين العام المكونة من (وزير المالية، وزير التخطيط والتعاون الدولي، ومحافظ البنك المركزي).
ومن الجدير بالذكر بان وزارة التخطيط والتعاون الدولي تقيد السحوبات بسجلاتها حال قيامها بإرسال طلبات السحب الى الجهة الممولة، بينما وزارة المالية تقوم بقيدها عند وصول اشعار من الجهة الممولة لوزارة المالية يفيد بصرف طلب السحب، وتقوم وزارة التخطيط والتعاون الدولي بإرسال كشوفات شهرية لوزارة المالية تبين السحوبات من القروض الخارجية وتتم المطابقة على اساسه، علما بأن وزارة التخطيط والتعاون الدولي ووزارة المالية تقومان بالتنسيق المستمر ومطابقة هذه البيانات بينهما وايضاً مع بيانات الجهة المانحة. وفي محصلة الامر تتم عملية المطابقة بين مختلف الجهات المعنية ومديرية الدين العام كونها الجهة المسؤولة عن ادارة الدين العام وهي الجهة المناط بها دفع الاقساط والفوائد المترتبة على هذه القروض واصدار التقارير الدورية الخاصة بالدين العام.
كما وانه لا بد من التنويه بأن وزارة التخطيط والتعاون الدولي ملزمه تماما بالدور الذي منحها اياه قانون التخطيط رقم (68) لسنة 1971 والقاضي بأن الوزارة "حلقة الوصل بين جميع الوزارات والمؤسسات الحكومية والخاصة وبين مصادر التمويل الخارجي من الدول الأخرى والمؤسسات الخارجية والدولية وغيرها". وعليه، فإن الوزارة هي الجهة الحكومية المخولة فيما يتعلق بالحصول على المساعدات الخارجية من منح وقروض ميسرة سواء لدعم الموازنة او لدعم مشاريع تنموية وتخصيصها للبرامج والمشاريع ذات الأولوية وبما يتوافق مع الأولويات التنموية الوطنية، وذلك بالتنسيق مع مختلف الوزارات القطاعية والدوائر والمؤسسات المعنية، ومتابعة تنفيذ المشاريع.
الدور التنموي
ويؤسفني أن اقول ان الكاتب اغفل الدور التنموي للوزارة، حيث تناسى البرامج الحكومية التي تعالج هذا الموضوع على 3 مستويات وبدعم وتنسيق من وزارة التخطيط والتعاون الدولي:
1. المشاريع المتناهية الصغر من خلال الاقراض الميكروي حيث اقرت الحكومة وبمتبعة من الوزارة استراتيجية دعم هذا القطاع وتقوم بتنفيذها بالتعاون مع مؤسسات القطاع التي شهدت نموا ملحوظا.
2. قطاع المشاريع الصغيرة (بقروض يصل حجمها إلى 30 الف دينار) حيث قامت الحكومة ومن خلال وزارة التخطيط والتعاون الدولي بمضاعفة تمويل صندوق التنمية والتشغيل خلال العامين الماضيين من خلال المنح والقروض الميسرة من الصندوق العربي للتنمية بقيمة 30 مليون دولار مما يساهم في البدء ببرامج اقراض بسعر مرابحة 4% للمشاريع الانتاجية بالإضافة إلى توفير ضمانات لقروض صندوق التنمية والتشغيل بنسبة 70% مما يوسع من عدد المستفيدين وتصميم برامج خاصة للشباب.

كما عملت الوزارة مع الصندوق على تنفيذ المبادرة الملكية لمحافظة معان وفي إطار ريادي بحيث يحصل المقترض على القروض الميسرة بالشروط اعلاه ويستفيد من منح تشجيعية تساوي 30% من قيمة القرض بعد نجاح المشروع وخلال ثلاث سنوات من تنفيذه.

3. ولما للشباب من دور هام في دفع عجلة التنمية باعتبارهم قادة التغيير فقد نفذت الوزارة مبادرات من شأنها المساهمة في تمكينهم اقتصاديا وتحسين الظروف المعيشية الاقتصادية والاجتماعية لهذه الفئة، فقد نفذت الوزارة بالتعاون مع مؤسسة انجاز برنامج الشركات الطلابية في الجامعات الذي يهدف إلى بناء قدرات الشباب الملتحقين بالدراسة الجامعية وتعزيز مهاراتهم في مجال الريادة والإبداع، بحيث يصبحوا قادرين على إنشاء مشاريع وأعمال ناجحة، وتشمل المبادرة دورات ومساقات تدريبية متخصصة، يقوم الطلاب في نهايتها بإنشاء شركات فيما بينهم تعمل على تنفيذ أفكار تجارية ريادية تساهم بعض هذه الشركات في تحقيق دخولاً معقولة للطلبة تساعدهم على تغطية بعض نفقات دراستهم الجامعية، كما يمكن تطوير هذه الشركات بعد تخرج الطلاب بحيث تصبح مشاريع ومبادرات لأعمال استثمارية ناجحة تستفيد من المبادرات الوطنية الأخرى في مجال دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

كما تم تنفيذ مبادرة برنامج التدريب الصيفي للجامعات "درب" بالتعاون مع صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية لتوفير فرص تدريبية لطلبة الجامعات الأردنية في مؤسسات القطاع الخاص والعام بهدف صقل مهاراتهم خلال السنوات الدراسية الجامعية وزيادة عدد الفرص المتاحة للتدريب العملي في الشركات وخاصة في المحافظات التي تواجه محدودية في هذه الفرص وإعطاء الطلبة خبرة عملية عن واقع السوق ومكان العمل لتسهيل انخراطهم فيه بعد التخرج.

وتشكل استراتيجية التشغيل الوطنية والبرامج المنبثقة عنها تشكل مظلة لعمل كافة المؤسسات المعنية بتوفير فرص العمل وعلى رأسها وزارة العمل.

دعم التنمية المحلية تحقيقا للتوازن في النمو

يعد قطاع التنمية المحلية من أهم مرتكزات استراتيجية الحكومة على المدى المتوسط لدفع عجلة الاقتصاد، والاهم من ذلك اداة لتفعيل التوزيع العادل للموارد والتنمية على المناطق المختلفة، وبناء على ذلك سعت الحكومة لإنشاء برامج وتوفير التمويل لها، وقد استطاعت توفير مبلغ 300 مليون دولار من التمويل الاجمالي للمنحة الخليجية للأعوام الاربعة المقبلة، حيث يعتبر هذا القطاع ثالث قطاع من حيث قيمة التمويل بعد قطاعي الطاقة والنقل. ويأتي هذا التمويل تنفيذا لقرار مجلس الوزراء باعتماد البرامج التنموية للمحافظات للأعوام 2012-2014 وتوفير التمويل الضروري لها من خلال الموازنة.

كما حرصت وزارة التخطيط والتعاون الدولي ومن خلال برنامج "إرادة" على تعميق الوعي لدى الشباب بأهمية العمل الحر واستغلال طاقاتهم في تعزيز المبادرات الإنتاجية وتشجيعهم على إقامة مشاريع خاصة بهم من خلال تقديم المشورة والدعم الفني لهم واستغلال كافة السبل الكفيلة لتزويدهم بالمهارات الفنية والدعم اللازم لتطوير الاعمال، ولتعزيز فرص نجاح المشاريع والتغلب على المشاكل التسويقية لها فقد تم فتح نوافذ تسويقية لمنتجات هذه المشاريع التي تم دعمها من خلال برنامج تعزيز الانتاجية لصالح الهيئات المحلية والافراد في مختلف محافظات المملكة، حيث تخضع المنتجات المعروضة الى كافة معايير واسس ضبط الجودة المحلية والدولية بالتعاون مع الجمعية العلمية الملكية وبدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية.

وتقوم الوزارة من خلال تعزيز الانتاجية الاقتصادية والاجتماعية بتمويل العديد من الانشطة والبرامج والمشاريع الهادفة إلى المساهمة في تحسين المستوى المعيشي للمواطنين في مختلف المحافظات، فقد عمل البرنامج في عام 2012 على تحقيق (2972) فرصة دخل وتحسين دخول للفئات المستهدفة من خلال تمويل ودعم (1407) مشروعا انتاجيا صغيرا ومتوسطا لهيئات المجتمع المحلي والاسر الفقيرة والافراد موزعة على انشطة البرنامج وعلى النحو التالي:
 المشاريع الانتاجية الموجهة لهيئات المجتمع المحلي المختلفة بالإضافة إلى بعض الشراكات مع القطاع الخاص بواقع (120) مشروعا وفرت (831) فرصة عمل في مختلف محافظات المملكة.
 مشاريع اسرية في مناطق جيوب الفقر بواقع (209) مشروعا وبمعدل تمويل حوالي (5) الاف دينار للمشروع الواحد وفرت (263) فرصة عمل.
 القروض الدوارة بواقع (578) قرضا للأسر في مناطق جيوب الفقر وبتمويل يتراوح ما بين (500-1500) دينار وفرت (578) فرصة عمل ودخل جديد للمستفيدين.
 الدعم الفني والاستشاري والمتابعة من خلال مراكز تعزيز الانتاجية "إرادة" بواقع (500) مشروعا وفرت (1300) فرصة عمل، منها (400) مشروعا استفاد من النافذة الاقراضية التي يوفرها صندوق التنمية والتشغيل لتمويل المشاريع الريادية.

اما المشاريع المتوسطة الحجم (قيمة القرض لها قد يصل إلى 2 مليون دينار) فقد قامت الوزارة بإطلاق برنامج يوفر ضمانات للقروض بمساعدة جهات مانحة، وهو برنامج لدعم المشاريع المتوسطة بالتعاون مع مؤسسة تطوير المشاريع الاقتصادية (جيدكو) ويتم من خلال البنوك مباشرة، حيث تشارك الآن اربع بنوك في هذا البرنامج ( العربي، الاهلي، والاسكان والقاهرة عمان) ويوفر ضمانات قروض تساهم بتخفيض سعر الفائدة تصل إلى 75% من قيمة القرض للمشاريع في المحافظات وبهدف توجيه الاستثمار وتشجيعه وتوسعته في مختلف المحافظات.