لم يقلل اعتراف وزير الداخلية السعودي بوجود اخطاء في موسم الحج من حجم المعاناة التي لقيها الحجاج هذا العام ، فمنذ اكثر من عشر سنوات لم نشاهد هذا الكم الهائل من الفوضى المرورية والتنظيمية التي اودت بحياة عدد من الحجاج وسببت المعاناة للآخرين .
طبعاً لا ينكر احد الجهود الضخمة التي تبذلها المملكة العربية السعودية لخدمة حجاج بيت الله الحرام ، ولكن يجب الوقوف على هذه الاخطاء التي اعترف بها الوزير حتى لا تتكرر ، وليتم محاسبة المسؤولين عن هذه الاخطاء.
لقد بررت الحكومة السعودية عدم موافقتها على اعطاء الدول اعداد اضافية من الحجاج زيادة على الكوتا المقررة لكل دولة بوجود اعمال توسعة في الحرم وهذا كلام منطقي ومعقول . ولكننا فوجئنا ان اعداد الحجاج هذا العام من الداخل يفوق بكثير الاعداد في الاعوام السابقة وهنا تكمن المشكلة ، و هذه الاعداد لا تدخل في العدد الرسمي المعلن من قبل الحكومة السعودية . اذ انها فقط تعلن اعداد الذين اصدرت لهم تأشيرات في الخارج وتصاريح في الداخل . وهؤلاء الحجاج لا يتجاوز عددهم بحسب الحكومة السعودية الثلاثة ملايين ونصف ،اما الباقي الذين حضروا من الداخل بدون تصاريح فتتجاوز اعدادهم هذا الرقم ليصبح الاجمالي اكثر من سبعة ملايين حاج(غير معلن) . لقد سبب هذا الكم الهائل معاناة الحجاج هذا الموسم ، اضف الى ذلك ضعف التنظيم الذي رافقه من قبل السلطات السعودية ، ففي منطقة مزدلفة مثلاً اخذ الناس يفترشون الارض يميناً وشمالاً مما ادى الى اغلاق الطرق والممرات وهذا ما جعل الحافلات تصل الى مزدلفة بعد فجر يوم العيد، اما منى فلم يكن الحال فيها افضل ، فقد عاد الناس للافتراش في الطرقات والممرات بعد ان كانت الحكومة السعودية تمنع ذلك في الاعوام السابقة ، والأدهى من ذلك عادت فتاوى التشديد بشيوخها الذين اخذوا يطوفون على الحجاج في مساكنهم ويحذرونهم من الرمي قبل الزوال في ثالث ايام التشريق مما سبب امواج بشرية امتدت من الجمرات وحتى الحرم بمعدل 5 كم حيث اجبرت هذه الامواج الناس من الذهاب الى الحرم سيراً على الاقدام قصراً والعودة كذلك بعد معاناة طويلة وغير مسبوقة لتأدية طواف الوداع او الافاضة للذين اخروه.
اما بالنسبة لنا نحن الحجاج الاردنيين فقد نالنا ما نال غيرنا من التعب والمشقة والتي نسأل الله عز وجل ان تسجل في ميزان حسنات كل حاج ، ورغم الجهود التي بذلتها بعثة الحج الاردنية والتي تستحق عليها كل الشكر والتقدير الا ان هناك اخطاء لابد من الاعتراف بها و اهمها الموافقة على نقل موقع الحجاج في عرفات من منطقة الى اخرى بعيدة عن مواقف الحافلات فهي تبعد عن المخيمات اكثر من 1000م مما يضطر الحاج الكبير في السن مشي هذه المسافة للوصول الى حافلته ، كما ان هذه المواقف بعيدة عن الشارع الرئيسي المؤدي الى مزدلفة مما ادى الى مكوث بعض الحجاج في الحافلات اكثر من 15 ساعة في مسافة لا تتجاوز 7 كم للوصول الى مزدلفة.
كما ان موقع السكن الذي اختارته الوزارة للحجاج هذا العام في منطقة العزيزية (ريع صدقي) القريبة من الجمرات لم تخفف من معاناة الحجاج اثناء الذهاب للحرم لطواف الافاضة وطواف الوداع اذ ان ازمة المواصلات سببت لهم معاناة في الذهاب والإياب و كبدتهم مبالغ مالية اضافية تصل في بعض الاحيان الى 1000 ريال سعودي للمشوار الواحد.
لقد انتهى موسم الحج هذا العام على الاقل بالنسبة لنا نحن الاردنيين ونسأل الله القبول لجميع الحجاج وان يجعل حجهم مبروراً وسعيهم مشكوراً وذنبهم مغفوراً وتجارتهم لن تبور ، ورحم الله من اختاره منهم ليكون الى جواره في هذا الموسم رحمة واسعة واسكنهم فسيح جنانه.
سالم الخطيب