لا أذكر في صغري أن " بستنا او قطتنا " قد تركت أطفالها الصغار " داشرين " في الحارة ، فليس مسموحا لهم الذهاب مثلا لكي يلعبوا مع " بسس " جارنا " أبو سطام " ، وكانت عنيفة إلى حد التطرف في حمايتهم مني إذا حاولت الإقتراب منهم لكي أداعبهم ، يا لطيف كم كنت أشعر بالهلع والهزع في نظراتها الحمراء وصوتها المزمجر نحوي حيث كنت أحس في حينها أنها ليست " بسة " بل أسد ، والغريب انه على الرغم من التطور العمراني والحضاري الذي واكب حارتنا إلا أن ذلك لم يغريها في قضاء حاجتها – أكرمكم الله – على البلاط السيراميك أو الرخام او حتى على الأسفلت في الشارع ، فهي نظيفة وتحرص على نظافة ومظهر الحي والشارع وتأبى إلا ان تقضيها في المناطق الترابية لتدفن أوساخها فيها وليس هذا فحسب بل إنها وعلى الرغم من انها كانت تأكل بقايا عظام دجاج -الملوخية – مثلا ومع ذلك لن تجد بقعة سوداء من بقايا – الملوخية- على فروها الناعم هي وأبناءها ، بلسانها فقط تنظفهم فلا _ شامبو _ ولا صابون - نعام – فسبحان الخالق الذي وهب " قطتنا " كل هذا العطاء ...!!!
اعتقد جازما بانه من الخبل أن يعتقد أحد ان " بستنا " ألحقت منذ نشاتها الأولى في مدارس رياض الأطفال وعلمتها – المس- في المدرسة ان النظافة من الإيمان او إنها تعلمت في مدارس أساسية او ثانوية وتخرجت من الجامعات لكي تتعلم وتطبق ما تعلمته فيها من أسس الرعاية والتربية لنشأها واولادها لكي تحفظهم من كل خطر داهم يداهمها كان تقوم مثلا بالتسكع في الشارع " شمة هوا " مع جاراتها وتترك اولادها وحدهم يلعبون ويمرحون ويسرحون وتحت شعار " ربك إللي بستر " ...!!!!
حقا انه شيء مثير للسخرية أن نكون نحن البشر قد تعلمنا في المدارس وتخرجنا من أرقى الجامعات واكثرنا يقرأ ويتابع الصحف والأعلام ونستخدم الحاسوب في مختلف انواعه وأشكاله ونركب السيارات والطائرات وانتقلنا من بيوت الطين إلى الفلل والعمارات ووووووودخلنا القرن الواحد وعشرين وما زلنا نقرأ أن شوارعنا مليئة بالنفايات والمهملات ونصدم إلى حد الصدمة لكي نقرأ كما قرانا مؤخرا ان هنالك طفلا صغيرا تائها ضائعا في – الزرقاء – يبحث عن اهله ...!!!
سامحوني ولا تلوموني إن قلت لكم ان " بستنا" ما زالت تستحق إحترامي وإعجابي أكثر منا نحن بشر القرن الواحد وعشرين ، " فالبسس " منذ الأزل لم تتغير كما تغيرنا نحن البشر ....!!!!