هدايا الاستقلال
لم يهنأ الناس بذكرى الاستقلال ورغم الخطابات الرنانة التي ألقاها مسئولي السلطات التشريعية الثلاثة أمام الملك ، وتعهدهم بالحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والسياسي للمواطن وللدولة ، إلا أنهم كعادتهم يتلكئون وتظهر تصرفاتهم عكس ما تخفي قلوبهم .
كانت أول هدايا عيد الاستقلال حصول حكومة الطراونة على ثقة المجلس 111 وهذا ليس بغريب عليهم ، ورغم الخطابات الرنانة التي ألقاها النواب الأشاوس ، إلا أنهم تدافعوا في نهاية المطاف في طابور يشبه طابور الجمعية ، للتسابق بالمباركة للطراونة وحكومته على هذه الثقة الانتقالية التي يرددها الرئيس في خطاباته .
اليوم كانت الهدية الاخرى برفع أسعار المشتقات النفطية وتعديل التعرفة الكهربائية ، وهذا كله تزامن مع تغيير رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي . سياسات اقتصادية تقليدية وخطط قديمة جديدة لم تسمن ولم تغني من جوع تعاد من جديد إلى الواجهة الاقتصادية وكأن الأردنيات عقرن ولم يعد بإمكانهم ولادة مسوؤلين جدد .
وربما تهيئة العناني إلى هذا المنصب وإعادته إلى الواجهة الاقتصادية تنذر بولادة رئيس وزراء جديد من طراز العناني ، أو على أقل تقدير إعادة اعتبار للفكر الاقتصادي المحافظ الذي كان يمارسه أصحاب المدرسة الاقتصادية العنانية في وقت سابق والتي كان لها نصيب في ظهور المديونية الأردنية حتى وصلت على أبوا 18 مليار دولار.
عموماً ، الحكومة تسير في اتجاه التصعيد مع الشعب ولا تأبه بأي شيء قد يؤثر على استقرار البلد ، طالما ان الربيع العربي في نظرهم قد انتهى مفعوله ، ولكن لنأخذ الموضوع عن طيب نية ونقول ان قرار الرفع جاء على مدخل فصل الصيف ، وهو الموسم الذي يمثل فرصة ذهبية للحكومة على شكل موسم سياحي ممتاز بحسب تصريحات وزارة السياحة ، وعودة المغتربين الأردنيين .
وكذلك الأوضاع السياسية في دول الجوار والتي تجعل من الأردن ملتقى صيفي للأشقاء العرب والأخوة المغتربين بحسب تقديرات الحكومة ، ورغم ذلك سوف يخرج علينا وزير السياحة ليخبرنا بأن هناك تراجع في الدخل السياحي لأن الموسم السياحي لم يكن جيداً .
عموماً ، لا اعتقد أن هذه الاجراءات سوف تحسن من وضع المالية العامة على المدى الطويل ، وهي إجراءات شكلية لحظية على شاكلة السياسات الاقتصادية على مر تاريخ الاقتصاد الأردني، وفي السنة القادمة كالسنة الحالية والماضية سوف تعود الحكومة بسياسة رفع الأسعار لتفادي الوضع المحزن للخزينة العامة .