الأردن في المرتبة 85 عالميا والثامنة عربيا في متوسط الرواتب
جدل طبي وتشريعي في الأردن حول حق أطباء الأسنان بممارسة التجميل غير الجراحي
بنك الدواء الأردني ينفي تصريحات منسوبة لمديرته ويعتذر للمؤسسة العامة للغذاء والدواء عن اللبس
حتى لو اقترضت الحكومة ! .. نواب يطالبون بزيادة رواتب القطاع العام في الاردن
الخارجية البريطانية: مستودعات الأردن ممتلئة بالمساعدات ويجب فتح المعابر لغزة
طقس العرب: 3 أسباب علمية وراء ضعف الأمطار وغياب الحالات الجوية
تزايد في تأخير الرحلات الجوية بالولايات المتحدة جراء الإغلاق الحكومي
شركة أردنية متورطة في قضية فساد كبرى في ليبيا .. تفاصيل
إصابتان بتماسٍّ كهربائي في مصعدٍ بإربد
أمانة عمّان تزيل أكثر من 9050 حاجزا وعائقا
الغذاء والدواء الأردنية ترد على بنك الدواء الخيري .. وتصحح وتحذر
ولي العهد يؤدي اليمين الدستورية نائبًا للملك
وزير الثقافة يشارك في مهرجان "فريج الفن والتصميم" بقطر
الدفاع المدني يتعامل مع حادث سير مروع قرب أم صيحون وأنباء عن وقوع إصابات خطرة
الشاكر : مؤشرات ايجابية للموسم المطري
الترخيص المتنقل "المسائي" بلواء بني عبيد غدا
إدارة السير تضبط مركبة شاركت في موكب زفاف أغلق الطريق وعرض حياة المواطنين للخطر
الدعم السريع: أبو لولو قيد المحاكمة في دارفور
المؤسسةالعامة للغذاء والدواء: العمل مستمر على مشروع تتبع الأدوية إلكترونيًا
بقلم الإعلامي الدكتور محمد العشي - في زحمة الحياة وسرعة الأيام، يخطئ الإنسان ويصيب، يتقدّم ويتراجع، يقول ما لا يقصد، أو يتصرّف بدافع انفعال عابر. هذه طبيعة بشرية لا يمكن لأحد أن ينكرها. لكن الفارق الحقيقي بين إنسان وآخر لا يُقاس بغياب الخطأ، بل بقدرته على مواجهة ذاته، والاعتراف به، والتعبير عنه بشجاعة من خلال كلمة صغيرة تحمل أثرًا عظيمًا: "آسف".
الاعتذار ليس مجرّد لفظ عابر، بل هو موقف أخلاقي يعكس عمق التربية، ورقيّ النفس، ووعي الإنسان بأنّ الكرامة الإنسانية لا تعلوها كرامة. هو إشارة واضحة بأنّ العلاقة أغلى من الجدال، وأنّ قيمة الآخر محفوظة، مهما كان حجم الخلاف أو قسوة اللحظة.
ولأنّنا في عالم تتسارع فيه التكنولوجيا وتزدحم فيه العلاقات الافتراضية أكثر من الحقيقية، أصبح الاعتذار حاجة مضاعفة. رسالة صغيرة عبر الهاتف، أو كلمة مكتوبة على عجل، قد تُنقذ صداقة سنوات أو تُعيد دفء أسرة كان الخلاف يهددها بالفتور. غير أنّ الأجمل من الاعتذار هو صدقه؛ فالناس يقرأون القلوب أكثر مما يقرأون الحروف.
إنّ ثقافة الاعتذار تعكس وعي المجتمعات. حينما يعتذر الأب لابنه عند الخطأ، يزرع في قلبه قيمة الاحترام. وحينما تعتذر الزوجة لزوجها أو العكس، يتجدد الحب وتترسخ الشراكة. وعندما يعتذر المسؤول لموظفيه أو المواطن لوطنه، يتجسّد معنى العدالة الإنسانية في أسمى صورها.
البعض يرى أنّ الاعتذار ضعف أو انتقاص من المكانة، لكن الحقيقة أنّه قمّة القوة. من يعتذر لا يخسر شيئًا، بل يكسب احترام نفسه أولاً، وثقة من حوله ثانيًا. هو فعل يعيد بناء الجسور بعد أن كادت أن تهدم، ويفتح نوافذ النور حيث أوشكت العتمة أن تسود.
وفي زمن كثرت فيه الضغوط والمشاحنات، نحن أحوج ما نكون إلى إعادة الاعتبار لثقافة الاعتذار. أن نُدرّسها لأبنائنا، ونمارسها في بيوتنا، ونكرّسها في مؤسساتنا. فهي ليست مجرد كلمة، بل فن من فنون الإنسانية، يربط بين الناس بخيوط من الودّ الصادق، ويُعيد ترتيب العلاقات على أساس من الاحترام المتبادل.
الاعتذار لا يقتصر على العلاقات الشخصية فقط، بل يمتد إلى حياتنا اليومية مع المجتمع. حينما نخطئ في الطريق، أو نُسيء من غير قصد إلى موظف أو عامل، كلمة بسيطة قد تُغيّر يومه بأكمله. فكم من ابتسامة أعادتها كلمة "عذرًا"، وكم من قلب انشرح باعتذار صادق.
قد يظن البعض أنّ الاعتذار يُقلّل من الهيبة، لكن الواقع أنّ أجمل القلوب هي تلك التي تعرف أنّ الخطأ لا ينتقص من قيمتها، بل يزيدها إنسانية حينما تُقرّ به. في النهاية، نحن بشر، نُخطئ ونصيب، لكن أجمل ما فينا أن نملك شجاعة القول: "لقد كنت مخطئًا، وأعتذر".
إنّ بناء مجتمع متماسك يبدأ من أبسط التفاصيل: كلمة طيبة، نظرة احترام، واعتذار عند الخطأ. هذه التفاصيل الصغيرة هي التي تُرسّخ دعائم الكرامة الإنسانية، وتبني جدارًا من المحبة يصمد أمام عواصف الحياة.
فالاعتذار ليس هزيمة، بل هو انتصار على كبرياء زائف، وبوابة إلى قلوب صافية، ومفتاح لبناء علاقات تدوم.