️ بقلم: الخبير الاستراتيجي المحامي محمد عيد الزعبي - في الوقت الذي تتسارع فيه الأحداث في الشرق الأوسط، وتشتد نيران الحرب بين إسرائيل وإيران، يُطرح سؤال وجودي:
هل نحن أمام صراع عابر، أم هندسة شاملة لخريطة المنطقة؟
وما دور العرب في هذه المعركة المصيرية التي تُرسم فيها حدود القوة والنفوذ بالسلاح النووي، والتحالفات الخفية، والتدخلات السافرة؟
هذا المقال يقدّم قراءة استراتيجية متكاملة حول ثلاثة محاور رئيسية: البرنامج النووي الإيراني، الهدف الحقيقي من الحرب الإسرائيلية الأميركية، والموقف العربي الغائب أو المغيَّب.
---
أولاً: البرنامج النووي الإيراني... بين الطموح والطموح الزائد
تعود جذور المشروع النووي الإيراني إلى خمسينيات القرن الماضي في عهد الشاه، لكنه بلغ ذروته بعد الثورة الإسلامية عام 1979.
ورغم توقيع إيران على معاهدة عدم الانتشار النووي (NPT)، فإن تصرفاتها وتخصيبها لليورانيوم بنسب تفوق 60%، وتوسيع منشآتها السرية مثل "فوردو" و"نطنز"، جعل المجتمع الدولي، وتحديدًا إسرائيل وأميركا، يُشككان في "النية السلمية" المعلنة للبرنامج.
إيران تؤكد أن هدفها هو إنتاج الطاقة والدواء، لكن الغرب يرى في هذا البرنامج مشروعًا تسلحيًا مبطّنًا يهدف للوصول إلى "العتبة النووية"، أي امتلاك القدرة على إنتاج سلاح نووي خلال وقت قصير عند الحاجة.
وفي ظل فشل الاتفاق النووي (JCPOA) بعد انسحاب إدارة ترامب عام 2018، واستمرار طهران في خطوات التصعيد، أصبحت المنطقة أمام احتمالين:
إما امتلاك إيران للقنبلة النووية فعليًا
أو اندلاع حرب استباقية لمنعها من الوصول إليها
---
ثانيًا: هل الحرب هدفها تفكيك إيران؟
تتعدى الحرب بين إسرائيل وإيران مجرد تبادل ضربات. هناك ملامح مشروع استراتيجي غربي – إسرائيلي يهدف إلى:
1. إسقاط النظام الإيراني
ليس فقط بسبب عدائه لإسرائيل، بل لتمدد نفوذه في العراق، سوريا، لبنان، اليمن، وغزة.
ولأن إيران تشكّل مركز ثقل في "محور المقاومة"، فإن كسرها يعني إضعاف هذا المحور برمّته.
2. تفكيك إيران إلى دويلات
إيران دولة متعددة الأعراق: فرس، أكراد، عرب، أذريون، بلوش، تركمان.
وهناك نزعات انفصالية في بعض الأقاليم (خاصة الأحواز وبلوشستان وكردستان) يمكن استغلالها.
تفكيك إيران لن يضعفها فقط، بل سيحوّلها إلى ساحة صراعات داخلية وفوضى، كما حصل في العراق وسوريا.
لكن هذا الخيار محفوف بالمخاطر، لأنه سيدفع روسيا والصين للتدخل، باعتبار إيران حليفًا استراتيجيًا في وجه الهيمنة الغربية.
---
ثالثًا: أين العرب من كل هذا؟
السؤال الصادم هو: أين العرب؟