بقلم : روشان الكايد - في قلب الجغرافيا المتأججة بالاضطرابات، تقف الحرب المحتملة بين محور واشنطن-تل أبيب من جهة، ومحور طهران من جهة أخرى، على شفا انفجار قد يمتد ليبتلع الإقليم بأسره .
فهل هذه الحرب قدر لا مفر منه ؟ هل هي حرب ضرورة ؟ أم أن هناك نافذة للسلام لم تُغلق بعد ؟
منظّرو الحرب في الغرب، وفي إسرائيل، يسوقونها كـ"حرب ضرورة" بذريعة مواجهة مشروع نووي إيراني يهدد أمن إسرائيل ويقوّض النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط ، في المقابل تنظر إيران إلى صراعها مع إسرائيل كصراع وجودي، مدفوعاً بتاريخ من العداء، واستباحة سيادتها، واغتيال علمائها، وعقوبات خانقة تطوّق اقتصادها وشعبها .
في هذه المعادلة، يغدو الخطاب العسكري متقدماً على السياسي، وتتحول أدوات الردع إلى لغة يومية، اغتيالات، هجمات سيبرانية، قصف متبادل، واستعراض للقوة في مضيق هرمز وسوريا والعراق ولبنان وغزة، وكأن الجميع يستعد لمعركة عنوانها : لا بديل عن النار .
لكن، ماذا عن السلام ؟
السلام، رغم ضبابية المشهد، ليس مستحيلا، هو خيار موجود، وإن كان محاصراً بأوهام الهيمنة وشهوة الردع فالمعادلة الدولية لا تزال تؤمن_ ولو شكلياً_ بالدبلوماسية كمسار بديل للحرب، وقد أثبتت تجارب سابقة – من الاتفاق النووي عام 2015 إلى وساطات عُمان وقطر – أن التفاهم، وإن تعثر، ليس وهماً .
السلام لا يعني التصالح الكامل، بل إدارة الصراع ضمن حدود معقولة، تحقن دماء الأبرياء، وتمنع المنطقة من الانزلاق إلى حرب كبرى قد تتورط فيها قوى عالمية أخرى، وتجعل من الشرق الأوسط ساحة حرب عالمية ثالثة مصغّرة .
في المحصلة
ليست الحرب بين إيران وواشنطن/إسرائيل قدراً محتوماً، هي خيار، وليس حتمية . والقول إنها "حرب ضرورة" يخفي خلفه مصالح استراتيجية كبرى، تتعلق بتوازنات الطاقة، وأمن إسرائيل، واحتواء النفوذ الصيني والروسي المتزايد .
لكن في المقابل، فإن السلام أيضاً خيار، خيار صعب يتطلب شجاعة سياسية، وخروجاً من منطق الثأر والتوسع، فالحروب تبدأ بسهولة، لكن لا أحد يملك توقيت نهايتها، ولا حجم فواتيرها .
فهل يملك صناع القرار في طهران وواشنطن وتل أبيب الحكمة لوقف العربة قبل أن تنحدر في منحدر الجنون ؟
هذا هو السؤال الحقيقي ...
#روشان_الكايد
#محامي_كاتب_وباحث_سياسي