الضربة الكبرى الشرق الأوسط يعاد تشكيله من جديد
شرق أوسط بلا وكلاء لحظة التحول الكبرى
فجر 13 حزيران 2025 سجّلت المنطقة واحدة من أعقد الضربات العسكرية في تاريخها الحديث غارات إسرائيلية مكثفة استهدفت منشآت عسكرية ونووية إيرانية تلاها رد إيراني محدود ولكن رمزي استهدف مواقع داخل إسرائيل لم تكن هذه الضربة حدثاً عسكرياً معزولاً بقدر ما كانت إعلاناً صريحاً عن بداية مرحلة جديدة في خارطة القوى الإقليمية والدولية
الضربة الإسرائيلية رسائل تتجاوز طهران
وفق مصادر غربية وعسكرية متقاطعة جاءت الضربات الإسرائيلية بمباركة أميركية صريحة دونالد ترامب الرئيس الأميركي الأسبق صرّح في مؤتمر صحفي
لقد كنّا نعلم وندعم بالكامل أي تحرك يحول دون حصول إيران على السلاح النووي أمن إسرائيل هو من أمن العالم الحر
توقيت الضربة تزامن مع تعثّر المفاوضات النووية في فيينا ما يؤكد أن إسرائيل لم تعد تقف على هامش التفاهمات الكبرى بل أصبحت لاعباً رئيسياً ضمن معادلة الردع والمفاوضة الضربة كشفت أن إيران رغم خطابها الناري ليست في وضع يسمح لها بخوض مواجهة شاملة وأن حساباتها أصبحت أكثر تعقيداً بسبب التحولات الإقليمية
إيران بين الرد المحدود والاحتواء الإجباري
ردّ إيران الصاروخي كان محدوداً محكومًا بهاجس تفادي الحرب الشاملة وهو ما وصفه الخبير الأميركي في الشؤون الإيرانية "راي تاكيه" بقوله
"إيران تعرف أن أي تصعيد مفتوح سيجرّها إلى سيناريو شبيه بالعراق أو سوريا الرد كان لتثبيت الهيبة دون كسر قواعد اللعبة"
ولكن المعادلة تغيرت لم تعد طهران قادرة على المناورة بسهولة عبر وكلائها الإقليميين فالإجماع الإقليمي ضد التوسع الإيراني آخذ في التبلور مدفوعًا بمشروع شرق أوسط جديد تقوده المملكة العربية السعودية
السعودية والشرق الأوسط الجديد: القيادة من بوابة الاستقرار
الضربة الإسرائيلية – الأميركية تزامنت مع تصعيد سعودي دبلوماسي وعسكري واضح ضد المحور الإيراني - التركي - الإخواني الرياض التي نجحت في رسم ملامح تحالف إقليمي عربي - متوسطي أصبحت تُرى في الغرب كقائد فعلي لترتيب الأمن الإقليمي
في خطاب غير مسبوق أمام مجلس العلاقات الخارجية في لندن قال وزير الخارجية السعودي
"لا يمكن أن نسمح لقوى فوضوية – أياً كانت مرجعياتها – أن ترتهن استقرار منطقتنا ومستقبل شعوبنا"
هذه القيادة الجديدة تهدف إلى تحييد إيران وتقليم أظافر تركيا الإخوانية ونسف بقايا تنظيم الإخوان من ليبيا إلى السودان إلى الأردن وغزة الدور السعودي مدعوم بإسناد مصري إماراتي وموافقة أميركية وأوروبية ضمنية
تداعيات جيوسياسية ما بعد الضربة ليس كما قبلها
1_ نهاية حلم إيران النووي؟
بصورة شبه مؤكدة فإن المنشآت الإيرانية تعرضت لضربات دقيقة ألحقت بها ضرراً بالغاً حسب صور أقمار صناعية تداولها حلف الناتو لاحقًا هذه الضربات جعلت الطريق أمام إيران نحو القنبلة النووية أطول بكثير بل وقد تكون غير قابلة للعودة على المدى القريب
2_ الإخوان المسلمون إلى الزوال
الضربات وجهت رسائل غير مباشرة إلى التنظيمات المتحالفة مع إيران وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين الخطاب الدولي والإقليمي الجديد يصنف الجماعة كخطر أمني مماثل للحوثيين وحزب الله وقد بدأت دول عدة منها الأردن ومصر وتونس في اتخاذ خطوات فعلية نحو تحجيم نفوذهم داخل مؤسسات الدولة والمجتمع
3_ المضائق البحرية ممرات النفط مؤمنة
ضمان حرية الملاحة في مضيقي هرمز وباب المندب أصبح أولوية قصوى لحلف الناتو والسعودية بالتعاون مع مصر تشكيل تحالف بحري جديد بقيادة أميركية - سعودية يضمن حماية خطوط التجارة الدولية في وجه التهديدات الحوثية والإيرانية
4_ القضية الفلسطينية من الوكالة إلى الاستقلال
تحجيم الأذرع الإيرانية في غزة لا سيما حماس والجهاد سيعيد التوازن داخل المعادلة الفلسطينية هناك محاولات لإعادة تموضع السلطة الفلسطينية وتقديم مبادرات عربية جديدة برعاية سعودية - مصرية تهدف لوقف العنف وإعادة الإعمار واستعادة القضية الفلسطينية من يد العسكرة والتبعية
5_ مصر الحصن الجنوبي يعود لدور
القاهرة ترى في الضربة بداية إعادة التموضع الإقليمي بما يخدم مصالحها القومية خاصة في ظل التوتر مع إثيوبيا وفي شرق المتوسط تعزّز مصر تحالفها مع السعودية والإمارات في ملف الإخوان وإيران معاً مع تحرك نحو استعادة دورها كقوة ضامنة للاستقرار العربي
6_ الأردن صعود في قلب المعادلة الجديدة
الأردن الذي عانى لعقود من عبء اللجوء ومن تغلغل الإخوان يجد اليوم نفسه في موقع استراتيجي فريد المملكة تتحرك بانسجام كامل مع المشروع العربي الجديد وتشارك بفعالية في التحالفات الأمنية والسياسية دعم استقرار الأردن أصبح أولوية للسعودية والغرب باعتباره جدار الصد الأخير شرقاً
شرق أوسط بلا وكلاء
الضربة الإسرائيلية وإن كانت موجّهة عسكرياً لإيران فإنها موجهة سياسياً لكل من يستخدم "الوكالة" كأداة نفوذ في المنطقة المشروع العربي الجديد بقيادة السعودية يعيد تعريف مفهوم السيادة والأمن ويستهدف شرق أوسط بلا ميليشيات بلا إخوان بلا فوضى
قال الجنرال الأميركي المتقاعد جاك كين
العالم يتغير والمنطقة الآن في طريقها لأن تُحكم من عواصم مسؤولة لا من أنفاق في الجنوب اللبناني أو صعدة أو غزة
إنها بداية النهاية لعقود الفوضى وبداية لشرق أوسط متصالح مع نفسه يقوده العقل لا الأيديولوجيا