يا جماعة، سؤال محيّر بيطرح نفسه على الساحة الاقتصادية الأردنية، ويمكن على مائدة العشاء عند كثير من العائلات يلي صارت أصلاً "مائدة بخيلة" بسبب هالوضع: هل من المعقول إن كم شركة، عددها ما بيتجاوز أصابع الإيد الواحدة (يا دوب ثلاث أصابع كفايات، إصبعين للتشييك على الأسعار، وإصبع لرفعها بشكل جنوني)، تتحكم في السوق الأردني وتتحكم، يا ويل حالي، بقوت المواطن؟ لا وكمان تتحكم في أحلامه وطموحاته بأكل دجاج أو لحمة بدون ما ياخد قرض!
يعني بتيجي تشتري أي اشي أساسي، من السكر يلي صار "ذهب أبيض" والبعض بيفكر يستثمر فيه، لحد الزيت يلي سعره بخلّيك تفكر تشوي الأكل على الفحم أفضل، أو حتى الدجاج يلي صار زيارة "العم صقر" في المناسبات النادرة، واللحوم يلي لو تشوف سعرها بتصير نباتي غصبن عنك، بتلاقي نفس الأسماء بتتكرر قدامك. كأنهم عاملين "قعدة عرب" على السوق وقاسمينها بينهم بالحب والوئام، ولما تيجي تسأل عن المنافسة، بيطلعلك صوت من بعيد بيقلك: "منافسة إيش يا عمي؟ هو احنا بنلعب عسكر وحرامية؟ لا لا، احنا بنلعب "احتكار ومرابحة"، وهي اللعبة أصعب ومحدش بيفوز فيها غيرنا! والمواطن؟ هو الحكم، وبيقدر يشجعنا ويصفق لنا!".
الفكرة إنه لو بدك تفتح بقالة صغيرة، بتلاقي حالك بتواجه "جيش" من الشركات الكبيرة اللي بتبيع نفس المنتج، بس بكميات هائلة وأسعار مرات بتخليك تحس إنك عايش ببلد ثاني... يمكن المريخ مثلاً، أو حتى "كوكب السعادة" حيث الأسعار خيالية. يعني لما بتحط إيدك على أي منتج من هالـ"رباعي المرح"، بتشم ريحة "احتكار" بسيطة، أو خلينا نقول "تكتل ودي حميمي" بين الشركات، بحيث الكل راضي والكل كسبان (من جيبتك طبعاً)، إلا مين؟ المواطن المسكين اللي بيحاول يوازن بين راتبه يلي يا دوب يكفيه لأسبوع، وبين باقي الشهر يلي بيقضيه على "نظام التقشف الطارئ" أو "ديون حسن الجوار" يلي ما بتخلص!
والمشكلة إنه هاي الشركات، مع كامل احترامنا لها ولجهودها الجبارة في السيطرة على السوق (ويا ريت لو بيعملوا دورات تدريبية للسيطرة على الكوكب كله، بلكي استفدنا منهم)، بتصير هي اللي بتحدد سعر السكر، وهي اللي بتحدد سعر كيلو الدجاج (ويا ريت لو بيعملوا خصم على الأجنحة والرُقاب، بلكي صارت وجبة كاملة)، وهي اللي بتحدد إذا كنت رح تاكل لحمة اليوم ولا رح تضل على العدس (مع كل الحب والتقدير للعدس، بس مش كل يوم يا جماعة الخير! صار المواطن بده يلبس بدلة رسمية عشان يطلب صحن لحمة). بتصير كأنها "أوصياء" على قوت المواطن، وكأنهم بيقلك: "هذا اللي موجود، إذا بدك أهلاً وسهلاً، وإذا ما بدك... في غيرك كتير جايين بسياراتهم الفارهة وما عندهم مشكلة يدفعوا ضعف السعر، وياكلوا وجبتين كمان!"
يا عمي، وين روح المنافسة؟ وين الأفكار الجديدة؟ وين الفرص للشباب اللي بدها تفتح مشاريعها وتكسر هالروتين وتنافس هالـ"عصابة"؟ بتيجي بدك تبدع، بتلاقي باب الإبداع موارب، وبتقلك: "استنى يا حبيبي، نشوف إذا في مكان إلك بين العمالقة! بس بشرط، تكون جاي ومعك صك ملكية بنك، عشان تقدر تجارينا في أسعار كيلو اللحمة وعلبة الزيت!".
المواطن الأردني صراحة، صار عنده دكتوراه في فنون "التوفير الإجباري" و**"التدبير الإبداعي"** و**"التنقيط العبقري"**، وهذا كله بفضل هالوضع الاقتصادي يلي بخلي الواحد يحس إنه ماشي بحقل ألغام أسعار، وكل ما يمشي خطوة بينفجر سعر كيلو السكر، أو سعر دجاجة كاملة! وصار يتطلع على فواتير المشتريات وكأنها لوحة فنية تجريدية، ما بتفهم منها اشي غير الرقم الأخير يلي بيصدمك صدمة العمر، وبخليك تدور على أقرب كرسي عشان ما توقع من طولك!
فيا ريت المسؤولين يطلوا نظرة على هالسوق، ويشوفوا كيف ممكن نخلي "أصابع الإيدين" أكثر، ونفتح المجال للمنافسة الحقيقية، عشان كل إيد تاخد حقها، والمواطن ياخد "قوته" وهو مرتاح (يعني مش على طول السنين اللي جايّة)، بدل ما يضل يحسبها ألف مرة قبل ما يشتري أي اشي! ويمكن لو صارت منافسة، نصير نشوف عروض "اشترِ قطعة دجاج واحصل على الثانية مجاناً"... يا ريت والله!
حفظ الله الأردن والهاشميين.
بقلم المتقاعد العسكري نضال أنور المجالي.