في ظل التحديات العالمية المتسارعة، برز مفهوم الأمن الإنساني كأولوية لا غنى عنها، حيث انتقل التركيز من حماية الحدود إلى حماية كرامة الإنسان وضمان حرياته الفعلية ، ويأتي هذا التحول انطلاقاً من تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عام 1994، الذي غير النظرة التقليدية للأمن لتشمل أبعاداً إنسانية واقتصادية واجتماعية وبيئية ، وفي هذا السياق، يبرز الاستقلال كعنصر أساسي لبناء أمن إنساني متين، حيث يحرر الإرادة الفردية والجماعية ويعيد تعريف السيادة لتبدأ من الإنسان.
أبعاد الاستقلال وأدوات تمكينه
الاستقلال يتضمن عدة أبعاد مترابطة، لكل بعد منها أدوات تمكين خاصة :
1. البعد الروحي والقيمي: يرتكز على حرية الضمير والاتصال المباشر بالقيم العليا، ويمكن تعزيزه من خلال يقظة وجودية وتناغم القيم مع الفعل وصولابة معنوية.
2. البعد المعرفي والثقافي : يعتمد على إنتاج المعرفة لا استهلاكها، ويمكن تعزيزه من خلال تعليم نقدي وإتاحة معرفية مفتوحة وسيادة رقمية.
3. البعد الاقتصادي : يتمحور حول التحكم العادل والمستدام بالموارد، ويمكن تعزيزه من خلال تنويع إنتاجي وأمان وظيفي وشبكات حماية اجتماعية.
4. البعد السياسي والمؤسسي : يركز على المشاركة الفاعلة والشفافية، ويمكن تعزيزه من خلال ديمقراطية تشاركية وحكم القانون ومؤسسات رشيدة.
5. البعد البيئي : يتمثل في صون حق الأجيال في بيئة آمنة، ويمكن تعزيزه من خلال عدالة مناخية وإدارة مستدامة للموارد وحماية البيئة.
وضمن هذا السياق يتمظهر
الدور الأردني القيادي في تعزيز الاستقلال والأمن الإنساني
فالأردن، بقيادته الهاشمية، يقوم بدور ريادي في تعزيز الاستقلال والأمن الإنساني من خلال عدة مبادرات :
- جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين : برؤية تحديثية شاملة، يعزز الأردن من خلالها من دور الفرد في المجتمع ويتبنى خطابات متواصلة في المحافل الأممية حول أزمات اللاجئين وحل الدولتين.
- جلالة الملكة رانيا العبدالله : من خلال "مؤسسة الملكة رانيا للتعليم والتنمية"، تساهم في ترسيخ البعد المعرفي والثقافي للاستقلال عبر برامج التمكين الرقمي للفتيات واللاجئين.
- سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني : بمبادرات مثل "حقق" و"مختبر الابتكار والسيادة الرقمية"، مما يعزز من تمكين جيل جديد من الشباب في إنتاج المعرفة والقيادة الرقمية الآمنة.
وجدير بالذكر أن تحول المفهوم من الإستقلال التقليدي الضيق ، إلى المفهوم النوعي الشامل يشكل الأرضية القادرة على فهم وهضم المعطيات الجديدة للعالم الذكي ، والذي يطمح نحو شراكة فاعلة في الحكومة العالمية ، بالتالي فإن
تبني منظور شمولي للاستقلال ليس رفاهية فكرية، بل هو خطوة حاسمة لتهيئة الدول والأفراد لدور بنّاء في بنية "الحكومة العالمية" الناشئة ، والأردن، عبر قيادته الهاشمية والتزامه القيمي، يبرهن أن الأمن الإنساني يُبنى بتراكمات من سياسات عادلة ومؤسسات رشيدة ومجتمعات ممكّنة ، لا بل يرسم خريطة طريق إلى كرامة مستدامة ، سيما وأن الاستقلال ليس لحظة تاريخية فقط، بل هو مسار تحولي متواصل يرسي دعائم الكرامة البشرية ، عندما يتعمق البعد الروحي، ويُعتقد بالعلم والمعرفة، وتتحقق العدالة الاقتصادية، وتمارس الديمقراطية بشفافية، وتصان البيئة للأجيال القادمة، ويتحول الأمن الإنساني من شعار إلى واقع ملموس ، تلك هي الرسالة التي يحملها الأردن إلى العالم اليوم: ضمن قاعدة راسخة أنه من حيث يبدأ استقلال الإنسان، يبدأ السلام العالمي ... !! خادم الإنسانية .
مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن على المستوى العالمي .