الافتراءات التي ساقها موقع "ميدل إيست آي" بحق الأردن، لا تقل خطورة عن المخطط الإجرامي الذي استهدف أمن الأردن، وتم الكشف عنه الشهر الماضي. وبعلمنا أن الجهة التي تقف خلف المخطط هي نفسها التي زورت الافتراءات، يصبح واضحا أن الهدف واحد، وهو إضعاف الأردن، ومحاولة تكسير العلاقة وتحطيمها بين الدولة والمواطن، وصولا إلى إشاعة الفوضى الكاملة فيه، وهي "وصفة سحرية"، تحقق أهداف كثير من الجهات الساعية إلى تدمير البلد.
"اللطمة" التي وجهتها الدولة الأردنية لجماعة الإخوان المسلمين، والتي قضت باعتبارها جماعة منحلة ولا يحق لها العمل على الساحة المحلية بعد ثبوت تواطؤ أفراد منها على الإخلال بمنظومة الأمن الداخلية، أفقدت التنظيم الدولي اتزانه، فلم يعد قادرا على وزن الأمور، لذلك نراه يعمد إلى حيل مكشوفة ورخيصة باستهداف الأردن، ومحاولات النيل منه، والتجييش ضده، في سلوك هو أقرب إلى ممارسات العصابات، وقاطعي الطريق.
الأخطر من هذا، والأكثر غرابة كذلك، هو أن ما تقوم به هذه العصابة يكشف عن أنها لا تمتلك أي شرف في الخصومة، وأنها لا تتورع عن القيام بأي عمل أو سلوك، مهما كان تأثيره، فالحملة الأخيرة التي وجهتها إلى الأردن، وادعت من خلالها أن الأردن يتقاضى أموالا في مقابل إيصال المساعدات إلى غزة، لا تؤثر على المملكة فحسب، بل تؤثر كذلك على المساعدات نفسها، والتي يمكن لبعض الجهات أن تصدق مثل هذه الادعاءات المريضة، وبالتالي تتردد في التقدم بالمساعدات، ما سيؤدي إلى تفاقم معاناة أهلنا في غزة، والذين تدعي عصابة الإخوان أنهم أولوية في عملهم، غير أن الثابت هو أنهم يتخذونهم "سلما" لتحقيق مآربهم المريضة، ويتاجرون في معاناتهم وجراحهم، غير آبهين بشيء، سوى مصالحهم التي لا يتنازلون عنها لصالح أي قضية مهما كانت مقدسة وإنسانية.
الحملة الظالمة ضد الأردن لم تبدأ بـ"سموم ميدل إيست آي"، فقد امتدت منذ زمن، وتصاعدت في فترة ما بعد السابع من أكتوبر، وقد وجدت لها أدوات عديدة من محللين يدعون الخبرة والإلمام بالسياسة، ومواقع ومنصات إعلامية، وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، اعتادت على أن تكون مأجورة أو مغررا بها، وهي صفات لا تعفيها من المسؤولية.
الحملة تواصلت على مدار أشهر حرب الاحتلال الظالمة ضد القطاع، فرأيناها بأشكال وألوان وممارسات متنوعة، ويكفي أن نذكر كيف تم تصوير شاحنات مساعدات أردنية تعبر للضفة باتجاه القطاع، على أنها شاحنات تذهب للاحتلال، وتصوير المستشفى الميداني الأردني في نابلس على أنه لا يشتمل سوى على أكياس الموتى، وغيرها من الأباطيل والتجنيات التي استهدفت صورة الأردن وجهود شعبه.
الحملة اليوم، ورغم أنها تبدو على نطاق واسع، إلا أن المستهدف بتأثيراتها هو الداخل الأردني، فقد تم "تصميمها" لضرب العلاقة بين المواطن ودولته، في خطة تستفيد فيها هذه العصابة من توتر الأوضاع في المنطقة، والتعاطف الكبير في الشارع الأردني مع المأساة الفلسطينية التي نشهدها في قطاع غزة والضفة الغربية بشكل شبه يومي.
لقد قلنا، إن الجماعة لا تتمتع بأي شرف في الخصومة، ولا تتورع عن القيام بأي فعل لتحقيق مآربها وأجنداتها، لذلك ينبغي أن يكون هناك تغيير في إستراتيجية التعامل معها، إذ يبدو أن مبدأ "التجاهل" الذي تنتهجه الدولة الأردنية سوف لن يكون كافيا في ردع أخطارها ونواياها، خصوصا بعد أن أدركت أنها خسرت بلدا كانت تتمتع فيه بالحماية وحرية العمل والحركة، لكنها لم تصن هذه النعمة، فتآمرت عليه، وسعت إلى الإخلال بأمنه، إنفاذا لمشيئة الأسياد والمشغلين.
لا يمكن أن تستتب العلاقة على هذا الشكل، فالحملة تستهدف وطنا كاملا؛ مؤسسات وشعبا، والرد عليها ينبغي أن يأخذ في الاعتبار احتمالات الخراب التي يمكن أن تكون في حال طال السكوت عن الأذى!