الفاتيكان – لحظة لا تُشبه سواها ، حين أعلنت الكنيسة الكاثوليكية رسميًا وفاة البابا فرنسيس عن عمر ناهز 88 عامًا، لتُطوى بذلك صفحة استثنائية في تاريخ الحبرية، امتدت منذ العام 2013 وشهدت تحولات لاهوتية واجتماعية عميقة ، لم تكن ولايته عادية، بل كانت مرحلة جسور بين القارات، إذ دخل البابا القادم من الأرجنتين التاريخ كأول بابا غير أوروبي منذ أكثر من ألف عام، حاملاً معه لغة جديدة في الحوار، وهمًّا كبيرًا بالعدالة الاجتماعية ، وما بين
صمت الجرس ، واستدعاء التقليد والروحانية ، وفور إعلان الوفاة، تحرّكت آليات الفاتيكان نحو أعظم طقوسها وأشدّها قداسة وغموضًا: الكونكلاف ، وهو اجتماع الكرادلة الذي يُعقد داخل كنيسة سيستينا لاختيار خليفة بطرس الجديد، حيث تتقاطع الأقدار الروحية مع الحسابات الجغرافية والتيارات اللاهوتية ، 117 كاردينالًا، جميعهم دون الثمانين، جاؤوا من قارات العالم الخمس، ومعظمهم من المعيّنين في عهد البابا الراحل، ما يُبقي فكره الإصلاحي حاضرًا في حسابات الخلف ، أما عن طقوس انتخاب الحبر الأعظم ، والعزلة المقدّسة ، ففي صباح يوم التصويت، يتقدّم الكرادلة نحو كاتدرائية القديس بطرس لأداء قدّاس خاص، ثم يسيرون بتقليد كنسي عريق إلى كنيسة سيستينا. هناك تُغلق الأبواب ويبدأ زمن السرّية المُطلقة ، كل أدوات التنصت تُمنع، وأي خرق يُواجه بعقوبات صارمة، قد تصل إلى الطرد من سلك الكنيسة ، وفي الداخل، تُوزع أوراق تصويت يكتب عليها الكرادلة تحت العبارة الشهيرة "Eligo in Summum Pontificem"، قبل أن يضعوا بطاقاتهم داخل كأس على المذبح، في مشهد يُجسد طقسية تمتد لقرون ، والفوز يتطلب ثلثي الأصوات، وفي حال عدم حصول أي مرشح عليها، تُعاد جولات التصويت أربع مرات يوميًا على مدى أيام، تفصلها صلوات ومشاورات هادئة خلف الجدران التاريخية ، ويكون الدخان الأبيض ، إشارة العالم إلى التغيير ، نعم ، فحين يُحرق التصويت، أو أوراق التصويت، ينظر العالم إلى السماء، تحديدًا نحو المدخنة الشهيرة أعلى كنيسة سيستينا ، فإذا كان دخان أسود؟! لم يُنتخب البابا بعد ، وإذا كان دخان أبيض؟! تكون رمزية حول اختير الأب الجديد لكنيسة يبلغ عدد أتباعها أكثر من مليار و200 مليون إنسان ، ويكون الجميع في انتظار اللحظة الأعظم ، لحظة ظهور البابا الجديد ، سيما وأنه
بعد الدخان الأبيض، تبدأ واحدة من أكثر اللحظات قدسية في الطقوس العالمية، ظهور البابا الجديد على شرفة كاتدرائية القديس بطرس، بعد أن يُعلن الكاردينال المكلّف، غالبًا جان-لويس توران، العبارة التي تهزّ الساحة: "Habemus Papam" – "لدينا بابا" ، نعم ، ويُطلّ القائد الجديد مرتديًا البياض، يبتسم بخشوع، يُلقي أولى كلماته، ثم يمنح بركته للمدينة والعالم، وتبدأ مرحلة جديدة من تاريخ الكنيسة والإنسانية معًا ، بالتالي ليست وفاة بابا حدثًا فاتيكانياً فحسب، بل لحظة عالمية تتقاطع فيها السياسة والإيمان، المخاوف والآمال ، فاختيار خليفة فرنسيس سيكون رسالة حاسمة: إما نحو الاستمرار في نهج البابا الراحل المائل إلى الإصلاح والتقريب، أو عودة إلى تيارات محافظة تخشى التفلت اللاهوتي في عالم سريع التغير ، و
في هذه اللحظة المصيرية، يعود العالم ليسأل: هل ستكون الكنيسة صوت الضمير الإنساني في القرن الحادي والعشرين؟!! أم أنها ستنغلق على ذاتها في مواجهة عاصفة العصر الحديث؟!! وبالطبع
الجواب ينتظر ظهور silhouett جديدة على شرفة القديس بطرس ... !! خادم الإنسانية .
مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .