في ليلة هادئة، بينما كان "سالم" يتقلب على فراشه، داعب خياله حلمًا ورديًا. رأى في منامه مشهدًا مهيبًا: جميع أصحاب المعالي والعطوفة، الوزراء والنواب والأعيان والوزراء السابقون والمدراء، يقفون صفًا واحدًا بوجوه مشرقة.
في قلب هذا المشهد، أعلن صوت ودي: "تلبية لنداء الواجب والإنسانية، قرر الاغنياء التبرع براتب شهر كامل لصالح مشروع خيري يخدم أبناء الأردن."
اتسعت عينا سالم في الحلم وهو يرى الأرقام تتطاير وتتجمع، راتبًا إلى راتب، حتى تشكل مبلغًا ضخمًا، ملايين الدنانير تلمع في سماء الحلم كنجوم متلألئة.
ثم انتقل به الحلم إلى أرض واسعة خضراء، حيث كانت تُشترى أعداد كبيرة من الأبقار الحلوب الأصيلة. لم تكن مجرد أبقار، بل كانت "بقرات الخير" كما سماها صوت الحلم.
بدأ سالم يرى كيف يتم توزيع هذه الأبقار على الأسر الفقيرة في مختلف أنحاء المملكة. لم تكن تُعطى كهبة مؤقتة، بل كأصل منتج يغير حياتهم.
في الحلم، رأى الأطفال الفقراء يشربون حليبًا طازجًا مغذيًا، توردت وجوههم الشاحبة وعادت إليهم البسمة. رأى الأمهات يصنعن الألبان والأجبان في بيوتهن، ليس للاستهلاك فقط، بل لبيعها في الأسواق المحلية، مما يوفر لهن دخلًا ثابتًا يحفظ كرامتهن.
توسع المشروع في حلم سالم ليصبح منظومة متكاملة. تم إنشاء مراكز تجميع للحليب بإدارة محلية، مما خلق فرص عمل جديدة للشباب العاطل عن العمل في تلك المناطق. ظهرت ورش صغيرة لصناعة منتجات الألبان بأيدي أبناء الأسر المستفيدة، مما أضاف قيمة للمنتج وفتح أسواقًا أوسع.
تساءل سالم في حلمه عن الأرقام، فجاءه الجواب بصوت هادئ: "كل بقرة حلوب يمكن أن تنتج ما يقارب 15-20 لترًا من الحليب يوميًا. إذا تم توزيع آلاف الأبقار، فإن كمية الحليب المتوفرة ستكون هائلة، مما يغذي الأطفال ويخفض أسعار الحليب في الأسواق لصالح جميع المواطنين."
أما عن البطالة، فقد رأى سالم في حلمه عشرات الشباب الذين وجدوا فرص عمل في رعاية الأبقار، وفي مراكز تجميع الحليب، وفي نقل المنتجات وتسويقها. لم تكن مجرد وظائف، بل كانت بداية لحياة كريمة ومستقبل واعد.
في نهاية الحلم، رأى سالم صورة بانورامية للأردن، حيث الابتسامة تعلو وجوه الأطفال، والأسر الفقيرة مكتفية، والشباب يعمل بجد ونشاط. كانت البطالة تتراجع تدريجيًا، والاقتصاد المحلي ينتعش بحركة دؤوبة.
استيقظ سالم من نومه وقلبه يخفق بالأمل. كان مجرد حلم، لكنه حمل في طياته فكرة رائعة وإمكانية حقيقية للتغيير، لو تكاتفت الجهود وتوحدت النوايا لخدمة الوطن والمواطن. ظل سالم يفكر في "بقرات الخير" وكيف يمكن لحلم بسيط أن يصبح واقعًا مزهرًا.
حفظ الله الاردن والهاشميين
المتقاعد العسكري نضال انور المجالي.