في عمق العتمة الممتدة على قطاع غزة، تتوهج قلوب الأردنيين كما لم تفعل من قبل ، يخرجون من بيوتهم، من مكاتبهم، من مدارسهم، يخرجون من صبرهم الطويل ومن تاريخهم الحافل بالمواقف النبيلة، حاملين وجدانًا لا تحكمه المصالح، بل تفيض به فطرةٌ نذرت نفسها لفلسطين ،
فمنذ بدء العدوان الإسرائيلي الهمجي، لم يكن الشارع الأردني صامتاً، بل كان الصدى الأعلى عربياً وعالمياً ، آلاف الأردنيين يصرخون باسم غزة، يرفعون رايات الكرامة، يكتبون على جدران الزمان أن هذا الشعب لن يخذل شعباً يراه مرآته، ويمد له اليد لا منّةً، بل حقاً متجذراً في ضمير أمة ، و
لكن، وفي مفترق خطير، حيث امتزج الدمع بالغضب، بدأت خيوط التوظيف السياسي تظهر في المشهد ، بدا وكأن هناك من أراد أن يستثمر الألم، لا أن يشاركه، أن يوظف النزف الفلسطيني لتصفية حسابات داخلية لا علاقة لها بغزة ولا بقضيتها، بل لغاياتٍ مريبة تسيء لوطن احتضن كل قضايا الأمة وفتح قلبه قبل حدوده ، في الوقت الذي تجد فيه
حرية التعبير في الأردن مصانة بالدستور، والاحتجاج السلمي مكفولٌ ومشروع، لكن الوطن ليس ميداناً لتجريب الانفعالات أو ركوب الأمواج ، والذين يدفعون ببعض اليافعات إلى الصفوف الأمامية، مدفوعاتٍ برمزيةٍ مصوّرةٍ تهدف إلى إثارة المشهد، لا يناصرون فلسطين بقدر ما يختطفون صوتها النقي ليجعلوه نشازاً في ساحة نقية ، وليس الأمر تساؤلاً بسيطاً، بل استشعار لخطرٍ حقيقي: من يقف وراء هؤلاء ؟!! من يخطط لهذه الشعارات التي لا تشبه الأردن ولا فلسطين؟!! من يريد لهذا البلد أن يشتبك مع ذاته بينما أعداء الإنسانية يقصفون الأطفال في غزة؟!! من الذي يسعى لتشويه صورة الأردن المشرّفة في كل مكان في العالم ، والملتزمة تاريخياً بقضية فلسطين كما لم تفعل أي دولة على وجه الأرض ؟!! لكن من يجهل طبيعة العلاقة بين القيادة الهاشمية والشعب الأردني، يفعل ذلك ، لأنه لا يفهم شيئًا من معادلات الشرق الأوسط ، فضلاً عن أنه لم يستوعب بعد أن الأردن ليس ساحة فراغ سياسي، بل وطن قائم على عقد روحي بين شعب وفيّ وقيادة اختارت أن تكون ضميراً للإنسانية، لا حاكماً فحسب ، فجلالة الملك عبدالله الثاني، هو الصوت الأعلى في العالم اليوم لنصرة غزة، وقد تجلّى في كل محفل كزعيم إنساني، لا مجرّد قائد دولة ،
ومن يتجرأ على المساس بالثقة المتبادلة بين الأردنيين وقيادتهم، إنما يعبث بالنسيج الأخلاقي لهذا الوطن، ويحاول يائساً أن يفتت ما لا يُفتت ، المسألة ليست بين أفراد ومؤسسات، بل بين مشروع وطني متماسك، ومحاولات تهشيم لا تنتمي إلا لفكر الفوضى ، وهنا نحن لا ندوّن رأياً عابراً، بل نسجل شهادة أمام التاريخ: لم نجد مثل الهاشميين نبلًا، ولم نسمع صوتًا إنسانيًا في زمن الحرب يعلو على صوت جلالة الملك عبد الله الثاني ، هذا الإنسان الذي يعلّم العالم كيف تكون القيادة رحمة، وكيف يكون الموقف شرفًا ، فحين يتحدث، نصمت ، ونتعلم منه ، في لحظة لا تحتمل العبث ، ويبقى أن يعرف الجميع أن الأردن ليس مجرد دولة، بل قلب نابض بالإنسانية، ووجدان حيّ في وجدان العالم ، ومن يحاول أن يصطاد في دماء غزة، سيسقط أمام ضمير هذا الشعب وأمام ضمير الهاشميين الذين حملوا منذ مئة عام رسالة السلام لا السلاح، الرسالة لا المتاجرة، الحق لا الادّعاء ، أوقفوا التوظيف الرخيص، واحموا جوهر الموقف ، فغزة تحتاج المواقف، لا الصور الفوضوية ، فلسطين لا تريد شعارات غوغائية، بل دعماً صادقاً كما يفعل الأردن ، وشعبنا الذي وقف مع كل المقهورين في هذا العالم، لن يقبل بأن يُستغل أو يُدفع إلى معارك لا تشبهه ،
والمشهد اليوم فرز بجلاء ووضوح تام ، بين من يحب الوطن ويخدم القضية، وبين من يدعي حب القضية ليطعن الوطن ... !!
نعود ونذكر :
إياكم وخطوطنا الحمراء، إياكم وهاشميينا، إياكم وجيشنا وأجهزتنا الأمنية وفي مقدمتها المخابرات العامة ، إياكم وشعبنا النبيل، إياكم والتغريد خارج السرب الأردني العربي الإنساني ،
حمى الله الأردن " المجمع الإنساني الأعظم على المستوى العالمي " وحمى الله هدية السماء: الملك الإنسان عبدالله الثاني بن الحسين ، وحمى الله أهل غزة ، قلب فلسطين، ووجدان الأمة، ونبض الأحرار في العالم ... !! خادم الإنسانية .
مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .