في ظل التصعيد المتواصل وتبادل الرسائل النارية بين إسرائيل وإيران، وفي ظل كواليس الاتفاق النووي بين واشنطن وطهران، تبدو المنطقة وكأنها على أعتاب مواجهة عسكرية شاملة .
بدأ العداء الإيراني الإسرائيلي يشكل محوراً ثابتاً في معادلات الشرق الأوسط، والأشهر الأخيرة شهدت تحولات نوعية في طبيعة المواجهة، فالهجمات المتبادلة، سواء السيبرانية أو عبر الوكلاء الإقليميين، تصاعدت حدتها بشكل غير مسبوق .
اغتيال قيادات عسكرية، ضربات جوية استهدفت مواقع حساسة، واتساع نطاق الاشتباك ليشمل ميادين جديدة كالساحة السورية والعراقية وحتى داخل العمق الإيراني، كلها مؤشرات على أن الصراع خرج من إطار "الحرب الباردة" إلى مرحلة "ما قبل الانفجار" .
مصادر استخباراتية غربية متعددة تحدثت في الأسابيع الأخيرة عن استعدادات إسرائيلية أمريكية متقدمة لتوجيه ضربة قوية ومباشرة، لمنشآت نووية أو عسكرية إيرانية .
التعبئة الإعلامية والتدريب على مثل هذه السيناريوهات ليس جديداً، لكن توقيت التحضير الآن يعكس جدية أكبر في نية التنفيذ .
على ما يبدو أن أمريكا وإسرائيل تعتبران أن تجاوز إيران لخطوط معينة في مشروعها النووي – سواء في نسبة التخصيب أو تخزين اليورانيوم – يعني اقترابها من "نقطة اللاعودة"، وهو ما لن تسمح به تل أبيب وواشنطن تحت أي ظرف .
فهل صحيح أن الضربة الأمريكية _الإسرائيلية لإيران قابت قوسين أو أدنى ؟؟
وهل طهران مستعدة للرد ؟؟
وهل ستكون دول أخرى ساحة للحرب ؟؟
وما هو موقف حلفائها في روسيا والصين ؟؟
وهل ستُجر دول أخرى للحرب بإرادتها أو ستفرض عليها ؟؟
واخيراً ما هو شكل وكُلف هذه الحرب ؟؟
هنالك من يقول أن إيران بدورها لن تقف مكتوفة الأيدي فرغم العقوبات الخانقة والضغوط الاقتصادية، حافظت طهران على قدرات عسكرية متطورة، تشمل ترسانة صاروخية ضخمة وأذرع مسلحة في اليمن ولبنان والعراق وسوريا .
وَرأي آخر يرى أن إيران قد ربحت _بطاقة قضي الأمر_ ولن تكون المواجهة متكافئة .
التقديرات تشير إلى أن الرد الإيراني في حال المواجهة سيكون شاملاً، ولن يقتصر على ضرب أهداف داخل إسرائيل، بل سيمتد ليشمل مصالح أمريكية وقواعد عسكرية في الخليج، وربما إغلاق مضيق هرمز – الشريان الحيوي لنقل الطاقة العالمية .
القلق لا يقتصر على أطراف الصراع فحسب ...
دول الخليج، العراق، سوريا، ولبنان، كلها ستتأثر بشكل مباشر من أي مواجهة مفتوحة .
وقد تؤدي الحرب إلى موجة نزوح جماعي، وانهيار اقتصادي، وتهديد لإمدادات النفط، بل وربما إشعال فتيل صراعات داخلية جديدة .
كما أن القوى العالمية – الولايات المتحدة، روسيا، الصين، والاتحاد الأوروبي – ستكون مضطرة للتحرك، سواء عسكرياً أو دبلوماسياً، ما ينذر بتحول الشرق الأوسط إلى ساحة تصفية حسابات دولية .
ماذا بعد؟
المشهد الإقليمي بات أكثر تشاؤماً، الضغوط تتزايد، والأصوات المعتدلة تتراجع، والمنطقة تسير بخطى متسارعة نحو مواجهة كبرى، قد تكون الأخطر منذ عقود ما لم يتم احتواء التوتر بأعجوبة، فإن الأسابيع أو الأشهر القادمة قد تحمل تطورات دراماتيكية تُعيد تشكيل خارطة الشرق الأوسط بالكامل .
فهل نحن أمام "حرب الضرورة" كما تراها بعض الأطراف؟
أم أن هناك متسعاً لـ"سلام الفرصة الأخيرة"؟
#روشان_الكايد
#محامي_كاتب_وباحث_سياسي