كتب الدكتور : محمد الحسينات العبادي - الوطن هو الهوية، هو الانتماء، هو الذاكرة التي نحملها في قلوبنا أينما ذهبنا. هو المكان الذي ننتمي إليه بكل ما فينا ونعيش على ارضه، فالوطن ليس فندق نتناوب الإقامة فيه حين تسير الأمور على ما يرام، ونغادره عندما تسئ الامور. والوطن ليس مجرد مكان مؤقت، يمكن استبداله بآخر إذا لم تكن الخدمات فيه جيدة، أو إذا لم تتحقق فيه الأحلام.
الوطن ليس مجرد خدمات مادية أو فرص اقتصادية، بل هو جزء من كياننا، من تاريخنا، ومن مستقبلنا.
الوطن هو المكان الذي نعيش فيه ذكريات الطفولة والشباب، حيث نتعلم أولى خطواتنا، ونكتسب أولى معارفنا.
الوطن هو المكان الذي نعيش فيه لحظات الفرح والحزن، حيث نجد الأصدقاء الأحباء، وحيث ننتمي إلى مجتمع يشعرنا بالأمان والاستقرار وتسود بين ابنائه المحبه لا تسوده بين ابنائه الكراهيه والبغضاء. الوطن هو بيتنا الكبير، يستحق منا التقدير ،الشكر والثناء والمحافظة عليه والدفاع عن حياضه وترابه وعن امنه واستقراره، وأن نعمل من أجل رفعة واستقراره . فالوطن، مهما كان فيه من عيوب ومزايا، فيبقى المكان الذي ننتمي إليه، وهو المكان الذي نريد أن نرى أجيالنا القادمة تعيش فيه بكرامة وفخر.
أما تهديد الأمن والأمان في الاوطان فقد يأتي هذا الشر من داخل النفوس المريضة، متمثلاً بالنفس الأمارة بالسوء، أو من داخل بنيان الأمة من ثلة قليلة ضعاف النفوس ، هم المهزومين، المنافقين و الحاقدين، وقد يأتي أيضاً من خارج الحدود من أصحاب الأجندات الخفية المسمومة ومن الأعداء الذين يتربصون بالأمة كل مكروه وشر. فحماية الأمة الأوطان والدفاع عنهما بالسلاح ليس هو السبيل الوحيد في تحقيق الأمان والأمن فيهما وإنما يبدأ من محاسبه النفس الإمارة بالسوء وتعزيزها بتقوى الله العلي العظيم، ودعمها بنور الحق والهداية، والتمسك بأهداب الدين الحنيف. فالأسرة والمجتمع لكل واحد منهما يلعب دوراً كبيراً في هذا المقام في توجيه أبناء المجتمع بأكمله بالتوجيه الصحيح، وغرس حب الوطن في نفوسهم، وكذلك القطاعات التعليمية، والثقافية والإعلامية، كل له دوره المناط به، وفق أسس ومعايير ثابتة واضحة، فالمحافظة على الأمن مسؤولية الجميع، وكنز فريد لا يمكن التفريط فيه بأي حال من الأحوال، وليست مسؤولية الأجهزة الأمنية وحدها، بل مسؤولية أبناء الوطن جميعهم.أما خلايا الشر والقتل النائمة التي تسعى بكل وسعها في زعزعة الأمن وإثارة الفتنة، والمشكلات بين أبناء المجتمع الواحد. فإنه من الواجب على كل فرد من أفراد الوطن في أن يسهم بما يستطيع على تلك الجهات، على جبهات متعددة مثل جبهة جهاد النفس مطلوبة من كل منا، وفائز من استطاع الانتصار فيها، وخائب من خانته نفسه ،وفلت زمامها من يده، وانطلقت من عقالها إلى بحار الشهوات وخبيث السيئات. كذلك جبهة كشف الأعداء في الداخل والخارج، أو المنحرفين من أبناء الأمة مطلوبة من الجميع، كي لا يصبح هؤلاء طابوراً خامساً في زعزعة الأمن وإثارة الفتنة، والمشكلات بين أبناء المجتمع الواحد.
إن المسؤولية في المحافظة على الأمن مسؤولية الجميع الصغير والكبير، ذكوراً وإناثاً، علماء ودعاة ووعاظاً ومرشدين، وطلبة علم في تبصير الناس بحقيقة الإسلام الخالدة والمحافظة على هذه النعم الخيرة، التي أولها نعمة الإسلام، والأمن والأمان في بلدنا الحبيب، كما أن للمعلمين دورهم الكبير في توجيه الناشئة الوجهة الصحيحة، وإرشادها بعدم الانصياع إلى أقوال الحاقدين والمشبوهين، والمتلبسين بعباءة الإسلام! فبالتكاتف والتعاون والمؤازرة واليقظة يتحقق الأمن وجوداً واستمرارية بإذن الله تعالى.
وأولاً وأخيراً فإن النصر من عند الله، ولا أمان إلا بجوار الله "فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون" حفظ الله الاردن وشعبه وقيادته من شر الأشرار وكيد الفجار، وأدام الله نعمة الأمن والإيمان، أنه نعم المولى ونعم النصير