رغم أن قانون ضريبة الأراضي الجديد لم يُقرّ بعد رسميًا إلا أن مجرد طرحه للنقاش كان كفيلًا بإشعال جدل واسع في الشارع الأردني وسط حالة من الترقب والقلق القانون الذي يفترض أن يندرج ضمن حزمة من الإجراءات الإصلاحية لتحريك عجلة البناء والحد من الاحتكار العقاري يراه كثيرون خطوة مرتجلة تفتقر للعدالة والرؤية التنموية المتكاملة وتحمل في طياتها عبئًا إضافيًا ينهك المواطن بدل أن ينهض بالواقع العمراني في المقاهي وعلى وسائل التواصل وفي المجالس الشعبية لا يكاد يخلو حديث من السؤال: هل هذا القانون وسيلة لتنظيم السوق العقاري أم مجرد أداة جديدة للجباية؟ فبين مؤيد يتحدث عن ضرورة كسر الاحتكار ومتخوف يخشى الطرد القسري من أرضه تتجلى فجوة واضحة بين النصوص المقترحة والواقع المعاش أحد المواطنين وهو عامل بسيط يمتلك قطعة أرض صغيرة ورثها عن والده يصف القانون بمرارة قائلًا: "الأرض مش دايمًا استثمار أحيانًا بتكون أمان وستر للمستقبل كيف أدفع ضريبة سنوية وأنا مش قادر أبني؟" هذا التساؤل يعكس حال آلاف الأردنيين الذين يحتفظون بأراضٍ لأسباب اجتماعية أو معيشيةلا كمضاربة عقارية في الجهة المقابلة يردّ أحد مالكي العقارات في العاصمة: "فيه ناس معها أراضٍ من التسعينات وساكتة هذا نوع من الاحتكار لازم يكون فيه حافز أو حتى ضغط لتدوير عجلة البناء ووجهة نظر تعكس دعمًا لفكرة تنشيط السوق لكنها تصطدم بسؤال أوسع: هل البنية التحتية مهيأة أصلًا لهذا الحراك ؟ الإشكالية الأكبر في القانون المقترح أنه لا يميز بين الأراضي المخدومة وغير المخدومة ويُخضع الجميع لضريبة سنوية تصل إلى 10 دنانير عن كل متر مربع حتى في المناطق التي لا تصلها الكهرباء أو المياه أو الطرق تقول سيدة من الجنوب: "أرضي ما فيها مي ولا كهربا كيف بدي أبني؟ القانون ما بيشوف الواقع" المخاوف لا تتوقف هنا ، المزارعون بدورهم يشعرون أن أراضيهم الزراعية باتت مهددة يقول فلاح ستيني إذا الحكومة بتفرض ضرائب عليها الناس راح تترك الزراعة وتلجأ للبيع"
تخوفٌ حقيقي من تآكل الرقعة الزراعية مقابل تغوّل الاستهلاك العمراني دون ضوابط من جانبه يرى بعض الشباب أن القانون قد يفتح فرصًا للإسكان والمشاريع السكنية الجديدة إذا تم تعديله ليشمل إعفاءات للفقراء وتسهيلات للمستثمرين الجادين إلا أن هاجس انفلات الأسعار أو خلق سوق بيع إجباري يظل حاضرًا في أذهان الكثيرين في المحصلة ما يُجمع عليه الجميع أن القانون بصيغته الحالية يفتقر إلى العدالة ويُغفل واقع الفروقات الطبقي والجغرافية فهو لا يراعي القدرة على الدفع ولا يقدّم مقابلًا خدميًا ملموسًا كما أن غياب خطة موازية لتطوير البنية التحتية وتوفير قروض البناء يجعل من القانون عبئًا لا إصلاحًا المنطق الضريبي يفترض عدالة في التحصيل ومقابلًا في الخدمات وشراكة في التنمية لكن ما يحدث اليوم يبدو وكأنه نقل عبء التخطيط من الدولة إلى المواطن فبدلًا من تحفيز الاستثمار بالأدوات الذكية يُلوّح بعصا الضرائب في وجه الجميع الفقير منهم قبل الغني
في النهاية تبقى الكرة في ملعب المشرّعين فإما أن يلتقطوا نبض الشارع ويعيدوا صياغة القانون بروح شراكية عادلة أو يصرّوا على فرضه بصيغته الحاليةبما يحمله من مخاطر اجتماعية واقتصادية لا يُستهان بها.