إذا ما أردنا إطلاق تقييم لأداء حكومة الدكتور جعفر حسان بعد مئة يوم على تشكيلها، فلا بد ان نؤكد انها تمكنت خلال فترة وجيزة نوعا من الوصول بشكل أو بآخر للشارع الاردني، وهذا ما ظهر في تقرير مركز الحياة – راصد لمراقبة أداء الحكومة والذي بالمناسبة جاء بقياسات اقرب للواقع المُشاهد والملموس.
منذ اليوم الاول للحكومة كانت هناك استثناءات في أدائها، قاد هذه الاستثناءات الرئيس محددا نفسه بكتاب التكليف السامي، منتهجا اسلوبا مغايرا لما سبقه من حيث النزول الى الشارع والانتقال بين جنبات المملكة للاطلاع مباشرة على واقع الحال سواء للناس والاعمال، متخذا خلال فترة قياسية 153 قرارا بشكل عام، اكثر من ربعها اقتصاديا.
وفي قراءة لهذه القرارات، نجد أن الكثير منها تجسد خطوات عملية لتنفيذ خطط استراتيجية جاءت من خلال الجولات الميدانية للرئيس، اما القرارات الاقتصادية فكان جلها هاما جدا، واثاره على المديات المختلفة، فبعضها اثره فوري كونه متعلقا بالناس مباشرة.
أما القرارات الاكبر جاءت متعلقة بتعزيز الاستثمارات القائمة في المملكة وتهيئة بيئة استثمارية جاذبة بالمعنى الحقيقي، مع التركيز على مشاريع البنية التحتية أو تلك الاستراتيجية خاصة فيما يتعلق بقطاع الطاقة والقطاع الغذائي وغيرها، عدا عن إقرار تشريعات لتعزيز بيئة الأعمال في الاردن، وبالمناسبة خلال هذه الفترة تم التوقيع على اتفاقيات مشاريع بنية تحتية في قطاعات مختلفة.
ضمن جملة ما تقدم فان بعض هذه القرارات تحمل مفهوم «استراتيجية»، أي أن تأثيرها يحتاج لبعض الوقت، الا انه ممتد ومستدام لسنوات، واذا ما تم تنفيذها في اطار خطة عمل واضحة محكومة بجدول زمني ورجالات لديهم القدرة والصبر على التنفيذ مع متابعة للاداء بشكل حازم، فان الانعكاس على الاقتصاد الوطني عموما وعلى حياة الناس خاصة سيكون واضحا، ذلك انها تعمل على معالجة الادواء الاقتصادية على رأسها متلازمة البطالة والفقر.
واذا ما سألت عامة الناس عن مدى شعورهم بإيجابية أداء الحكومة خلال الفترة، لابد أن يكون مترددا، فالمواطن يحتاج الى استقرار اجتماعي منبعث من وظيفة ذات مردود شهري ثابت يؤمن له حياة كريمة، عدا عن ان هذا الامر ناجم عن اسباب متعددة منها وجود فجوة كبيرة بين لغة الاقتصاد والناس، الا أن الكثير يستسهل الحديث عن الشأن الاقتصادي، لتتعدد اراء مدعي الاقتصاد من عامة الناس ورغبة بعض المسؤولين بالتشدق والحديث عن الامر الاقتصادي تتوه حقيقة الواقع الذي نعيشه ونفقد معه بوصلة الارشاد، بمعنى أن مخاطبة الناس في هذا الامر صعب للغاية، ولابد من تبسيط الامور اكثر حتى تصل الرسالة.
يا دولة الرئيس.. لقد أتيت بما لم يأت به من سبقك وتحديت عامل الوقت فسبقته من خلال جملة القرارات التي اتخذتها حكومتكم، ومن الظلم عدم اعطائها حقها، لذلك فان من العدل لهذه الانجازات أن تصل الى الناس سواء كانت ذات تأثير قريب أو بعيد المدى عبر تبسيط الامور والحديث بسهولة.
لاشك أن لدى د.حسان الكثير ليفعله، ولا ننكر الأثر الايجابي لادائه شخصيا منذ استلامة زمام الامور، فالنظرة اليه ايجابية لحد كبير حتى أن اندفاعه إن صح التعبير لتحقيق شيء على ارض الواقع اصبح ملموسا لدى قاعدة من المواطنين لا يُستاهن بها فهو مثل لهم حالة تفاؤل متمايزة عن غيرها.
نأمل استمرار هذا النفس الجاد في العمل مع فريق وزاري اقتصادي يستطيع مجاراة الرئيس للاستغلال الامثل لعامل الوقت والذي هو الاهم في الانجاز ضمن أسس واضحة.